بقلم- هاني حبيب
في آخر استطلاعات الرأي حول الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، ظهرت أول إمكانية محتملة لهزيمة الليكود ونتنياهو. في هذا الاستطلاع الذي نشره موقع «واللا» الإلكتروني ما يشير الى ان دمج «مناعة إسرائيل» برئاسة رئيس أركان الجيش الأسبق «بيني غانتس»، و"يش عتيد" بزعامة يائير لبيد، و«تيليم» برئاسة موشي يعلون، وبدعم من «غابي أشكنازي» رئيس أركان الجيش الأسبق، فإن هذا المحور سيحصد ٣٣ مقعداً بينما سيحصل الليكود على ٢٧ مقعداً في الكنيست القادمة. هذا الأخير، نشط خلال الأيام القليلة الماضية، وتحت شعار «بدون وحدة يضيع الصوت» لتوحيد ما يسمى أحزاب الوسط - يسار، والبداية كانت الجهود المنصبة لتوحيد حزبي غانتس ولبيد، الأول عندما عرض على اشكنازي الانضمام لحزبه، كان رد الأخير، بأنه يشترط وحدة الحزبين، "مناعة إسرائيل" و"يش عتيد" للانضمام اليه، وما يعيق هذه الوحدة حتى الآن اشتراط لبيد، للانضمام الى قائمة موحدة لأحزاب وسط - يمين، ان يكون في المكان الأول فيها، ويبدو ان هذا الشرط ما زال يمنع الاتفاق على مثل هذه الوحدة.
بالمقابل، وفي مواجهة ما أسماه نتنياهو "بتحالفات معسكر اليسار" يسعى إلى توحيد معسكر اليمين، بهدف عدم إهدار أصواته المهددة بعدم تجاوز نسبة الحسم، مقابل وعود ائتلاف في المستقبل، وبالفعل بدأ نتنياهو بمشاوراته مع أحزاب اليمين الديني، والمتطرفة منها على وجه الخصوص، مثل حركة "عوتسما يهوديت" بقيادة ميخائيل بن آري، والضغط على تحالف القائمتين الحريديتين، شاس بقيادة أرييه درعي، ويهودات هتوراة بزعامة يعكوف ليتسمان.
غير أن مشكلة نتنياهو تتعدى المسألة المتعلقة بوحدة أحزاب اليمين الصغيرة، مشكلة أساسية، داخل البيت الليكودي الذي ما زال يترأسه، ومع نجاحه في إزاحة ترشيح نجل رئيس الوزراء الأسبق أريئيل شارون، جلعاد، أحد المنافسين الأقوياء في الانتخابات التمهيدية التي جرت أمس الثلاثاء، من الترشح بالاستعانة باللوائح الداخلية للحزب، إلاّ أن مكمن الخطر على نتنياهو في قائمة الترشيح التمهيدية هذه يأتي من منافس أكثر قوة، لن يتمكن نتنياهو، أو على الأصح، سيكون من الصعب تجاوز خطره وتهديده، وهو الوزير السابق، جدعون ساعر، الذي سبق وان اتهمه نتنياهو بأنه يسعى لدى رئيس الدولة، روبئين ريفلين، بأن لا يكلف نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة، حتى لو فاز الليكود بأعلى الأصوات، وأن يرشح القادر على تشكيل الحكومة من خلال ائتلاف حزبي، عوضاً عن تكليف نتنياهو، ومع أن ساعر سبق وأن نفى ذلك إلاّ أن نتنياهو، تعامل بجدية وحدية مع هذا الأمر، عندما أشار إلى أن أول أولوياته، إدخال تعديل على قانون صلاحيات رئيس الدولة بحيث يلتزم بتكليف رئيس أكبر حزب بتشكيل الحكومة.
وإزاء الحملة التي شنها نتنياهو على ساعر مؤخراً، قال الأخير عبر وسائط التواصل الاجتماعي، إن رئيس الحكومة يستغل مقدرات الحزب المالية والتنظيمية في منع تأييده، وأنه ـ ساعر ـ يجد كل التأييد من المستوطنين، الذين بادروا بتشريعات أكدوا فيها أن ساعر هو ابن وفيّ لحزب الليكود، وأنه كان من القلائل الذين عارضوا خطاب نتنياهو عام 2009 الذي أعلن فيه قبوله بحل الدولتين.
ستتضح صورة ما يجري وما جرى من حرب داخلية في الليكود، صبيحة هذا اليوم بعد أن تعلن نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب والذي يتنافس فيها 150 مرشحاً على المقاعد الثلاثين الأولى، خاصة أن نجاح نتنياهو في الحصول على ما يسمى تحصين مواقع في القائمة، بعد الموقع 21، ما يعني انزياح المواقع إلى المؤخرة، بما في ذلك الموقع رقم 30، المخصص لغير اليهود، إذ سيصبح في الموقع 32، وسنرى مدى نجاح ساعر وحليفه الوزير حاييم كاتس.
في كل الأحوال، إن المعركة داخل الليكود على خلفية الحملة الانتخابية، ستترك آثارها على وحدة الحزب، حتى في حال فوزه وفوز نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة، عادة ما يتوحد الحزب أثناء الانتخابات، لكن هذه المرة، لم يكن الأمر كذلك، ما يشير إلى أن الأزمة تتعدّى أحزاب الوسط ـ يسار، وتطال اليمين كذلك، وخاصة حزب الليكود!