بقلم : هاني حبيب
تحوّلت الولايات المتحدة لتصبح بؤرة لوباء كورونا على مستوى العالم بتسجيلها أعلى نسبة بالمصابين والوفيات حسب إحصاءات أصدرتها جامعة جون هوبكنز، مؤخراً، تداولت وما تزال مختلف وسائل الإعلام كما يجري عادة تداول أرقام وإحصاءات تفصيلية حول نسب الإصابة والوفيات بين مختلف دول العالم، وعندما تأتي هذه الإحصاءات والبيانات والأرقام على الولايات المتحدة فإنها لم تلحظ إحصاءات للفئات المستهدفة من قبل الوباء بل يتم التعتيم عليها، لولا قيام خمسة أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس الأميركي بتوجيه رسالة إلى وزير الصحة والخدمات الإنسانية إليكس عازار للطلب من الحكومة الفيدرالية بنشر بيانات حول تفشي الوباء بحسب العرق، وذلك بعد أن لاحظ هؤلاء أن الوباء يستهدف بشكل مُركّز الأميركيين السود أكثر من نظرائهم البيض، ما كان من شأنه الإجابة عن سؤال محيّر «لماذا تزداد نسب الإصابة والوفيات في الولايات المتحدة»، ثم انضمت كريستين كلارك رئيسة لجنة المحامين للحقوق المدنية إلى هذا الطلب للإفراج الفوري عن بيانات الرعاية الصحية، بشأن العدوى والإصابات والوفيات والاختبارات لكل عرق، فيما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتأثير الفيروس على الأميركيين الأفارقة واعتبر ذلك يشكل مشكلة حقيقية أظهرتها البيانات التي اطلع عليها لمكافحة الأمراض.
أما فيما يتعلق بفيروس كورونا فإن هذه المراكز نشرت فقط بيانات العمر والموقع متجاهلة عمداً على الأغلب بيانات عن العرق، الأمر الذي يعتبر بالتأكيد محاولة لإخفاء حقيقة أن السياسة العنصرية الأميركية كانت وراء استهداف هذا الوباء للمواطنين من أصل إفريقي، ما يفتح ملف العنصرية من جديد. ومما تسرّب من بيانات محدودة فإنّ نسبة الوفيات من السود في مدينة شيكاغو بلغت 70% من جملة الوفيات بينما يُشكل هؤلاء ما نسبته 30% من السكان، أمّا في مقاطعة ميلووكي التي لا يتجاوز عدد السكان السود فيها 27% فقد بلغت نسبة الوفيات من السود فيها 81% وكذلك في معظم الولايات الأخرى بنسب متشابهة، لن أثقل على القارئ بياناتها ونسبها.
رغم ذلك، ولذلك فإن ملف العنصرية قد تم فتحه من جديد استناداً إلى ما تسرّب من أرقام وإحصاءات وتم نشر العديد من التحليلات التي أشارت في غالبها الى أن أسباب غزو الوباء بانتقائه للمواطنين الأميركيين السود هي نفس الأسباب التي أدت إلى تزايد نسب الوفيات من الأمهات والأطفال من السود قبل «كورونا» والتي تعود دون أدنى شك إلى المستويات المتدنية والمفقودة من الرعاية الصحية التي تحظي بها هذه الفئة من المواطنين السود والمظالم التاريخية التي تعرضت لها، وقد حان الوقت حسب هذه التحليلات، لتسمية العنصرية بأنها السبب الأكيد وراء هذا الظلم التاريخي وما أدى إليه من تداعيات وتأثيرات لتفشي وباء كورونا في أوساطها.
بعض التحليلات، رغم قلتها حاولت التعتيم على هذه الحقيقة من خلال الادعاء بأن جينات المواطنين السود أكثر قابلية لتلقي الفيروس، بينما ادعت تحليلات أخرى مشابهة إلى انّ المواطنين السود أقل ذكاء من المواطنين البيض وبالتالي فإنهم أعجز من أن يحصنوا أنفسهم من هذا الوباء، واستعاد هؤلاء ما سبق ونشره العالم الأميركي الحاصل على جائرة نوبل لعام 2014 جيمس واتسون وهو عالم وراثة وبيولوجيا جينية بادعائه أن الأبحاث أكدت أنّ الأفارقة عموماً ومن بينهم السود الأميركيون هم أقل ذكاء من المواطنين البيض، فهل يمكن اعتماد مثل هذه الأبحاث والاستناد إليها لتضليل وخداع الجمهور؟!
قد يهمك أيضا :
تحديات العمل الصحافي في زمن الـ «كورونا»
من أجل الأسرى: مبادرة "الغموض البنّاء"!