سورية التي يضربها الجميع
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

سورية التي يضربها الجميع

 فلسطين اليوم -

سورية التي يضربها الجميع

بقلم : هاني عوكل

كادت أن تؤدي الضربة العسكرية الثلاثية الغربية لسورية التي وقعت قبل حوالى الأسبوع، إلى حرب بين القوى الدولية المؤثرة في النزاع السوري، على خلفية اتهام الولايات المتحدة وحلفائها للنظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في دوما.

مجلس الأمن تداعى للانعقاد حول كيماوي سورية 6 مرات في أقل من عشرة أيام، ولم يخلص إلى تحديد الطرف الذي استخدم الكيماوي، ما دفع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعلان توجيه ضربة محددة وواضحة الأهداف بما سماها صواريخ جيدة وذكية.

كانت واشنطن تتأمل بأن تكون ضربتها أكثر قوةً وتأثيراً، لكن روسيا التي أبدت انزعاجاً كبيراً من إعلان ترامب، توعدت بإسقاط أي صواريخ تطلق باتجاه سورية يشمل ذلك منصاتها، لذلك أخذ أمر الإعلان وقتاً من الزمن حتى تتمكن بعض الدول التي تعتبر نفسها صليباً أحمر، من إيجاد تخريجة ذكية لموضوع الضربة الغربية.

فرنسا التي شاركت مع بريطانيا في الضربة العسكرية، سعت إلى تخفيف حالة التوتر للحفاظ على وجه ماء الدولتين العظميين أميركا وروسيا، خصوصاً أنه كان من الصعب جداً تراجع الرئيس ترامب عن توجيه الضربة بعد توعداته.

أيضاً دخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خط التفاوض بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وفعلاً ما جرى كان أشبه بتحديد مواقع سورية، ما دفع موسكو للطلب من دمشق إخلاء مقراتها الحكومية والتحوط للصواريخ الغربية.

هذا جاء مقابل عدم تدخل روسيا لإسقاط الصواريخ، وفعلاً قصفت البوارج الحربية الغربية عدداً من المقرات السورية بالقرب من دمشق وحمص بأكثر من 100 صاروخ، قيل: إن المضادات الأرضية السورية أسقطت أكثر من نصفها.

كان واضحاً أن الضربة محدودة الوقت ومحددة جداً، بدليل أنها لم تُخلّف قتيلاً واحداً، ولم تترك وراءها سوى خسائر مادية تتصل بالمواقع، ذلك أن النظام السوري نقل كافة معداته العسكرية، لكن موسكو التي أغصبتها الضربة الغربية، قالت: إنها تفكر بتزويد النظام السوري بصواريخ أس 300 المتطورة.

وبعدها مباشرةً حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة توجيه ضربة أخرى إلى سورية، وهي إشارة إلى أن موسكو ضاقت ذرعاً بملف الكيماوي الذي يجري توظيفه في إطار التشويش على دورها في إنهاء النزاع السوري بعوائد ربحية كبيرة.

وكما حصل من قبل، دخل هذا الملف وشوّش على طبيعة العلاقات التي تحكم القوى الدولية المؤثرة في النزاع السوري، ومن غير المستبعد أن يعود هذا الملف إلى الواجهة من جديد، في محاولة لشيطنة النظام السوري وإبطاء تقدمه العسكري على حساب قوى المعارضة الأخرى.

الآن ما يحصل هو أشبه بمحاولة لترقيع ما شاب من توتر بعد الضربة الغربية للمنشآت السورية، إذ ينشط المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا لزيارة عدد من العواصم الغربية في سبيل إطلاق مفاوضات حول الملف السوري تعقد خلال أيام.

في كل الأحوال الحديث عن عودة المفاوضات إلى الواجهة هو أمرٌ غير منطقي في هذه الأوضاع، إذ ليست روسيا متحمسة لعقد مفاوضات خارج إطار أستانا، وكذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية التي لا تزال ترفض الحوار المباشر مع النظام السوري.

الغرب بدا مقتنعاً أن النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد أصبح يتحكم بموازين القوة في النزاع المحلي، وكان واضحاً أن الضربة الغربية لم تضعف النظام السوري ولم تستهدف رئيسه، بدليل أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قالت ذلك علناً.

هي قالت ذلك حتى تبيع لروسيا موقفاً يجعل الأخيرة مطمئنة إلى عدم الرد على الفعل العسكري الغربي، مع ذلك لا تزال بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، تستهدف النظام السوري بدواعي إضعافه سياسياً وجعله الطرف الذي لم يربح المعركة.

بعد الضربة الأخيرة لن تكون هناك ضربة قريبة، ربما لأن روسيا هذه المرة كشّرت عن أنيابها، وأبدت انزعاجاً شديداً نقلته إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تسعى إلى ترطيب الأجواء وفحص إمكانية إجراء حوار يجمع الدول الكبرى المنخرطة في النزاع السوري.

الملاحظ أن النظام السوري يستعجل تحقيق اختراقات إيجابية على الأرض، من بين ذلك مثلاً سعيه إلى تنظيف كل دمشق من جميع أنواع المعارضات قبل الدخول في أي مفاوضات، لأن مثل هذا الفعل سيعني تغيراً في قواعد اللعبة السياسية.

والمشكلة كلها ليست في النزاع المحلي، لأنه مع الوقت يمكن إنهاء الأزمة السورية بالفعل العسكري، لكن العامل الدولي يلقي بظلاله على الأزمة السورية ويجعل طريقها طويلة للذهاب نحو الحل الحقيقي، وبالتالي ما زلنا أمام أشواط طويلة من الأخذ والرد بين القوى الدولية المؤثرة في الملف السوري.
كان يمكن للأزمة السورية أن تنتهي في غضون عام أو عامين على أبعد تقدير، لكن المصالح الدولية هي التي أطالت من هذه الأزمة، والآن هي تصفي حساباتها مرةً في سورية وقبلها في أوكرانيا وبعدها الله أعلم، لتحقيق أكبر منافع ممكنة.

إذا ربحت روسيا الحرب من المربع السوري، فإنها ستربح سورية التي ستصبح عدا كونها قاعدة عسكرية روسية دائمة، ورشة للاستثمارات التي ستجعل الدولة السورية بلداً تابعاً لروسيا من جميع النواحي، السياسية والأمنية والاقتصادية.

باختصار، الدول الغربية لم تأت إلى سورية لإنقاذها، بل هي جاءت أولاً لإضعاف هذا البلد في مقابل تعاظم القوة الإسرائيلية، وثانياً من أجل البحث عن موطئ قدم ونظام يمكنه أن يكون مستعداً لقول "حاضر" في كل الوقت.

الثمن وحده يدفعه السوري الذي خرج بالقوة وتحت هاجس الخوف من بلاده، وهو ثمن كبير سيعيد دفعه السوري أيضاً لإعادة بلده على الخريطة السياسية والاقتصادية العالمية، وهي سنوات من العمل المضني علها تعيد هذا البلد إلى دائرة التأثير الإقليمي.    

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية التي يضربها الجميع سورية التي يضربها الجميع



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday