هل حان وقت العودة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

هل حان وقت العودة؟

 فلسطين اليوم -

هل حان وقت العودة

بقلم :هاني عوكل

عشرة أعوام بالضبط مرت على الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي ساهم في إعادة القضية الفلسطينية إلى الوراء وفقدها مركزيتها على حساب هيمنة القضايا المعيشية وأولوية البحث عن لقمة العيش والتحوط لمشكلات ندرة الكهرباء والغاز والمياه. نعم عشرة أعوام هدرت وضاعت من عمر الشعب الفلسطيني الذي زادت معاناته وتفاقمت إلى درجة خطيرة جداً، ويكفي في جردة حساب سريعة تقييم مرحلة ما قبل الانقسام عن المرحلة التي ما بعدها، بالقول إن الوطن في المرحلة الأولى لم يكن يخضع للقسمة.

اليوم الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية ممزقة إلى درجة كبيرة، من أصحابها ومن الاحتلال الإسرائيلي الذي يستوطن يوماً بعد يوم ويسرق الأراضي في النهار والليل على وقع الانقسام الداخلي، ويستفرد بالقضية الفلسطينية كما لو أنه حصل على جائزة كبيرة جداً. فاتورة الضرر الفلسطيني من واقع الانقسام هي كبيرة ولم يعد من الممكن تحملها، إذ عدا عن الوضع الداخلي المأزوم والمهزوم هذا الذي يهدد مستقبل الديمغرافيا الفلسطينية في ظل صعوبات الحل، فإن العلاقات الفلسطينية الخارجية هي أيضاً في مربع الخطر.

"حماس" التي كانت السبب الرئيسي في الانقسام وإدامته إلى يومنا هذا، ربما لم تخضع نفسها لقراءة متأنية معمقة حول مجريات ومستقبل هذا الانقسام، وإلا كنا سنستمع إلى تصريحات واعية عن دعوات صريحة لوضع ترتيبات مستعجلة لإنهاء الخلاف الداخلي. ما تقوم به "حماس" الآن هو مناورة سياسية خارجية وداخلية لتخفيف الضغط عنها، ذلك أنها لا تريد أن تصل إلى مرحلة تسليم السلطة للسلطة الفلسطينية، ولذلك لا يبدو أن الحركة الحمساوية استوعبت درس الانقسام الداخلي وفهمت أنه رجس من عمل الشيطان.

"حماس" ليست ملاكا، بدليل أنها كانت تمقت أوسلو وتلعنه وتسبه كل الوقت، إلى جانب أنها كانت ترى في المجلس التشريعي علامة استفهام وترفض اعتباره كياناً مستقلاً خاضعا لسلطة فلسطينية تراها تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك مارست ما تعتبره حقها في العملية الانتخابية. استدارة "حماس" نحو المشاركة في الانتخابات التشريعية، كان بمثابة العلامة الأولى على صعيد تغير الحركة، فقد أثبتت بعد هذه التجربة أنها انتهازية بامتياز، تتطلع إلى تأمين مصالحها وتعظيم ما يمكن أن تحققه على أرض الواقع.

النتيجة طبقت على ظهر الفلسطينيين كل الفلسطينيين، ولم يكن بالإمكان وقتها الحديث عن إعادة تجربة حكم "فتح" في إطار ظواهر غير ناضجة لحركة عاقبت نفسها بنفسها، ذلك أن أصوات عديد الفتحاويين المتململين من حركتهم أسهمت في فوز "حماس" بالتشريعي. على أن الشعب الفلسطيني وقتها كان يطمع في تجريب حكومة جديدة ونظام سياسي مختلف عن التجربة الفتحاوية، ولم يكن يدرك وقتها أن "حماس" التي صعدت إلى النجومية بفعل المقاومة المسلحة، هي نفسها "حماس" التي تستخدم الأسلوب المقاوم حسب ما تمليه عليه حاجتها. الشيء الوحيد الذي تفعله "حماس" الآن هو إدارة قطاع غزة، وأما بخصوص المقاومة فإنها خاضعة لترتيبات معينة، ترتيبات تتصل بالفعل الإسرائيلي وتساهيل الرد عليه أو بظروف داخلية صعبة وحاجة إلى الخروج من عنق الزجاجة. لقد أخطأت الحركة الحمساوية حين دخلت الانتخابات التشريعية

وأخطأت أيضاً في علاقاتها الخارجية بمحيطها العربي، غير أنها لا تدفع الثمن بقدر ما يدفعه الشعب الفلسطيني، وبقدر ما يعتبر ذلك جائزة مجانية للاحتلال الإسرائيلي الذي استراح من عناء المفاوضات والضغوط الخارجية عليه وجدوى الحديث عن تنازلات للفلسطينيين. أيضاً "فتح" ليست ملاكا وهي و"حماس" أخطأتا بحق الشعب الفلسطيني، والنتيجة وجود حكمين في منطقتين جغرافيتين متباعدتين منفصلتين، والنتيجة أيضاً اتخاذ قرارات صعبة تؤثر على الشعب الفلسطيني جملةً وتفصيلاً وتضعف من عوامل صموده أمام الاحتلال. يحدث الآن في فلسطين أن لا توجد مقاومة سلمية أو مسلحة بالمعنى الجمعي التوافقي، ويحدث أيضاً أن السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية معطلة، والمقصود هنا سلطات على كامل التراب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. يحدث أيضاً أن إسرائيل تستأسد على الفلسطينيين وتمارس سياساتها العنصرية التعسفية بحقهم، ويحدث أن الضفة بما فيها القدس الشرقية تخضع للتهويد المنهجي، ويحدث أن إسرائيل تتوسع شرقاً وغرباً في علاقاتها، وتفعل المستحيل من أجل وقف التحركات الدولية التي تسعى إلى مقاطعتها.

يحدث أن المواطن الفلسطيني المغلوب على أمره، يتطلع إلى الخروج من وطنه للبحث عن لقمة العيش وحياة آمنة تقيه من شر الانقسام ولعنة الجلطات والأمراض التي تتسلل إلى قطاع غزة بسبب الظروف المعيشية، ويحدث أن معبر رفح مغلق أغلب الوقت، في حين يعيش الناس في زنزانة كبيرة. ربما بات أولى على الفلسطينيين أن يعلنوا انتفاضة داخلية على كل مظاهر وأشكال الانقسام الداخلي، ويلزموا فصائل الانقسام العودة السريعة عنه، خصوصاً وأن عدم التحرك في هذه الظروف الحالية هو بمثابة انتحار بطيء. ينبغي أن تكون الأولوية القصوى موجهة نحو رفض الانقسام

إما بإمهال "حماس" و"فتح" وقتاً زمنياً محدداً لفتح حوار صريح وشامل ينهي مظاهر الافتراق، وإما أن على الشعب أن يتحرك بقوة لفرض المصالحة عليهما بالباع والذراع. ثمة حاجة في هذا الإطار لوجود قطب ثالث مرن وواعي تجاه حساسية اللحظة الراهنة، بمعنى قطب قادر على المناورة السياسية، يمتلك كاريزما ومقومات التأثير على الرأي العام، والأهم أنه قطب قادر على تحمل المسؤوليات الوطنية ويمتلك مرونة القيادة بتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الشخصية.

وجود مثل هذا القطب هو أمر ضروري وملح في ظل حالة الاستقطاب التي يعيشها الفلسطينيون بين تنظيمين تغلب عليهما المصالح الشخصية، إن لم يكن قطباً يمارس العمل السياسي، فعلى الأقل قطب يمارس سياسة اللوبيات الضاغطة على أمل تصويب الانقسام وإنهاء هذه المحطة. لقد تحمل الفلسطينيون عشرة أعوام من عمرهم، لكن الله أعلم إذا كانوا ما يزالوا مستعدين لتقديم التضحيات وتحمل هذا الانقسام البغيض، لأن الأزمة الداخلية إذا طالت إلى أكثر من ذلك، فيحنها علينا أن نقول السلام على القضية الفلسطينية ومستقبلها ومستقبل من فيها.  -

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل حان وقت العودة هل حان وقت العودة



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday