ما الذى يحدث فى السودان
آخر تحديث GMT 16:54:54
 فلسطين اليوم -

ما الذى يحدث فى السودان؟!

 فلسطين اليوم -

ما الذى يحدث فى السودان

بقلم - عماد الدين حسين

فى عام ٢٠٠٦ كان الدولار الأمريكى يساوى جنيهين سودانيين، اليوم سعره قفز ليصل إلى نحو ٧٥ جنيها.
هذا أحد أهم المؤشرات المهمة على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها السودان هذه الأيام، ودفعت جموعا كبيرة من المواطنين للنزول إلى الشارع احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
من مظاهر هذه الأوضاع، أنه لا يحق لأى مواطن لديه أرصدة بالعملة الصعبة أن يسحب أكثر من عشرة دولارات لكى يحولها إلى العملة المحلية.
قبل أيام، وعقب اندلاع الاحتجاجات، كان هناك وفد شبابى سودانى يزور القاهرة. بعض أعضاء الوفد قابلوا زميلا صحفيا، وكان طبيعيا أن يدور النقاش بشأن ما يدور هناك.
الزميل الصحفى ناقم على الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى مصر، ويراها الأسوأ على الإطلاق، بعد هذه الجلسة تغيرت وجهة نظره إلى حد ما، حينما أخبره الزملاء أنهم يحلمون بأن يصلوا إلى الحالة المصرية.
هل حالتنا مثالية؟! بالطبع لا، بل لدينا برنامج إصلاح اقتصادى صعب جدا، والرئيس عبدالفتاح السيسى وصفه قبل أيام بأنه «كان قاسيا جدا، لكن بديله كان الضياع».
المقصود من المثال، أن الأوضاع فى السودان وصلت إلى حد لا يطاق لغالبية فئات المجتمع.
مع نقص العملات الأجنبية، وانخفاض الصادرات، وتراجع حصة السودان من البترول الذى ذهب معظمه إلى الجنوب المستقل، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، والانسداد السياسى الشامل، وأسباب أخرى كثيرة، وصل الاقتصاد السودانى إلى مفترق طرق، تزامنا مع أزمة اقتصادية عالمية غير مسبوقة منذ عشرات السنين، وحروب أهلية ومذهبية فى المنطقة، أدت إلى تأثر الاقتصادات الخليجية الداعمة للسودان ولغيره، بسبب استنزاف عائداتها البترولية فى هذه الحروب أو الصراعات، خصوصا فى اليمن.
المظاهر التى حكاها السودانيون، متعددة، وطالت غالبية الفئات تقريبا، وإن كان أثرها الأصعب على الطبقة الوسطى، وبالتالى كان منطقيا، أن تكون هى الوقود الأساسى للاحتجاجات خصوصا تجمعات المهنيين.
الحكومة تراجعت جزئيا عن زيادات أسعار الوقود والسلع الأساسية التى كانت السبب فى اندلاع التظاهرات فى ١٩ ديسمبر الماضى، لكن الملاحظة أن حدة الاحتجاجات لم تهدأ، لأنها أزمة حقيقية، بل ربما تكون الأصعب والأسوأ لعمر البشير منذ وصوله إلى السلطة فى انقلاب شهير وقع فى ٣٠ يونيو ١٩٨٩. أى أنه يكمل الآن ثلاثين عاما فى السلطة.
جربت الحكومة السودانية فى الفترات الأخيرة، أن تناور كثيرا إقليميا، لضمان الحصول على بعض المنح والمساعدات، أو حتى القروض الميسرة. لكن من سوء حظها أن الأزمة هذه المرة عاتية، والمانحون صاروا يدققون كثيرا، ثم إن الأموال الخليجية لم تعد يسيرة كما كانت سابقا.
تحدث البشير قبل أيام عن مساعدات إماراتية لتمويل شحنات الطاقة. لكنه بعدها بأيام زار قطر، الخصم اللدود للإمارات والسعودية ومصر، وقيل إن الزيارة لم تحقق أهدافها المرجوة، وبعدها تحدثت تقارير عن زيارة وفد سعودى للرياض، وجولة للبشير فى الكويت وغيرها وسبق كل ذلك زيارة البشير لسوريا.
مرة أخرى المشكلة ليست صغيرة، وتتعلق بسياسات متراكمة، قادت إلى هذه النتائج الصعبة، التى تحتاج معجزة للخروج منها، وكلنا يعلم أن المعجزات لم تعد موجودة خصوصا فى منطقتنا المنكوبة بالجهل والتخلف والفقر والاستبداد، يضاف إليها ظرف اقتصادى عالمى شديد السوء. أزمة السودان الشقيق، موجودة بصورة ممماثلة فى بلدان كثيرة فى إفريقيا والمنطقة العربية، لكنها فى السودان أسوأ هذه المرة.
كثيرون ظنوا أن السودان أفلت من كمين أو مصيدة «الربيع العربى»، بل إن هناك من يتهم الحكومة السودانية، بأنها شجعت أو استفادت من هذا الربيع، وبعض أركانها أو داعميها أو أنصارها كانوا فى قلب هذا الربيع. الأمر اختلف الآن. وسمعنا الرئيس عمر البشير ظهر يوم الأحد الماضى عقب اجتماعه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقاهرة، يشكو من محاولة استنساخ الربيع العربى فى السودان. حقا ما أصعب مكر التاريخ!.
كل ما نأمله أن تستقر الأوضاع فى السودان الشقيق، ليصبح وطنا ديمقراطيا مدنيا متقدما يتسع لكل أبنائه.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذى يحدث فى السودان ما الذى يحدث فى السودان



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday