بقلم : هاني حبيب
يحكى أن توقيت زيارة وزير الخارجية الأميركية بومبيو الخاطفة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي مع عشية أداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية، كان مرتبطاً برسالة أميركية تتعلق ببسط السيادة الإسرائيلية على مستوطنات البحر الميت وغور الأردن في سياق صفقة ترامب، باعتبار أنّ هذه القضية، وفقاً لبعض الآراء كانت على رأس جدول أعمال الزيارة الخاطفة، لكننا نُقدّر أنّ هذه المسألة لم تحظ بهذا الموقع من جدول الأعمال، بالنظر إلى أنّ هناك تفاهمات مسبقة بهذا الشأن تشير إلى توافق أميركي إسرائيلي على أن لا تتم عملية إعلان السيادة إلاّ بعد استكمال دراسة الطواقم المشتركة للترسيم الدقيق للخرائط المتعلقة بعملية الضم وإعلان السيادة، وربما تناولت هذه الزيارة الخاطفة طلباً أميركياً بتأجيل هذا الإعلان من الأول من تموز القادم وفقاً للاتفاق الائتلافي الحكومي بين نتنياهو وغانتس إلى الخريف القادم وعلى مقربة زمنية مدروسة مع تصاعد الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية لكي يوفر هذا التوقيت بالقرار إسناداً عملياً لصالح حملة ترامب لولاية ثانية.
كما أنّ ترحيل ملف إعلان السيادة من الصيف إلى الخريف يوفّر المزيد من الوقت لدراسة التداعيات المحتملة لمثل هذا الإعلان واحتوائها بالقدر الكافي كي لا تُشكّل مخاطر غير مرغوبة، وحسب «هآرتس» فإن بومبيو قد صرّح قبيل اجتماعه بنتنياهو حول ما سماء خطة السلام: ما زال أمامنا عمل نقوم به، بينما قال في مقابلة مع صحفية «اسرائيل اليوم»: ناقشنا مسألة الضم واسرائيل صاحبة القرار بهذا الشأن، لكنه استدرك قائلاً: علينا التأكد من أنّ هذه الخطة تمت بالصورة المناسبة.
وفي تقديرنا أنّ إدارة ترامب تدرس بالفعل احتواء التداعيات المحتملة لإعلان السيادة خاصة مع الجانب الفلسطيني والعربي وكذلك مع الاتحاد الأوروبي، هذا الأخير أجّل قراره النهائي عدة أيّام مع احتمالات أنّ ذلك تم بضغط أميركي - إسرائيلي، مع ذلك فإن الجهود الأميركية الإسرائيلية بهذا الصدد ستتركز حول دراسة التداعيات الفلسطينية ومدى جدية القيادة الفلسطينية لإلغاء اتفاقات أوسلو باعتبار ذلك الخيار هو الأهم سياسياً في مواجهة قراري إعلان السيادة وصفقة القرن بشكلٍ عام ذلك أنّ هناك مؤشرات تؤكّد جدية القيادة الفلسطينية بتحويل هذا التهديد إلى قرار يحاول بعض القوى الإسرائيلية احتواءه كونه يشكّل عائقاً مع ظروف أخرى أمام إقرار إعلان السيادة.
واقع الأمر، أنّ هناك تفاهمات أميركية إسرائيلية بهذا الشأن لا تجعل من زيارة بومبيو الخاطفة تتركز على قرار إعلان السيادة وفي تقديرنا أن توقيت هذه الزيارة لم يكن مرتبطاً أساساً بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، بقدر ما هو أشد ارتباطاً مع الحرب المفتوحة والمعلنة من قبل إدارة ترامب على الصين، فقد شكّلت إسرائيل ثغرة واضحة في الحرب التجارية التي أعلنها ترامب على الصين فور وصوله إلى البيت الأبيض، واليوم، وفي سياق الحرب على الصين على خلفية وباء الكورونا، فإن إسرائيل لا تزال تشكل مثل هذه الثغرة، وذلك نتيجة العلاقات المتطورة نسبياً بين دولة الاحتلال والصين، فهذه الأخيرة استثمرت أكثر من 25 مليار دولار في السنوات الماضية في إسرائيل، كما سيطرت مجموعة اقتصادية صينية على إحدى أهم شركات التغذية في إسرائيل وهي شركة «تنوفا» عوضاً عن فوزها بمناقصات لإدارة ميناءي أسدود وحيفا وهما يقعان بالقرب من قاعدة بحرية عسكرية وذلك لمدة 25 عاماً.
إلاّ أن ما يقلق واشنطن يتعلق بتبادل منتجات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الحاسوب بين إسرائيل والصين والتي من الممكن استخدامها لأغراض أمنية وعسكرية، وبينما تخطط إسرائيل لإعادة النظر في مشاركة الصين في مناقصة لإنشاء محطة لتحلية المياه، فإن ذلك لم يوفّر ارتياحاً كافياً لإدارة ترامب التي تطالب إسرائيل بأكثر من ذلك، فقد أنقذت إدارة ترامب نتنياهو وعملت لصالحه أكثر من مرة، وعلى هذا الأخير أن يسد الدين والمشاركة الفاعلة في الحرب الأميركية على الصين.
وهذه كانت الرسالة الأهم التي حملها بومبيو إلى نتنياهو في زيارته الخاطفة التي تم توقيتها مع بدء الحرب الأميركية على الصين.
قد يهمك أيضا :
إسرائيل: هل أغلق الباب أمام انتخابات رابعة ؟!
لوائح الاتهام "المفترضة" ضد نتنياهو !