أطفال ضد التطرف
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

أطفال ضد التطرف

 فلسطين اليوم -

أطفال ضد التطرف

بقلم-عماد الدين حسين

لا أعرف من هو صاحب فكرة فقرة الأطفال الصغار فى الاحتفال الذى شهدته العاصمة الإدارية الجديدة مساء أمس الأول الأحد. لكنه فى كل الأحوال يستحق التحية والتقدير، لأن الفقرة كانت مفاجئة وبسيطة وبها قدر كبير من التلقائية، والمهم أنه ينبغى البناء عليها، إذا كنا جادين فى تنشئة أطفال على قيم مختلفة جوهرها أن الدين لله والوطن للجميع حقا وليس قولا فقط. 
فى احتفالات يوم الأحد بافتتاح مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح، وهما الأكبر من حيث المساحة والسعة، كانت هناك علامات وأجواء متنوعة على الوحدة الوطنية وابراز صورة حقيقية عن مصر المتسامحة التى تتسع للجميع.
أظن أن كل من لا يريد لمصر خيرا لم يكن سعيدا يوم الاحد الماضى، وهو يرى تعانق الهلال مع الصليب أو وهو يستمع للإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يخطب أمام كنيسة ميلاد المسيح، ويقول ان الاسلام ضامن شرعا للكنائس، والمسلمون مكلفون بحمايتها، واستمعنا للبابا تواضروس يخطب أمام مسجد الفتاح العليم ويقول إن مصر تسجل صفحة جديدة فى كتاب حضارتها العريقة.
فى هذا اليوم ذاب الجميع فى وطنيتهم، جلسوا معا فى هذه المناسبة، التى سيسجلها التاريخ مثلما سجل قبل مائة عام وحدة الهلال والصليب خلال ثورة ١٩١٩.
نعود إلى ما بدأنا به وأراه كان الأكثر تأثيرا وهو فقرة الأطفال، وخلاصتها لمن لم يشاهدها أنها تخبرنا أن الأطفال يولدون أبرياء وبشر أسوياء، والمناخات والأجواء المختلفة والمتعصبة هى التى تحولهم إلى متطرفين فى هذا الجانب أو ذاك.
كنت موجودا داخل فندق الماسة بالعاصمة الإدارية، وأنا أرى كل الحضور متأثرين ومتفاعلين مع الفقرة، ومصفقين لها بحرارة.
مشكلة الاحتقان الطائفى أو المتاجرين به، أو النافخين فيه، تعود إلى تراكمات عقود مضت، هى ليست فقط مشكلة الحكومة، التى تكون فى كثير من الأحيان أكثر وعيا من بعض الفئات الشعبية المتعصبة، أو الجماعات المتطرفة، أو اللوبيات المستفيدة من استمرار هذه الأجواء.
الاكتشاف المهم الذى قدمته لنا فقرة الأطفال فى احتفالات يوم الأحد الماضى، هى أن المبتدأ والمنتهى فى الأمر هو التعليم الصحيح والسليم والجيد والمستنير. 
فى كل الأسئلة البسيطة والبديهية التى تم توجيهها للأطفال الصغار، عن علاقتهم بالدين، كان يتضح لنا أن التعليم هو المؤثر الأول، وربما تأتى بعده الأسرة والاعلام ومجموعة القيم السائدة.
إذا صلح التعليم، صلح كل شىء.
حينما نعلم أولادنا الصغار داخل الفصول المدرسية أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى ويهودى، وأن كل شخص يعبد ربه بطريقته، وأن الله هو الذى سوف يحاسبنا يوم القيامة، فسوف يتلاشى المتطرفون إلى حد كبير.
حينما يتوقف المدرسون فى الجانبين عن بث خطابات الكراهية فى عقول التلاميذ، وحينما يتوقفون عن مطالبتهم بعدم تناول أكل زملائهم فى الدين الآخر، أو اللعب معهم أو زيارتهم فى بيوتهم، فسوف تبور معظم تجارة المتطرفين والإرهابيين فى كلا الجانبين.
هذا المناخ المتسامح، وعدم التفرقة على أساس طائفى كان هو السائد حتى بدايات السبعينيات من القرن الماضى. الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، أراد أن يقضى على نفوذ اليسار، فاستعان بالتيار الإسلامى، سواء كانوا إخوانا أو سلفيين، وانفتح على الخليج، الذى دعم التيار السلفى بصورة سافرة، ثم تحالف غالبية العرب مع الولايات المتحدة لمحاربة الاتحاد السوفييتى ودعموا أسامة بن لادن والقاعدة فى أفغانستان وكانت النتيجة اغتيال السادات نفسه، لكن الأخطر هو تمكن المتطرفين من عقول جزء كبير من المجتمع، وهو ما أدى إلى تطرف أيضا على الجانب الآخر، والنتيجة اشغال المسلمين بصراعات عبثية بين السنة والشيعة، خصوصا بعد الثورة الايرانية عام 1979، لا يستفيد منها الا اعداء الامة.
الجهد المطلوب كبير ومهم وسوف يستغرق وقتا، لأن العطب والخلل الذى أصاب المجتمع كان كبيرا، وغياب الوعى كان مستفحلا. لكن الأمل الحقيقى هو فى الأطفال الصغار والشباب الذين لم تتلوث قلوبهم وضمائرهم، وما يزالون ينظرون للناس باعتبارهم بشرا طبيعيين لا فرق بين مسلم ومسيحى إلا بالمعاملة الحسنة.
كل العالم وكل المصريين مسلمين ومسيحيين، بألف مليون خير، وتحية إلى كل جهد يقرب المصريين من بعضهم البعض، ويضرب فى صميم قلب التطرف والتعصب.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال ضد التطرف أطفال ضد التطرف



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday