«داعش» بعد البغدادي
آخر تحديث GMT 03:38:28
 فلسطين اليوم -

«داعش» بعد البغدادي.

 فلسطين اليوم -

«داعش» بعد البغدادي

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

شكّل استهداف زعيم تنظيم «داعش» المتطرف أبو بكر البغدادي صدمةً في صفوف مقاتليه الذين يختبئون في الشمال السوري، والذين يقل عددهم يوماً بعد يوم نتيجةً لتغير موازين القوى في هذا النزاع الذي ترجح كفته للجيش السوري.قبل أكثر من عامين تقريباً كان «داعش» يتمتع بالقوة التي تجعله يغير قواعد اللعبة بحكم المساحات الجغرافية الكبيرة التي كان يسيطر عليها في سورية، غير أن معتقداته المتطرفة وتوسع هجومه إلى خارج الحدود السورية، عجّل بهزيمته.

والعملية العسكرية الأميركية الأخيرة التي استهدفت البغدادي في إدلب ستُسرّع من هزيمة هذا التنظيم الذي يتداعى نتيجةً للإجماع الدولي على ضرورة القضاء عليه، والعداوة التي تكنها وتحملها مختلف أطراف النزاع ضده.نفوذ داعش تراجع كثيراً في العامين المنصرمين، وتقلص وجوده إلى درجة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال مرتين أو أكثر إن هذا التنظيم لم يعد موجوداً في سورية، بينما نصحه مستشاروه بعدم التعجل في الخروج من الشام.

«داعش» لايزال موجوداً في شمال سورية لكن بأعداد قليلة، وقد استفاد مؤخراً من العملية العسكرية التركية التي استهدفت الأكراد الذين كانوا يركزون في معاركهم للقضاء على هذا التنظيم المتطرف، بمساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.وعلى الرغم من عدم استقرار الأوضاع في شمال شرق وغرب سورية بسبب توقف الأكراد عن محاربة «داعش» والفرار بجلدهم من تركيا إلى العمق السوري، إلا أن التنظيم المتطرف سيصعب عليه لملمة صفوفه والعودة إلى ما كان عليه في السابق.

أول الواقفين ضد هذا التنظيم هو الجيش السوري الذي لن يرغب بالتأكيد في وجود تنظيم متطرف يهدد أمن واستقرار البلاد، وكذلك الحال روسيا التي تقف إلى جانب الحكومة السورية لاستعادة أمجاد الأولى حينما كان الاتحاد السوفيتي في وقته منافسا قويا للولايات المتحدة في قيادة النظام الدولي.أيضاً لا تريد تركيا أن يكون هناك أي خطر «داعشي» يهدد أمنها ويقلق حدودها، لكنها تستعدي الأكراد وتدرك أن ثمة من يلاحق التنظيم الإرهابي، وحينما تطمئن من إزالة التهديد الكردي من المحتمل أن تساعد في القضاء التام على «داعش»

أما الولايات المتحدة الأميركية التي أوجدت «مطرحاً» لها في سورية تحت مظلة محاربة «الدواعش»، يبدو أنها لا تريد المغادرة لنفس الاعتبار الذي تكرر طرحه، علماً بأن ترامب سبق وأن أعطى أوامره لإنهاء وجود قواته من سورية.غير أن مستشاري ومعارضي الرئيس الأميركي دفعوه لإعادة التفكير في مسألة الرحيل وترك الساحة خالية لروسيا، ودفعه الأمر إلى تأجيل الخروج ووضع اليد على حقول النفط السورية في الشمال بدعوى حمايتها من فلول «داعش».

يلحظ أن واشنطن لا ترغب في الخروج من سورية بدون مقابل، ويبدو أنها تبحث عن ثمن لذلك، وإلا لماذا سيطرت على حقول النفط السورية، وقال رئيسها ترامب إن من يريد السيطرة على هذه الحقول فإن عليه مفاوضة الولايات المتحدة الأميركية؟لقد تحدث الرئيس الأميركي صراحةً عن رغبته في عقد صفقة مع شركة إكسون موبيل أو واحدة من كبريات الشركات النفطية لاستخراج النفط السوري، ولا أحد يمكنه أن يتوقع حول ماذا يفكر ترامب، لكن المؤشرات تقول إن واشنطن لن تترك سورية بسهولة.

من المحتمل أنه يريد الاستفادة من الموارد النفطية لبعض الوقت، أو أنه مستعد للتفاوض حول تقاسم أرباح استخراج النفط مع الروس والسوريين، ولربما يربط رحيل قواته ببعض الترتيبات التي قد يكون عنوانها سورية أو يتجاوز هذه الرقعة الجغرافية.قد يضع ترامب حداً لمصير قواته بالحصول على ضمانات روسية بعدم المساس بأكراد سورية ودمجهم في النظام السياسي الجديد، أو أنه يريد ترتيبات أمنية لحماية أمن إسرائيل واستبعاد فكرة معاداتها والتفكير في استعادة هضبة الجولان.

بعيداً عن ما تطمح إليه واشنطن فهي «تشرعن» إن جاز التعبير وجودها بالتركيز على الخطر الذي يمكن أن يسببه «داعش» في المستقبل، ولعل الروس والسوريين لن يضغطوا كثيراً في الوقت الحالي على مسألة رحيل القوات الأميركية طالما وأن هناك ملفات مفتوحة وأكثر اهتماماً بحاجة إلى حل مثل مصير الأكراد وملف إدلب والمنطقة الآمنة.«داعش» قد يلجأ في الأيام المقبلة إلى فعل انتقامي، لكن تأثيره ربما سيكون محدوداً بالإمكانيات التي يمتلكها وموعد أجله اقترب، والمنطقة الآمنة التي تطالب تركيا إقامتها بالعمق الذي تتطلع إليه، سيقضي على ما تبقى من عناصر إرهابية «داعشية».

مع ذلك يحتاج موضوع «تفنيش» هذا التنظيم إلى غير رجعة، تضافر الدول المؤثرة في النزاع السوري، ذلك أن عديد فصائل التنظيم ليسوا سوريين فقط وجندوا وجاؤوا من دول كثيرة، والأولى ضبط الحدود ومواصلة ملاحقة العناصر «الداعشية» أينما كانت.أيضاً يجوز القول إن هناك وعيا متشكلا ويزيد انتشاراً بين الناس بأن معتقدات هذا التنظيم مشوهة وغير نظيفة، ولذلك فقد قاعدته الجماهيرية وخسر الكثير من المناصرين لقضيته المتطرفة، وبموت البغدادي سيموت «داعش» إن عاجلاً أم آجلاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» بعد البغدادي «داعش» بعد البغدادي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday