بقلم : هاني حبيب
هل نحن أمام جهد وطني جاد وفاعل ينهي حالة الانقسام الفلسطينية في ظل ما توصل إليه اللقاء القيادي الثنائي بين حركتي حماس وفتح قبل أيام، وهل أصبحت الإشكالات التي أعاقت التوصل إلى إنهاء الانقسام رغم كل الجهود من ورائنا، وهل بالفعل طوينا صفحة الاتهامات والتحريضات وتغليب التناقض الداخلي على التناقض الرئيسي مع الاحتلال، وهل تتوفر فعلاً آليات حقيقية يمكن معها توظيف كل إمكانيات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال خاصة آخر تجسيداته والمتمثلة بالضم وإعلان السيادة على البحر الميت وغور الأردن، وهل كل ذلك من شأنه أن يتمخض عن صياغة استراتيجية وطنية موحدة كفيلة بمواجهة كافة التحديات التي يفرضها استمرار الاحتلال؟
أسئلة كثيرة غير تلك التي طرحناها، برزت اثر الأجواء المشحونة بالود والإيجابية والقطع مع الإشكالات التي أعاقت المصالحة، والتي انطوت عليها تصريحات الطرفين أثناء اللقاء المشترك الذي ترجم بالفعل الموقف الفلسطيني الموحد رسمياً وفصائلياً وشعبياً في مواجهة صفقة القرن وتفاصيلها وفي الأصل مواجهة تحديات الاحتلال والاستيطان والتهويد والعدوان.
في قراءة سريعة وأولية لما ورد في هذا اللقاء، نعتقد أنه يجب وضع ملفات المصالحة جانباً ولو إلى حين واستبدال ذلك بتوافق أولي حول ملف واحد والمتعلق بمواجهة صفقة القرن بكل تفاصيلها، ذلك أنّ استعصاء ملفات المصالحة يجب ألا يشكل عقبة أمام التوجه نحو تعزيز وحدة وطنية فلسطينية على أحد أهم الملفات الخطيرة والمتعلقة بصفقة القرن، إذ لا يجب الانتظار إلى حين توفر الظروف المناسبة للتوافق على ملفات المصالحة المعقدة.
لم تقف ملفات المصالحة المعقدة حائلاً دون هذا اللقاء الذي لن يكتمل إلاّ بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الأرض، كذلك لم يعد المطلب بعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الذي تحفظت بعض الأطراف عليه شرطاً للقاء قيادي فلسطيني موسع وموحّد، فإن ترجمة ما جاء في هذا اللقاء يجب أن تقوم على دعوة القيادات الفلسطينية الفاعلة إلى لقاء موسّع مقرر وملزم بصرف النظر عن مسمى هذا اللقاء وبهدف وضع حجر الأساس لإقرار استراتيجية فاعلة لمواجهة الاحتلال وتجسيداته الأخيرة التي عبرت عنها صفقة القرن وعملية الضم وإعلان السيادة على الضفة الغربية المحتلة.
ولا نضيف جديداً حين نقول، إن العبرة لما يجري على الأرض، ولن نضيف جديداً عندما نقول، إننا نتعامل مع نتائج هذا اللقاء بحذر شديد ذلك أن الخطوات اللاحقة له وترجمتها على الأرض هي التي ستكشف عن أحد اتجاهين: الأول وهو المأمول والمطلوب بحيث تفضي هذه التجربة إلى تعزيز الجهود نحو إنهاء حالة الانقسام للاستفادة من هذه التجربة لإزالة المعيقات التي واجهت جهود استعادة الوحدة، أما الاتجاه الثاني والذي نأمل ألا يتحقق، وعلى ضوء الخطوات اللاحقة فيمكن لها أن تؤدي إلى التسليم بصعوبة وربما استحالة إنهاء الانقسام ما يؤدي إلى التوجه الضمني نحو الاعتراف بحقائق الوضع القائم والتعايش معه والتسليم به وهذا يعني اعترافاً بما يسيطر عليه كل طرف كأمرٍ واقع.
قد يهمك أيضا :
بين البيت الأبيض والكابيتول: الصفقة تربك أصحابها!
ما علاقة «الضم» باحتمال انسحاب ترامب من السباق الرئاسي ؟!