عودة الوعي
أخر الأخبار

عودة الوعي

 فلسطين اليوم -

عودة الوعي

بقلم : محمد صلاح

 لم يزر الربيع العربي المنطقة إلا مرة واحدة، وأحدث فيها ما أحدثه من دمار وخراب وتشريد وقتل، وما زالت ألغامه تتفجر في بعض الدول التي زارها، وشظاياه تتناثر لتصل إلى دول أخرى على أطرافها، لكن تأثير الألغام ووطأة الشظايا بقيا محدودين ولم يصلا إلى المدى الذي وصلته الموجة الأولى والرئيسية للإعصار، التي ضربت المنطقة العام 2011. كانت وطأة الزيارة فادحة وأسقطت الحكم في دول وحولت بعضها إلى ساحات لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، غير أن بعض رذاذ الربيع كان هلّ على المنطقة قبل العام 2011، فضرب العراق والصومال وكذلك قطاع غزة، ولم تتنبه الأنظمة والشعوب في بقية الدول العربية إلى أن الآتي أسوأ، فلم تعالج أخطاءها أو الفساد في مجتمعاتها أو الظلم بين مؤسساتها فكانت النتيجة الكارثية، إذ استُغلت الشعوب المقهورة أو المظلومة أو المحبطة أو الغاضبة بواسطة من ظلوا على مدى عقود يخططون ويرسمون النظريات ويغيرون الخرائط ويضعون السيناريوات لمستقبل المنطقة، هم وجدوا الفرصة سانحة لشن الحرب من دون أسلحة، أو تحريك الجيوش أو إرسال الطائرات أو البوارج أو الغواصات، فقطاعات وفئات من الشعوب صارت هي الأسلحة، وجحافل اليائسين والمحبطين صاروا المنفذين للخطط المغرضة للحرب، أو قل الثورات! وأكثر من طابور خامس كانت عناصره جاهزة للتفاني في إظهار الولاء لأجهزة استخبارات وجماعات متأسلمة لا تعترف بوطن، لينالوا المكافآت على خدماتهم وتآمرهم ضد أوطانهم. حدث ما حدث والتطورات معروفة للجميع واكتشف الناس أن بينهم عملاء تحالفوا مع الأعداء وقبضوا الثمن، وأن كل الدول التي جرفها الربيع العربي تراجعت عقوداً إلى الوراء، سواء تلك التي قاومت فيها أنظمة الحكم التغيير كاليمن وسورية، أو التي تنازل فيها الحكام طواعية ورحلوا قبل أن تنهار مجتمعاتهم كتونس ومصر، أو التي قتل فيها رأس النظام ونُكل بحاشيته كليبيا. لم يكن الهدف إزاحة الأنظمة ونصرة الشعوب وإنما إسقاط الدول وهدمها فوق رؤوس من فيها وتسليمها، بعد أن تسوى بالأرض، إلى جماعة ظلت أكثر من 80 عاماً كامنة تنتظر لحظة الانقضاض والتمكين.

احتاجت الشعوب بعض الوقت حتى استردت الوعي وفطنت إلى اللعبة الكبرى والمؤامرة العظمى، وسقط «الإخوان» في مصر وانفضحت جهات ظلت تحرك الأحداث من خلف ستار، وبدأت لعبة الإرهاب واستعانت دول وأجهزة استخبارات وجماعات بالإرهابيين علهم ينقذون الموقف ويعيدون الربيع مجدداً إلى المسار الذي سار فيه من قبل.

فشلت كل محاولات «الإخوان» وحلفاء «الجماعة» في قطر وتركيا ودول غربية أخرى ومؤامرات أجهزة استخبارات وتواطؤ منظمات حقوقية ومراكز بحثية وادعاءات ومزاعم صحف ووسائل إعلام، بطول الأرض وعرضها، في صنع ربيع عربي جديد، أو تحريك الأعاصير مرة أخرى لتضرب الدول التي نجت من الزيارة الأولى، وعلى رغم أموال قطر وجهود تركيا للإيحاء بأن الربيع سيعود من جديد والثورة آتية لا محالة و «الإخوان» سيستردون السلطة وسيستعيدون التمكين، رفضت الشعوب وقاومت، وأوصدت كل المنافذ التي يمكن أن تُخترق مجتمعاتها من خلالها. بالنسبة إلى مصر يستغرب المتأثرون بالإعلام الإخوانجي غياب ردود فعل شعبية تجاه أحداث تصنعها الجماعة، وهشتاقات جرى توظيف الآلاف ضمن لجان إلكترونية للدوام فيها، ومواقع إلكترونية إذا طالعتها اعتقدت بأن مصر مشرفة على السقوط، والحكم فيها يترنح والجيش ينهار، والجثث تملأ الشوارع، والناس على أبواب الميادين تستعد للاعتصامات، والفوضى في طريقها لتسود!

تخطت مصر مرحلة كان فيها خبر «مضروب» كفيلاً بتحريك تظاهرة، بل صار المصريون يسخرون ويتهكمون على ادعاءات «الإخوان» وأكاذيب الإعلام القطري حول أحوال بلدهم، وفبركات القنوات التركية عن مؤسساتهم، وتقارير المنظمات الغربية الحقوقية المتحيزة، وحين تطالع هشتاقاً ضد السيسي لا تصدق أنه يعبر عن حال المصريين، وتأكد أن الإخوان في كل أنحاء العالم جيشوا أنفسهم ليخدعوك بأن تلك هي آراء المصريين. عليك أن تدرك أن الكتلة الكبيرة من الشعب المصري هي التي حددت مصير مصر ونزعت السلطة عن «الإخوان»، وهي كتلة لا تتعامل بالهشتاقات وغير معنية بمواقع التواصل الاجتماعي، بل كلما عرف أعضاء هذه الكتلة أن اللجان الإلكترونية الإخوانية تدفعهم إلى كراهية بلدهم عاندوا وأظهروا حبهم له أكثر، وكلما سعت قنوات الجماعة إلى اغتيال شخص ما معنوياً احتفى غالبية الشعب المصري به، وكلما لاحظوا شماتة أعداء الدولة المصرية مع كل كارثة أو حادثة، رقص المصريون على إيقاع غضب أعدائهم، ليؤكدوا لهم أن الوعي عاد وأن ذلك الربيع لن يأتي مجدداً أبداً.

المصدر : جريدة الحياة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الوعي عودة الوعي



GMT 06:23 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

نهاية الأسبوع

GMT 04:38 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

سيناء تضرب "الإخوان"

GMT 04:01 2019 السبت ,04 أيار / مايو

لا شبهة انحياز

GMT 03:35 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نهاية الأسبوع

GMT 03:57 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

حلم الثورة الضائع!

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 05:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 10:09 2020 الأحد ,10 أيار / مايو

التضخم السنوي في مصر يسجل 5.9% خلال أبريل

GMT 04:20 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

حنا عيسى يهنئ الطائفة السامرية بعيد الفصح

GMT 05:21 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

الرئيس عباس يستقبل فريق سرية رام الله لكرة السلة

GMT 11:49 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

عبد الفتاح السطري يطلع قاضية القضاة على آخر التطورات

GMT 06:35 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

"لينوفو" تفتتح معرض "آي إف إيه" في برلين

GMT 14:36 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الشفق القطبي الشمالي يظهر بشكل مذهل إلى جانب قمر كبير

GMT 14:11 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أليكسا تحصل على دعم وضع الهمس لتلقي الأوامر والإجابة

GMT 00:12 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليبرمان ونتنياهو في كفة والجيش يرفض الحرب على غزة

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday