بقلم - عماد الدين حسين
50 عاما مرت على تأسيس معرض القاهرة الدولى للكتاب، وهى مناسبة للإشادة بكل من ساهم فى إنشاء وتطوير المعرض، حتى صار أحد مظاهر قوتنا الناعمة.
وقد لفت نظرى المهندس إبراهيم المعلم الناشر الكبير، إلى الدور المهم والمحورى الذى لعبه إسلام شلبى، وبدعم كامل من جمال عبدالناصر فى تأسيس معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى بدأ عام ١٩٦٩، واحتفلنا قبل أيام بعيده الذهبى.
المعلم كتب على صفحته على الفيسبوك قبل أيام قليلة يقول: «بمناسبة الدورة الخمسين للمعرض، فمعلوماتى أن إسلام شلبى هو صاحب الفكرة، وأقام بجهده الفذ، وأدار باقتدار وكفاءة أول ٣ معارض، وهى التى حققت نجاحا مدويا، وبنت الأساس الثقافى الحضارى الجماهيرى الذى مازلنا ننعم به. والذى أعجب بالفكرة فور تلقيها وتبناها هو جمال عبدالناصر، الذى وفر لها، ولإسلام شلبى، دعما وتمويلا بالعملات الصعبة، لم تكن وقتها متاحة إلا للمجهود الحربى، وكان ذلك عام ١٩٦٨. وأصدر عبدالناصر تعليمات واضحة وصارمة لكل الوزارات والهيئات لتوفير كل المطلوب لشلبى، وتوفير حرية الحركة والسفر والاتصال، بمن يحب من الناشرين الدوليين.. ولم يكن أحد غيرعبدالناصر يستطيع توفير ذلك الدعم وكل مقومات النجاح. لعله جاء الوقت الآن، ونحن نحتفل بالدورة الخمسين، أن يتفضل كل من عنده معلومات موثقة حقيقية بإنارتنا».
قبل أن يكتب المعلم هذا الكلام، كان الشائع جدا أن وزير الثقافة الأشهر ثروت عكاشة، ومعه رئيسة هيئة الكتاب، وقتها الدكتورة سهير القلماوى، هما صاحبا الفضل الأول والأخير وراء فكرة معرض الكتاب، لكن الكلام الجديد يكشف لنا ؟؟؟؟زتوية؟؟؟؟؟ جديدة تماما.
اتصلت بالأستاذ سامى شرف ــ متعه الله بالصحة والعافية ــ وسألته عن الموضوع، باعتباره كان مديرا لمكتب الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، ويعرف كل شاردة وواردة، تخص مثل هذه الموضوعات.
سامى شرف أيد لى رواية المهندس إبراهيم المعلم، وقال لى إن عبدالناصر هو الذى شجع على تنفيذ فكرة إقامة المعرض، وأنه لايزال يتذكر الورقة التى أرسلها الرئيس الأسبق لثروت عكاشة ويقول نصها: «ما رأيك فى فكرة إقامة معرض للكتاب؟!».
ويضيف شرف أن رد عكاشة على سؤال عبدالناصر كان إيجابيا، وأن إسلام شلبى لعب دورا محوريا فى التنفيذ أيضا.
فى تقدير المهندس إبراهيم المعلم، أنه لا أحد ينكر دور ثروت عكاشة أو سهير القلماوى، لكن الأقرب إلى المنطق أن دورهما فى فكرة إقامة المعرض، ينبع فقط من كونهما مسئولين وقتها، الأول وزيرا للثقافة والثانية رئيسةً للهيئة.
المعلم يقول أيضا إن الناشر الكبير المخضرم أحمد أمين صاحب ورئيس الدار الأكاديمية، ومستشار دار التحرير والأهرام سابقا، اتصل به، لتأكيد حقيقة أن إسلام شلبى هو صاحب الفكرة والإنجاز الحقيقى، وأول مدير لمعرض القاهرة للكتاب.
بطبيعة الحال فإن داليا إسلام تنحاز إلى الرأى القائل بأن والدها هو صاحب الفكرة، فى حين أن الدكتور أحمد مرسى أستاذ الأدب المعروف ــ فى تعقيبه على ما كتبه المعلم على صفحته ــ يرى أن شلبى كان له دور كبير، لا يمكن أنكاره، لكنه يؤكد أن الدور المحورى كان للفنان التشكيلى عبدالسلام الشريف، إضافة لأدوار أخرى لسهير القلماوى ومحمود الشنيطى وصلاح عبدالصبور، ثم سمير سرحان الذين لعبوا دورا فى تطوير المعرض وقتها أو لاحقا. الشريف كان المستشار الفنى لعكاشة، وكان عميد معهد التذوق الحضارى. وهناك إجماع على أنه كان جزءا اساسيا فى العديد من المجالات المرتبطة بالإبداع وقتها.
من الواضح أن الأجيال الجديدة لا تعرف الدور المحورى الذى لعبه إسلام شلبى، والشريف، آخرون كان لهم إسهام واضح فى تأسيس وتطوير هذا المعرض، الذى صار الآن الأكبر والأهم عربيا وإسلاميا.
أتمنى ونحن نحتفل باليوبيل الذهبى للمعرض الآن، أن نعظم من فكرة تذكر هذه الرموز المهمة، وحسنا فعل القائمون على المعرض، حينما احتفلوا، قبل ايام بإسلام شلبى وعبدالسلام الشريف.
ونتمنى أكثر أن نبحث ونفتش عن كل الذين لعبوا أدوارا مهمة فى الحياة الثقافية. حتى نكرمهم أو نكرم أسماءهم، إذا كانوا قد رحلوا، ونبعث برسالة للشباب والأجيال الجديدة، بأن المجتمع لم ــ ولن ــ ينسَ رموزه، خصوصا فى مجال الثقافة والفكر والابداع.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع