أوروبا وسياسة الضم
آخر تحديث GMT 15:50:21
 فلسطين اليوم -

أوروبا وسياسة الضم

 فلسطين اليوم -

أوروبا وسياسة الضم

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

أكثر من شهر بقليل يفصلنا عن خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، بعد أيام على موافقة الكنيست الإسرائيلي على حكومة وحدة بقيادة كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحليفه المستجد بيني غانتس، وهي حكومة لا تختلف كثيراً عن سابقاتها باستثناء أنها حكومة إنقاذ لنتنياهو.

أسئلة كثيرة مطروحة بين الأوساط النخبوية والسياسية بشأن تنفيذ إسرائيل مثل هذا القرار الذي يعكس بالتأكيد مخاطر وعواقب وخيمة، لكن العين ليست كلها على تل أبيب، لأنها فعلت الكثير قبل ذلك وصدرت عنها مخالفات انتهكت بشكل صارخ القانون الدولي وكل الأعراف الدولية.

والعين أيضاً ليست على الولايات المتحدة الأميركية، لأنها وحدها من شجّع إسرائيل على توسيع نفوذها في الضفة الغربية، وسكتت كل الوقت عن عمليات الاستيطان غير القانونية التي حدثت وتحدث بشكل متسارع لفرض وقائع على الأرض تمهد لقرار كبير كإعلان الضم.

ما يسترعي الانتباه حقيقةً هو موقف الاتحاد الأوروبي المبكر إزاء دعوة إسرائيل للتخلي عن خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية، إذ صدرت عن 25 دولة من أعضاء الاتحاد موافقة على بيان أعدته وزارة خارجية الاتحاد، يدعو فيه تل أبيب إلى عدم ضم مناطق في الضفة.

أغلب دول الاتحاد الأوروبي تعتبر أن مثل هذا القرار إن تم لا ينسجم مع توجهاتها بشأن ضرورة استئناف المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام القائم على حل الدولتين، الذي تدفع أوروبا به قدماً باعتباره خيارها الأول والأخير.

فقط كل من النمسا والمجر هما من رفضتا الانضمام إلى بيان الاتحاد الأوروبي، ويعكس هذا الموقف وغيره من المواقف الحساسة الأخرى غياب اتفاق جماعي حول القضايا الساخنة في أروقة الاتحاد، وهي كثيرة من بينها ملفات الهجرة والبريكست والعلاقة مع روسيا.

بيان الاتحاد في صيغته لا يعادي إسرائيل ولم يرتبط بمبدأ الثواب والعقاب، اللهم الا أنه ذكر بأهمية العودة إلى طاولة المفاوضات وتجنب الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب واحترام القانون الدولي، وفي المقابل الاستعداد والجهوزية للعمل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

على مستوى دول الاتحاد، تتحرك فرنسا بشكل فردي ومشترك مع ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لاستبدال فكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية باستئناف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو تحرك يبدو أنه لن يكتب له النجاح في ضوء الوضع القائم.

الأهم من هذا التحرك هو التحذير الفرنسي على لسان وزير الخارجية جان إيف لودريان من أن إسرائيل قد تتعرض لعقوبات أو إجراءات انتقامية إذا ما أقدمت على ترجمة قرار ضم الضفة، لأن مثل هذا القرار ينسف تماماً عملية السلام المجمدة منذ زمن وحيث يراهن عليها الأوروبيون لتحقيق حل الدولتين.

تزامن مع هذا التحرك توجيه رسالة من قبل 130 نائبا بريطانيا من أحزاب مختلفة إلى رئيس الوزراء جونسون تدعو إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل إذا ما ضمت مناطق في الضفة الغربية، في حين قدّم 10 سفراء أوروبيين احتجاجاً رسمياً للخارجية الإسرائيلية على نية الضم.

الموقف الأوروبي يشكر عليه ولا شك أنه يقلق إسرائيل ويجعلها تفكر أكثر من مرة في مسألة قراراتها، لكن الأهم من هذه المواقف هو البناء عليها على المستويين الشعبي والرسمي، والأهم تحريك الرأي العام الأوروبي الذي يمتلك القدرة الكافية للضغط على دوله للبقاء ثابتة على مواقفها إزاء طبيعة التعامل مع إسرائيل.

السلطة الفلسطينية التي اتهمت كل الوقت بأنها مستسلمة لإسرائيل ومع السلام الاستراتيجي، اضطرت إلى اتخاذ إجراءات تنسف موقفها المعهود، وهي إجراءات صحيحة في إطار التنكر الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني، وقرار الانتقال من السلطة إلى الدولة في محله وهو الوصفة الأكثر نجاحاً من قرار حل السلطة.

لكن في إطار التحشيد لإلحاق الأذى بإسرائيل على المستوى الدولي، من المهم بلورة تكتل أو جبهة دولية للضغط على تل أبيب ومنعها من ضم أجزاء في الضفة الغربية، والأهم أن يكون مستوى التنسيق بين المؤسسات الرسمية الحكومية وكذلك بين المؤسسات الأهلية بتفرعاتها الكثيرة.

قد تمضي إسرائيل في إعلان الضم وتستنفر واشنطن لممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبي لتجنب فرض إجراءات عقابية على تل أبيب، وفي المقابل قد يتخذ العالم موقفاً يشبه الموقف العربي من حيث رد الفعل. مجرد الاكتفاء بالاستنكار والرفض والشجب والإدانة بأقسى العبارات.

من الصعب توقع ردود الفعل الأوروبية إذا استولت إسرائيل بالقوة على أراضٍ في الضفة، لكن الموقف الأوروبي في صيغته الحالية جيد وبنّاء، بصرف النظر إذا حسبت تل أبيب لأوروبا ألف حساب أو عكس ذلك، والرهان على الوقت المتبقي والقدرة على المناورة في هذه المعركة الدولية، وكذلك الصمود والثبات الشعبي على الأرض.

قد يهمك أيضا :   

جدلية الجيش الأوروبي الموحد

ما وراء «تلفريك» القدس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا وسياسة الضم أوروبا وسياسة الضم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday