حدود الدور التركي في سورية
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

حدود الدور التركي في سورية

 فلسطين اليوم -

حدود الدور التركي في سورية

بقلم : هاني عوكل

لا تنفك القيادة التركية توجّه تهديدات بشأن التحرك العسكري صوب منبج السورية، التي يفصل بينها وبين عفرين في الشمال أقل من 150 كيلومتراً بقليل، غير أن هذه الرسائل تنطوي على أبعاد متنوعة، خصوصاً أن منبج تقع تحت سيطرة الأميركيين والأكراد.

سؤال التحرك التركي إلى مدينة عفرين والسيطرة عليها بعد حوالى شهرين من القتال المتواصل مع الأكراد هناك، يرجع إلى رغبة القيادة التركية في صياغة المشهد السوري وفق المصالح التركية الإستراتيجية، وهذا بدأ منذ أوائل النزاع السوري عام 2011.

تركيا حاولت ممارسة نفوذ إقليمي في سورية بهدف تعظيم حضورها في المشهدين الإقليمي والعالمي، فضلاً عن تأمين حدودها مع جيرانها العرب وفي القلب منهم سورية، لكن التدخلين الروسي والأميركي في النزاع السوري جعلا مهمة تركيا صعبة للغاية.

من ذلك على سبيل المثال أن الحكومة التركية نادت ليلاً نهاراً بضرورة إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري تهدف إلى حصر مسألة التدفق الديموغرافي في تلك المنطقة، وبالتالي فرملة لجوء السوريين إلى تركيا. إنما الهدف الأساس من إقامة هذه المنطقة هو منع أي وجود كردي مسلح في الشمال السوري، وضبط الحدود بطريقة حديدية تمنع التواصل الكردي في شقه السوري مع الآخر التركي.

أنقرة التي دخلت في علاقات صعبة مع روسيا على خلفية حادثة طائرة السوخوي التي أسقطتها الدفاعات التركية فوق السماء السورية، عادت تفكر أن وقوفها في عداوة مع موسكو لن يجلب لها المنفعة وإنما الضرر، ولذلك عاد الود حين اعتذر الرئيس رجب طيب أردوغان عن هذا السلوك.

بعد الاعتذار التركي حصلت الانفراجة بعودة المياه إلى مجراها، والأهم أن تركيا حظيت بدور معقول في الملف السوري، من حيث التأثير على شركائها السوريين للدخول في مفاوضات حضّرت لها كل من روسيا وإيران وتركيا.

ويجوز القول: إن أنقرة استفادت من تحسن علاقتها بموسكو، وهذا جعلها تتحرك عسكرياً لطرد الأكراد من محيط عفرين السورية، ذلك أن روسيا هي التي وافقت على هذا التحرك، وكذلك فعلت الولايات المتحدة الأميركية، أو على الأقل غضت الطرف عن التحرك التركي وتفهمته.

لكن وجهة أنقرة لا تستهدف عفرين فقط، إنما تريد القيادة التركية أن تطمئن لمسألة إزالة التهديد الكردي، والعمل على تفتيت أي تواصل جغرافي كان يمكن له أن يشكل حزاماً أمنياً في الشمال السوري، ولذلك كانت الحلقة الأضعف في عنوان عفرين التي كان يسيطر عليها الأكراد.

معادلة منبج مختلفة 360 درجة عن عفرين بحكم أن الأميركيين هناك، وهم وحدهم من يستطيعون فرملة التحرك التركي، وأساساً من غير المستبعد أن تقدم أنقرة على مغامرة خطيرة دون موافقة الأميركيين في هذا الأمر.

ما تريده القيادة التركية لتحقيق الجزء الأهم من أهداف عمليتها، هو محاربة الأكراد في الشرق من عفرين نحو منبج، ونقلهم بالسلم أو القوة إلى شرق نهر الفرات، بحيث لا يكون هناك أي تواجد كردي من غرب الفرات.

بطبيعة الحال لو كان الأمر بيد الأتراك لأنهوا الأكراد في منطقة واسعة يسيطرون عليها تصل إلى حوالى ربع الدولة السورية، إنما هناك مخاطر كبيرة من مثل هذا الإجراء، لأنها تعني أولاً توتراً شديداً في العلاقات مع الحليفة واشنطن، وثانياً توتراً مع روسيا التي تربطها علاقات جيدة مع الأكراد أيضاً، إلى جانب الحساسية الدولية من مثل هذا التحرك.

لهذه الأسباب لم تقبل القيادة التركية على التحرك صوب منبج، ولذلك نسمع بين الوقت والآخر عن تصريحات تهدد بالذهاب إلى هناك، وهي في الأساس رسائل تصل إلى الأميركيين من حيث أن عليهم تفهم الموقف التركي من العقدة الكردية.

أما أن تبقى أنقرة إلى الأبد في سورية، فإن هذا الأمر غير منطقي ولن تشكل عفرين عنواناً لسيطرة دائمة هناك لأكثر من اعتبار، وهو أن الوجود الدائم في سورية سيعني بشكل أو بآخر مواجهة بين النظامين التركي والسوري بعد أن تتمكن القوات الحكومية السورية من إزالة أهم المهددات في حساباتها.

ثانياً: لن تقبل روسيا بإقامة تركية دائمة في سورية، لكنها تستوعب أن لأنقرة مصالح في الملعب السوري، حالها من ذلك حال إيران وإسرائيل، ولذلك فإن موسكو تتعامل مع تركيا في الملف السوري بمنطق «الأخذ والرد» وهي سياسة تقوم على تقاسم المصالح في المنطقة.

ثالثاً: قد تتأجج الأوضاع الداخلية في تركيا على خلفية السيطرة الدائمة على عفرين، ناهيك عن تأثير الوجود الدائم على الفواتير السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولذلك فإن تركيا تراهن في سعيها إلى تحقيق أهدافها بإضعاف الوجود الكردي في سورية إلى مرحلة لا يشكل فيها خطراً على المصالح القومية التركية.

أغلب الظن أن النظام السوري لا يعتبر الجارة تركيا بعبعاً بالمعنى الحقيقي حتى وإن سيطرت على عفرين، خصوصاً أن روسيا هي التي ترسم خريطة النفوذ وهي التي تمتلك قوة التأثير في الملف السوري، وبالتالي من غير المستبعد أن تجد قناةً للحوار بين البلدين تؤسس لعلاقات صحية بينهما.

هذا هو هامش النطاق الذي تلعبه تركيا في سورية من دور كان يذهب إلى توسيع النفوذ لتأكيد الحضور الإقليمي وتعظيمه بالرهان على دول تابعة لها أو تسير في فلكها، إلى دور يؤكد أحقية أنقرة في تأمين مصالحها الإستراتيجية بإزالة التهديد الكردي من الشمال السوري.

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود الدور التركي في سورية حدود الدور التركي في سورية



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday