سورية مرحلة كسر العظم
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

سورية.. مرحلة كسر العظم

 فلسطين اليوم -

سورية مرحلة كسر العظم

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

على الرغم من أنها خسرت في بحر الأسبوعين الماضيين 13 جندياً، إلا أن تركيا تدفع بالمزيد من قواتها في شمال إدلب وتعزز من وجودها هناك لمنع أي تقدم من قبل الجيش السوري للسيطرة الكاملة على هذه المحافظة التي تقلب موازين النزاع وتشكل مقدمة نهاية النزاع السوري.هذه التعزيزات تتزامن مع تصريحات تهدد الجيش السوري بالرد عليه أينما كان، وهي تصريحات صادرة من رأس الهرم، رئيس الدولة رجب طيب أردوغان الذي أزعجته كثيراً خسارة عدد من جنوده، في الوقت الذي يدرك فيه المخاطر المترتبة على توسيع حدود النزاع.

يتساءل الكثيرون عن أبعاد الوجود التركي في سورية وما الهدف منه، خصوصاً وأن دولة قوية مثل روسيا تدعم الحكومة السورية في كل فعل تقوم به، وتشارك مع جيشها في إدلب لاستعادتها بالكامل؟ ثمة أكثر من جواب عن السؤال أعلاه، إذ يلحظ أن تركيا مستميتة للعب دور إقليمي في المنطقة.طوال السنوات الماضية ركزت تركيا على تمكين وضعها الداخلي والتحصن خلف التنمية والتطور، وفعلت الكثير للصعود إلى مراتب الدول الصاعدة من حيث القوتين السياسية والاقتصادية، وإقليمياً كان لها دور محدود بين جيرانها سورية والعراق وكذلك العلاقة العدائية مع الجارة اليونان حول قبرص تحديداً.

غير أن هذا الدور بدأ يتنامى مع التطلعات الأردوغانية لإعادة الهيبة إلى تركيا العثمانية، ومن السهل ملاحظة الدور الذي تقوم به في المنطقة، حيث إنها بالتأكيد تتنافس مع كل من إيران وإسرائيل للتأثير على الشرق الأوسط، وآخر هذا النوع من الممارسات التدخل في الشأن الليبي.سورية واحدة من أهم الدول التي تطمع تركيا لأن يكون لها حصة فيها، ولذلك لا يريد أردوغان أن يخرج مهزوماً من هناك، لأنه حينذاك سيفقد بريقه الذي يفقده حالياً نتيجة سياسات خاطئة من قبل حكومته وحزب العدالة، وأكبر دليل على ذلك خسارته بلدية مدينة إسطنبول التي تعتبر الأهم على الإطلاق على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والجغرافية والديمغرافية.

إذاً الرجل متمسك بمشروع يقضي إلى اعتبار شمال سورية حديقة خلفية لتركيا، ويشمل ذلك بطبيعة الحال أهم ما يطمح الرئيس التركي لإنجازه، وهو إفراغ الخزان الديمغرافي الكردي من هناك وإبعاد خطر الأكراد عن الحدود السورية- التركية، وكذلك إفراغ الخزان الديمغرافي السوري من تركيا بتوطينهم في شمال سورية.كذلك يبدو أن استئساد أردوغان في إدلب من باب أن أنقرة إذا لانت في هذا الموضوع فإنها قد تخسر "عينها" في سورية، أي أنها ستفقد بالتأكيد حليفتها المعارضة التي تطمح أن يكون لها دور قوي ومهم في مستقبل سورية بعد أن تضع الحرب أوزارها، ولذلك تقاتل تركيا في إدلب من أجل الدفاع عن مصالحها بالدرجة الأولى.

مع ذلك فإن أي مواجهة بين الطرفين التركي والسوري هي محسوبة بالمسطرة والقلم، ومن الصعب أن تتفاقم الأمور إلى مستويات الحرب الشاملة والمفتوحة، لأنه لو حدث ذلك حينذاك أكبر خاسر في هذه المعادلة ستكون تركيا، لاعتبارات كثيرة أولها أن روسيا لن تقف مكتوفة اليدين في هذا الموضوع.كذلك لا يهم الجيش السوري أي خسارة أو كلف يتحملها، ففي حسابات النزاع هو عانى الكثير وكاد يفقد السيطرة على البلاد قبل عدة سنوات، ولولا نجدة موسكو لكان من الممكن أن يودّع الحكم مرغماً عنه، ولذلك قد تبدو هذه المعركة بالنسبة له معركة حياة أو موت، خصوصاً وأنه يرى في الوجود التركي احتلالاً وواجب الدفاع عن شرعيته.

بالنسبة لأردوغان فإن خسارته في إدلب ستعني هزة قوية له أمام معارضيه في الداخل التركي وكذلك لمشروعه بـ"أتركة" سورية، ويلحظ حالياً أن سياسته هناك متركزة على رد الفعل، بمعنى أن القوات التركية تحديداً لن تبدأ هجوماً في شمال إدلب، ويقتصر دورها على الرد على أي هجوم من قبل الجيش السوري.ما يحدث هو أن أنقرة تحارب في سورية بفصائل المعارضة في إدلب، ولذلك فإن المهلة الزمنية التي حددتها حتى أواخر الشهر الجاري والتي تقضي بانسحاب الجيش السوري من مساحة جغرافية تتجاوز نقاط المراقبة التركية، هي مجرد تخويفات وعلى الأغلب أن تركيا لن تحرك جيشها لضرب الجيش السوري.

القصد من ذلك أن أنقرة قد تزود المعارضة السورية بأسلحة ثقيلة ومؤثرة، كما حصل في حادثة إسقاط طائرة مروحية تابعة للجيش السوري بصاروخ أرض جو قبل عدة أيام، بهدف الضغط عليه للتراجع إلى وسط وجنوب إدلب والتوقف عن فكرة السيطرة على كامل المحافظة.ما يحدث في إدلب بالضبط أشبه بـ"كعكة" تريد أنقرة الحصول على قطعة منها في أحسن الأحوال بالمرابطة هناك ووقف القتال وتثبيت هدنة دائمة ودعم تنظيمات المعارضة السورية وكذلك وقف تدفق الخزان البشري السوري إليها، وفي أصعب الأحوال الحصول على ثمن من مغادرة إدلب.بالرغم من الخلاف بين تركيا وروسيا في شمال سورية، إلا أن حبل الود لم ينقطع والأخذ والرد لم يتوقف، وهناك محادثات بينهما لحل هذه المعضلة، ويجوز القول إن الكرة في الملعب التركي ويتوقف عليه إلى أي مدى يمكنه المساومة وحفظ ماء وجهه في "بيت السوري".

قد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

ما وراء «تلفريك» القدس

وهذه معرة النعمان

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية مرحلة كسر العظم سورية مرحلة كسر العظم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday