ما وراء «تلفريك» القدس
آخر تحديث GMT 05:19:09
 فلسطين اليوم -

ما وراء «تلفريك» القدس

 فلسطين اليوم -

ما وراء «تلفريك» القدس

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

لا تحتاج إسرائيل إلى إذن من أحد لتوسيع استيطانها في الضفة الغربية، فهي تفعل ذلك كل الوقت، ويخشى الفلسطينيون أن يناموا ويصحوا يوماً على أراضٍ كانت ملكهم ولم تعد كذلك بسبب سياسة الزحف الاستيطاني المتواصل.في الأساس كل فكرة إسرائيل قامت على الاستيطان والتلصص وسلب الأراضي والتوسع شيئاً فشيئاً حتى تحولت إلى دولة بلحمٍ ودم على أرض الغير، وفي كل البرامج السياسية للنخب الإسرائيلية ظل المشروع الاستيطاني عنوان نجاحها وتمددها.

ما يجري في القدس المحتلة هو صورة مصغّرة عما يجري في كامل الضفة الغربية، حيث تسعى إسرائيل إلى توسيع نطاق وجودها الديموجغرافي -ديمغرافي- جغرافي- بدواعي أمنية، وهي في نهاية المطاف عقيدة تخدم مصلحة الدولة العبرية في مسألة بقائها.مشروع "التلفريك" الذي أقرته سلطات الاحتلال منذ أقل من عام، هو واحد من المشروعات التي تسعى إلى تهويد القدس المحتلة والربط بين شرقها وغربها، إذ هناك من يطبلون ويسوقون لفكرة أن المشروع سياحي ويهدف إلى تعظيم الأرباح واستقطاب المزيد من السياح.

في حقيقة الأمر الموضوع ليس كذلك، وإسرائيل تدعي أن "التلفريك" مشروع سياحي لكنه استيطاني بامتياز حتى لو كان سياحياً، لأنها من ورائه تكون قد حققت عوامل كثيرة، من بينها استيطان العديد من الأراضي الفلسطينية التي يمر فوقها "التلفريك"، لأنه مدعوم بمحطات خمس وأعمدة خرسانية أو حديدية بالعشرات ستبنى على ممتلكات المقدسيين.
هذه السيطرة الهوائية تخدم إسرائيل في موضوع تغير الهوية الإسلامية للقدس، وسبقت هذا المشروع مشروعات كثيرة تحت الأرض وحفريات لتغيير طابع المدينة المقدسية، وتشويه صورتها التاريخية واستبدالها بهوية يهودية، ودعاية تسويقية من أجل إحكام السيطرة الكاملة على القدس.

لن يقتصر الفعل الإسرائيلي على إقامة "تلفريك" في السماء فحسب، بل هناك خطط تتعلق بتوسيع محطات "الترام" وجعلها تصل بين القدس ومستوطنات "غوش عتصيون" في الجنوب، وكذلك فتح المدينة المحتلة على الساحل بشبكة قطارات حديدية.خطورة هذا المشروع تتعلق بتزييف وعي الزوار والسياح حول المكانة التاريخية والخصوصية المقدسية للمدينة المحتلة، ذلك أن التقارير الصحافية تفيد بأن خط "التلفريك" لن يمر على المعالم الإسلامية، أو أنه سيشوه تاريخيتها على حساب تسويق الراوية الإسرائيلية للأماكن المقدسة.

كل هذا يأتي ضمن المشروع الأكبر، مشروع ترسيخ القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي وعنوان رئيسي لنشاط وحركة الإسرائيليين من وإلى العديد من المدن المحتلة، وهذا يدفع الدولة العبرية لتسريع جهود تهويد القدس الشرقية وضمها إلى الغربية.لن تكتفي إسرائيل بالنيل من القدس الشرقية، بل ستعمل على ربط القدس المحتلة بالمستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، وهي تدعم خطط إحلال المستوطنين محل المقدسيين والاستفادة من الأراضي المسروقة في مشروعات سكنية توطنهم لتُمكّن وجودهم فيها.

لقد تمكنت إسرائيل من ترسيخ سياسة الأمر الواقع على كل ما وضعت يدها عليه، و"صفقة القرن" تأخذ ذلك بعين الاعتبار، إذ تؤكد هذه الخطة حق الدولة العبرية في السيطرة على الكتل الاستيطانية والمستوطنات المعزولة في الضفة الغربية.المؤسف أن الفعل والصوت الفلسطيني ضد كل السياسات التوسعية الإسرائيلية غير مُجدٍ في حضرة تفوقها والدعم الذي تتحصل عليه من الولايات المتحدة الأميركية التي تغض الطرف عن الاستيطان في كامل الضفة، والعرب منشغلون في أوضاعهم الداخلية وعلاقاتهم ببعضهم ومحيطهم الخارجي.

إذا كان من بدٍّ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من عجلة التهويد الإسرائيلي للقدس المحتلة، فإن على الفلسطينيين أن يدركوا أن هذه المعركة هي معركتهم أولاً، وأن الأولوية تكمن في توحيد طاقاتهم وتوجيهها ضد الاحتلال الإسرائيلي.قد يحدث هذا إما بتحالف فصائلي تحت أي مسمى (وطني أو مصلحي وقتي) من أجل فرملة المخططات الإسرائيلية في القدس والضفة، أو يحدث بانتخابات فلسطينية نزيهة تعترف فيها الفصائل بالنتيجة، وتمد يدها لخدمة ملفات أكبر مرتبطة بقضيتها والمصير والهم المشترك.

إسرائيل تسحب بساط القدس الشرقية من تحت أقدام الفلسطينيين وإن لم يفعلوا شيئاً ويستعجلوا وقف ابتلاعها وتزوير تاريخها ستصبح بحكم الواقع مُهوّدة وامتداداً للقدس التي تريدها إسرائيل، وحينذاك تحل "اللعنة" ونبكي على ما فات يوم لا ينفع الندم.إذا كان من بدٍّ فعلى الفلسطينيين أن يتوحدوا لنصرة القدس المحتلة ونجدة أهلها الذين يتعرضون لأبشع صور التطهير والترحيل القسري، و"المرجلة" ليست بتبادل الشتائم وتعميق الجرح الداخلي، وإنما تجاوزها وغض الطرف عنها والتركيز على عناوين وطنية ملحة وأكثر أولوية وتشكل المظلة التي تجمع كل الفلسطينيين وتوحد صوتهم في الداخل والخارج.

بالأمس كنا نشهد على حفريات الاحتلال تحت الأقصى، وقبلها وخلالها حرمان المقدسيين من أراضيهم ومن العيش في مدينتهم بسحب الهويات منهم والتضييق عليهم ومنعهم من دخول القدس ودفعهم للخروج منها، واليوم نشهد على "تلفريك" يكمل المخطط الإسرائيلي التهويدي، والله أعلم ماذا سنشهد بعد ذلك من مخططات غرضها الرئيسي وضع كامل القدس في جيب إسرائيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء «تلفريك» القدس ما وراء «تلفريك» القدس



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 13:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

مواد وظيفية فلورية تستخدم في علاج السرطان

GMT 10:25 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

الفنانة لطيفة تظهر بشكل غريب ومختلف على "انستغرام"

GMT 23:29 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

تأثيرات فلكية متناقضة

GMT 03:14 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

آشلي غرهام تكشف الدور المؤثر لحركة #METOO على صناعة الموضة

GMT 01:57 2018 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

النقاد يكشفون أن أفضل فيلم رومانسي "عمر وسلمى 1"

GMT 01:20 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تعلن سعادتها بفيلمها الجديد "عقدة الخواجة"

GMT 13:02 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

​طريقة إعداد الدجاج المحشي باللوز أو الصنوبر المقلي

GMT 22:55 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يفوز برئاسة النادي الأهلي

GMT 21:32 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زورق حربي إسرائيلي يخترق المياه الإقليمية اللبنانية

GMT 16:19 2014 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

"كيا سيول" 2015 تتميز بخاصية مراقبة ضغط الهواء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday