الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات

 فلسطين اليوم -

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات

بقلم-عماد الدين حسين

هل نلوم حسنى مبارك لأنه لم يستجب لمطالب المتظاهرين فى ٢٥ يناير ٢٠١١، حينما كانت قليلة جدا فى البداية؟!.
لماذا نطرح هذا السؤال الآن؟!.
السبب هو احتجاجات أصحاب «السترات الصفراء» ضد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون منذ ١٧ نوفمبر الماضى، والتى طالبت فقط بإلغاء زيادة الضريبة المفروضة على الوقود ثم توسعت لتصل إلى 40 مطلبا. مع عنف المظاهرات استجاب ماكرون لمطلب المتظاهرين الرئيسى، وألغى الزيادة نهائيا، لكن المظاهرات تواصلت يوم السبت الماضى وارتفع سقف المطالب ليصل إلى حد إقالة ماكرون وإجراء انتخابات مبكرة رغم أنه استجاب مساء الاثنين لبعض المطالب الأخرى مثل رفع الحد الأدنى للأجور!
لكى نجيب على السؤال الذى بدأنا به ــ ينبغى علينا أن نسأل وهل نلوم ماكرون لأنه تأخر فى الاستجابة لمطالب المتظاهرين أم نلومه، لأنه استجاب أصلا ورضخ لمتظاهرين فوضويين، أم نلومه لأنه انحاز إلى حفنة من شديدى الثراء على حساب الطبقتين المتوسطة والفقيرة؟!.
يتحدث كثير من المعلقين الأوروبيين، عن أن ماكرون خيّب آمال غالبية مواطنيه، رغم أنه صعد بسرعة الصاروخ فى سماء السياسة الفرنسية، سواء كرئيس أو كزعيم لحزب لم يكن شيئا مذكورا، وحقق الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
يقول المتظاهرون إن ماكرون صار فقط رئيسا للأغنياء. هو خفف الضرائب عنهم ويريد أن يحمّلها للفقراء، ووصل لمرحلة صار يتعالى فيها على الفرنسيين، ويركز على القضايا الكونية الكبرى فقط!!.
ماكرون وهو يواجه المظاهرات فى البداية، تعامل معها مثلما فعل حسنى مبارك مع مظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١، ومثلما فعل أيضا الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن على. ماكرون كان مسافرا إلى الأرجنتين لحضور قمة العشرين، وفوّض رئيس وزرائه إدوار فيليب للتصرف. هو وحكومته راهنوا أن المظاهرات أمر مؤقت سوف يتلاشى سريعا من دون دفع أى مقابل.
تفكير ماكرون لم يختلف كثيرا عن تفكير أى حاكم فى دولة نامية. هو كان يفكر ويتصرف بعجرفة منقطعة النظير. لكن الفارق حتى الآن هو أن ماكرون استعاد إلى حد ما زمام المبادرة وبدأ يلعب سياسة. الفارق أيضا بين فرسا وكل من مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا قبل الربيع العربى، هو وجود آليات سياسية ومنافذ للتهوية والتنفيس. ماكرون لم تأخذه العزة بالإثم، وعندما أدرك أن الرياح قوية رضخ للمتظاهرين، بل ودعاهم إلى التحاور أكثر من مرة رغم أنه وصفهم بالمخربين والفوضويين فى بداية الأزمة!!.
لكن فى مقارنة أخرى فإن ماكرون تصرف كما فعل أنور السادات تماما، حينما ألغى قرارات رفع الاسعار فى 17 و18 يناير 1977، بسبب المظاهرات الشعبية العارمة ضده والتى وصفها بأنها «انتفاضة حرامية!!».
لكن كيف ستتطور الأمور؟! هذا سؤال ما يزال فى علم الغيب.
نرجع للسؤال الأول، والمؤكد هو أن كل الحكام يتصرفون بطريقة واحدة فى مواجهة التظاهر والاحتجاج. يعتقدون أنها سحابة صيف مؤقتة وستنقشع، ويراهنون على شراء الوقت بكل الطرق. الفارق أنه فى البلدان الديمقراطية، مؤسسات قوية، وتوازن قوى وسلطات تمنع انهيار الدولة، والحلول فيها تكون وسطا. فى البلدان النامية، إما يستمر الحاكم للأبد، بعد قمع المظاهرات، أو يسقط ويدخل السجن، بعد أن صم أذنيه عن كل المطالب.
فى العالم الثالث الرئيس أو الزعيم يستجيب لمطالب المحتجين بعد أن يكون الوقت قد فات.
لكن فى كل الأحوال فإن الفروق الفردية بين القادة تظل موجودة. نظريا فإن الزعيم المتميز هو الذى يتمتع ببصيرة قوية جدا، تجعل شعبه لا يخرج عليه أصلا، وإذا حدث يكون لديه فراسة بحيث يستجيب لمطالبهم العادلة فورا.
النقطة الجوهرية هى أنه فى البلدان المتكلسة والقائمة على حكم الفرد فقط، فإنه يصعب تصور الاستجابة لأى مطالب شعبية، حتى لو كانت صغيرة. البيئة والثقافة تصور للحاكم أن ذلك ينتقص من هيبته.
وبالتالى فإن مبارك ــ وأى حاكم فى مثل ظروفه ــ تصرف بطريقة طبيعية جدا حينما رفض الاستماع أصلا لمطالب المتظاهرين، لأن آلية الحكم لم تكن تفرز إلا هذا.
اللوم الحقيقى لمبارك وبن على والقذافى والأسد وعلى عبدالله صالح وقبلهم صدام حسين وحافظ الأسد، هو الإصرار على الحكم المطلق والمنغلق، وعدم الاستماع أساسا لمطالب الناس، أو حتى الإحساس بمشاكلهم. وحتى حينما يستجيبون فإن ذلك يكون بعد فوات الأوان!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday