أربَعة تحدّيات تُواجه الحُكومة المِصريّة في ظِل تفاقُم أزمة سد النّهضة مُجدّدًا ما هي وهل استعدّت للخِيار العسكريّ فِعليًّا وطلبت قواعد جويّة في السودان وكيف كان ردّ العهد السودانيّ القديم والجديد وما هي البدائل المُتاحة وهل ستكون قمّة سوتشي بعد أيّ
أخر الأخبار

أربَعة تحدّيات تُواجه الحُكومة المِصريّة في ظِل تفاقُم أزمة سد النّهضة مُجدّدًا.. ما هي؟ وهل استعدّت للخِيار العسكريّ فِعليًّا وطلبت قواعد جويّة في السودان؟ وكيف كان ردّ العهد السودانيّ القديم والجديد؟ وما هي البدائل المُتاحة؟ وهل ستكون قمّة سوتشي بعد أيّ

 فلسطين اليوم -

أربَعة تحدّيات تُواجه الحُكومة المِصريّة في ظِل تفاقُم أزمة سد النّهضة مُجدّدًا ما هي وهل استعدّت للخِيار العسكريّ فِعليًّا وطلبت قواعد جويّة في السودان وكيف كان ردّ العهد السودانيّ القديم والجديد وما هي البدائل المُتاحة وهل ستكون قمّة سوتشي بعد أيّ

بقلم : عبد الباري عطوان

ربّما يكون لقاء القمّة الذي من المُتوقّع عقده يوم الأربعاء المُقبل، بوساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بين الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش القمّة الروسيّة الإفريقيّة في مُنتجع سوتشي، هو الفُرصة الأخيرة لحل الأزمة المُتفاقمة بين بلديهما حول سد النّهضة وتفرّعاته، مع اقتراب بنائه (جرى إنجاز 66 بالمِئة من هذه العمليّة) والبِدء في مِلء خزّاناته بالمِياه (70 مِليار متر مكعّب)، والفترة الزمنيّة مَوضِع الخِلاف الأكبر حاليًّا.

قنوات الحِوار بين الجانبين المِصري والإثيوبي مُغلقةٌ حاليًّا، بعد وصول الاجتماع الوزاري الثّلاثي بين الدول المعنيّة (مِصر والسودان وإثيوبيا) إلى طريقٍ مسدود، ورفض الطّرف الأمريكيّ التدخّل للتوسّط بطَلبٍ رسميٍّ، فالجانب الإثيوبي يتمسّك بموقفه بمِلء خزّان السّد في غُضون خمس سنوات، وحصر كميّة المِياه المُتدفّقة في النّيل في حُدود 35 مِليار متر مكعّب أثنائها، الأمر الذي يتعارض مع طلب مِصر الذي يُصِر على أن تكون الفترة سبع سنوات، مع كميّة سنويّة من المِياه في حُدود 40 مِليار لتجنيب مِصر كارثة المَجاعة وفقر المِياه.

التَّصلُّب في الموقف الإثيوبي انعكس مُجدّدًا في رفضِ طلبٍ تِقنيٍّ آخر لمِصر بتواجد مكتب يَضُم خُبراء مِصريين بجِوار مُنشآت السّد لمُتابعة عمليّات البِناء النهائيّة ومَلء الخزّان، حيثُ اعتبرته الحُكومة الإثيوبيّة انتِقاصًا من سِيادتها، وأعلنت في الوقت نفسه إغلاق الأبواب في وجه أيّ وِساطات خارجيّة، وحصْر الأمر في الدّول الثّلاث المَعنيّة فقط، ولجنة الخُبراء المُستقلّة التي جرى تأسيسها.

الغضب المِصريّ وصَل ذروته عندما أعلن السيّد سيليتشي بيكيلي، وزير المِياه الإثيوبي، رفض حُكومته لجميع المطالب المِصريّة الأُخرى مِثل طُول الفترة الزمنيّة لمِلء الخزّان، وكميّة المِياه المُتدفّقة في النّيل أثناء بِدء هذه العمليّة، أيّ 40 مِليار متر مُكعّب، وارتفاع عُمقها بمِقدار 165 مِتْرًا فوق سطح البحر في السّد العالي، والأكثر من ذلك الحديث عن أنّ مِياه النّيل الأزرق الذي يُشكّل 90 بالمِئة من مجموع حجم مِياه النّيل تَنبُع من المُرتفعات الإثيوبيّة، وهي التي تملُك اليَد العُليا في هذا الصّدد.

الإثيوبيّون يقولون إنّهم لا يبنون هذا السّد من أجل حِرمان مِصر من حصّتها من المِياه التي حدّدتها مُعاهدة عام 1959 وتُقدّر بحواليّ 55.5 مِليار مِتر مُكعّب سَنويًّا، أيّ ما يُعادل 87 بالمِئة من مِياه النّيل، مُقابل 18.5 مِليار متر مكعّب للسودان، وإنّما لتوليد الكهرباء وسد حاجة البِلاد المُلحّة في هذا المَيدان، حيثُ يعيش 66 بالمِئة من مُواطنيها بُدون كهرباء، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم، حسب إحصاءات البنك الدولي، ويُؤكّدون أنّهم لم يكونوا طَرَفًا فيها، وبالتّالي غير مُلزَمين بها.

الحُكومة المِصريّة تُواجه عدّة تحدّيات رئيسيّة في تعاطيها مع هذه الأزَمة، إلى جانب العِناد الإثيوبي:

الأوّل: أنّ الطّرف السوداني الثّالث بات أقرب إلى وجهة النّظر الإثيوبيّة في ظِل العهد الحالي، لأنّ السّلطات السودانيّة الجديدة تُقيم علاقات قويّة مع إثيوبيا، والرئيس آبي أحمد الذي كان له دور كبير في تحقيق التّوافق بين الجيش والحِراك المدني السوداني والوصول إلى الحل، ولأنّها حصَلت على تعهّد من إثيوبيا على الحِفاظ على حصّتها من المِياه دون نقص، مُضافًا إلى ذلك، وَعدًا آخر بسد احتياجاتها من الكهرباء بأسعارٍ مُخفّضةٍ بعد تشغيل سد النّهضة، وقال لنا مسؤولٌ في العهد السودانيّ الجديد طلب عدم ذكر اسمه، إنّ السودان يُؤمِن بالمصالح والتخلّي عن الشّعارات، وبات يتّجه أكثر إلى الحاضنة الإفريقيّة بشَكلٍ مُتسارعٍ والابتعاد تَدريجيًّا عن الأزَمات العربيّة وجامعتها.

الثاني: تَعذُّر اللّجوء إلى محكمة العدل الدوليّة لحل هذا النّزاع قانونيًّا، لأنّ الذّهاب إلى المحكمة يتطلّب مُوافقة الطّرفين، وإثيوبيا تَرفُض هذا الخِيار، ممّا يعني البَحث عن وسطاء كبَديل.

الثالث: التِزام مُعظم “أصدقاء” الرئيس السيسي في إفريقيا، ودول الخليج مَبدأ “الحِياد” في هذه الأزَمة، خَوفًا على استثماراتها الضّخمة في إثيوبيا، ونحنُ نتحدّث هُنا عن السعوديّة ودولة الإمارات خِصّيصًا، وربّما هذا ما يُفسِّر “البُرود” في العلاقات المِصريّة معها هذه الأيّام.

الرابع: الدور الإسرائيلي المُحرِّض ضِد مِصر، والدّاعم الأساسي للمِلف الإثيوبي في هذا الصّدد، فإسرائيل نصَبت منظومة دفاعات صاروخيّة جويّة من طِراز “سبايدر” في مُحيط سدّ النّهضة لحِمايته من أيّ هُجوم مِصري في حالِ تدهور العُلاقات واللُّجوء المِصري للخِيار العسكريّ.

من حق مِصر أن تعتبر مِياه النّيل مسألة حياةٍ أو موت، والرئيس السيسي في آخِر تصريحاته هدّد بأنّ جميع الخِيارات مفتوحة، وظهَرت أصوات قويّة في مِصر تُطالب بتدمير سد النّهضة إذا تعرّضت حِصّة مِصر من المِياه إلى أيّ ضرر، لأنّ 90 بالمِئة من مصادر مِياههم من النّيل، وأنّ 90 بالمِئة من أرضهم صَحراء قاحِلة.

صحيح أنّ مُعظم مياه النّيل تأتي من مُرتفعات إثيوبيا، ولكنّ الصّحيح المُثبَت أيضًا أنّ النّيل بمساره الحاليّ كان مَوجودًا قبل ظُهور الإنسان بملايين القُرون، ونَقص أيّ نُقطة من مِياهه ستُعوّض بالدّم مِثلما ذكر أكثر من مَسؤولٍ مِصريٍّ، سواء في جلَساتٍ خاصّةٍ، أو تصريحات علنيّة.

مِياه النّيل كانت دائمًا إرثًا مِصريًّا مُقدّسًا ومُنذ عهد الفراعنة، حتى أنّ محمد علي، مُؤسّس مِصر الحديثة، شكّل وحَدات تدخّل سريع للتدخّل العسكريّ ضِد أيّ مُحاولة إثيوبيّة للمَس بحصّة مِصر ومصدر رِزق فلّاحيها.

المَعلومات المُتوفّرة لدينا تقول إنّ السّلطات المِصريّة طلبت من السودان والسودان الجنوبي إقامة قواعد جويّة على أراضيهما لاستخدامها إذا لَزِمَ الأمر، وتَعذّر الحل السياسيّ، ولكن إجابة الدّولتين لم تَكُن إيجابيّة.

تظل هُناك أوراق عديدة في يد مِصر تلوح بها حاليًّا، مِثل توثيق العلاقات بشكلٍ أكبر مع إريتريا والصومال، ومد الجُسور مع مُعارضي إثيوبيا في إقليم أوغادين الإثيوبي الصّومالي والحركة الانفصاليّة فيه، وحتى المُعارضين داخِل إثيوبيا نفسها.

نأمَل أن لا تتطوّر الأُمور إلى المُواجهة العسكريّة، وأن يتم التوصّل إلى حلٍّ وسَط “تقنيّ” يُرضي الطّرفين المِصري والإثيوبي، ولعلّ وِساطة الرئيس بوتين المُنتظرة تكون القادِرة على تحقيق هذا الإنجاز.

العدو الحقيقي لمِصر الذي يُحاصرها في إفريقيا ووقف مُنذ اللّحظة الأولى خلف مشروع سد النهضة هو دولة الاحتلال الإسرائيلي الذي انتقل إلى خانة الأصدقاء مُؤخّرًا، فالخُبراء الإسرائيليّون هُم الذين وضعوا خرائطه، ودراساته، وساعدوا في تمويله بطُرقٍ مُباشرةٍ أو غير مُباشرة، ويُريدون تحقيق حُلمهم في الحُصول على حصّتهم من مِياه النّيل لحل أزمة المِياه التي يعيشونها في فِلسطين المُحتلّة، وهو مشروع انتقل من دائرة الهمس إلى المُجاهرة.

السّلطات المِصريّة يجِب أن تستعد للأسوأ، وأن تعرف من هُم أعداؤها ومن هُم أصدقاؤها الذين خَذلوها، وأن تُعزِّز جبهتها الداخليّة، ووحدتها الوطنيّة، وتتّجه إلى مُصالحات وإصلاحات باتت حتميّة، وهذه السّلطات تعرِف ماذا نقصد، ولا نُريد التّكرار، فمَصلحة مِصر واستقرارها ورَخاء شعبها يجب أن يتقدّم على كُل الأُمور الأُخرى.

حرب المياه في الشّرق الأوسط، وربّما مناطق أُخرى من العالم اقتربت، ونأمل أن لا تكون الأُولى بين العرب والأحباش، وبتحريضٍ وتخطيطٍ إسرائيليٍّ.. والأيّام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربَعة تحدّيات تُواجه الحُكومة المِصريّة في ظِل تفاقُم أزمة سد النّهضة مُجدّدًا ما هي وهل استعدّت للخِيار العسكريّ فِعليًّا وطلبت قواعد جويّة في السودان وكيف كان ردّ العهد السودانيّ القديم والجديد وما هي البدائل المُتاحة وهل ستكون قمّة سوتشي بعد أيّ أربَعة تحدّيات تُواجه الحُكومة المِصريّة في ظِل تفاقُم أزمة سد النّهضة مُجدّدًا ما هي وهل استعدّت للخِيار العسكريّ فِعليًّا وطلبت قواعد جويّة في السودان وكيف كان ردّ العهد السودانيّ القديم والجديد وما هي البدائل المُتاحة وهل ستكون قمّة سوتشي بعد أيّ



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 04:54 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

درة تنسق قطع ازياء قصيرة بأناقة لتتناسب مع الأجواء الشتوية

GMT 05:51 2013 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

دبلوماسية الجغرافية المائية

GMT 13:39 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أنباء سارة لـ"ريال مدريد" بشأن موعد عودة كريم بنزيما

GMT 03:09 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

"داعش" تفرج على فيديو تُحرض فيه على "حماس" الفلسطينية

GMT 16:36 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إيهاب الحريري يوضح برنامجه لتطوير نادي الطيران

GMT 03:29 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الدونات المنزلي الشهي المزيّن بالشوكولاتة والسكر البودرة

GMT 11:28 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيا تتعرَّض لمفاجأة سيئة قبل مواجهتي تصفيات المونديال

GMT 06:30 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

خالد سليم ينطلق إلى العين السخنة لتصوير مسلسل "ولاد تسعة"

GMT 12:14 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

جيروم بواتينغ يرفض تحميله مسؤولية الهزيمة أمام "روستوف"

GMT 23:29 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

كيف تصنع عطراً من الفواكه

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"السرطان" في كانون الأول 2019

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday