هل حان وقت العودة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

هل حان وقت العودة؟

 فلسطين اليوم -

هل حان وقت العودة

بقلم :هاني عوكل

عشرة أعوام بالضبط مرت على الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي ساهم في إعادة القضية الفلسطينية إلى الوراء وفقدها مركزيتها على حساب هيمنة القضايا المعيشية وأولوية البحث عن لقمة العيش والتحوط لمشكلات ندرة الكهرباء والغاز والمياه. نعم عشرة أعوام هدرت وضاعت من عمر الشعب الفلسطيني الذي زادت معاناته وتفاقمت إلى درجة خطيرة جداً، ويكفي في جردة حساب سريعة تقييم مرحلة ما قبل الانقسام عن المرحلة التي ما بعدها، بالقول إن الوطن في المرحلة الأولى لم يكن يخضع للقسمة.

اليوم الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية ممزقة إلى درجة كبيرة، من أصحابها ومن الاحتلال الإسرائيلي الذي يستوطن يوماً بعد يوم ويسرق الأراضي في النهار والليل على وقع الانقسام الداخلي، ويستفرد بالقضية الفلسطينية كما لو أنه حصل على جائزة كبيرة جداً. فاتورة الضرر الفلسطيني من واقع الانقسام هي كبيرة ولم يعد من الممكن تحملها، إذ عدا عن الوضع الداخلي المأزوم والمهزوم هذا الذي يهدد مستقبل الديمغرافيا الفلسطينية في ظل صعوبات الحل، فإن العلاقات الفلسطينية الخارجية هي أيضاً في مربع الخطر.

"حماس" التي كانت السبب الرئيسي في الانقسام وإدامته إلى يومنا هذا، ربما لم تخضع نفسها لقراءة متأنية معمقة حول مجريات ومستقبل هذا الانقسام، وإلا كنا سنستمع إلى تصريحات واعية عن دعوات صريحة لوضع ترتيبات مستعجلة لإنهاء الخلاف الداخلي. ما تقوم به "حماس" الآن هو مناورة سياسية خارجية وداخلية لتخفيف الضغط عنها، ذلك أنها لا تريد أن تصل إلى مرحلة تسليم السلطة للسلطة الفلسطينية، ولذلك لا يبدو أن الحركة الحمساوية استوعبت درس الانقسام الداخلي وفهمت أنه رجس من عمل الشيطان.

"حماس" ليست ملاكا، بدليل أنها كانت تمقت أوسلو وتلعنه وتسبه كل الوقت، إلى جانب أنها كانت ترى في المجلس التشريعي علامة استفهام وترفض اعتباره كياناً مستقلاً خاضعا لسلطة فلسطينية تراها تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك مارست ما تعتبره حقها في العملية الانتخابية. استدارة "حماس" نحو المشاركة في الانتخابات التشريعية، كان بمثابة العلامة الأولى على صعيد تغير الحركة، فقد أثبتت بعد هذه التجربة أنها انتهازية بامتياز، تتطلع إلى تأمين مصالحها وتعظيم ما يمكن أن تحققه على أرض الواقع.

النتيجة طبقت على ظهر الفلسطينيين كل الفلسطينيين، ولم يكن بالإمكان وقتها الحديث عن إعادة تجربة حكم "فتح" في إطار ظواهر غير ناضجة لحركة عاقبت نفسها بنفسها، ذلك أن أصوات عديد الفتحاويين المتململين من حركتهم أسهمت في فوز "حماس" بالتشريعي. على أن الشعب الفلسطيني وقتها كان يطمع في تجريب حكومة جديدة ونظام سياسي مختلف عن التجربة الفتحاوية، ولم يكن يدرك وقتها أن "حماس" التي صعدت إلى النجومية بفعل المقاومة المسلحة، هي نفسها "حماس" التي تستخدم الأسلوب المقاوم حسب ما تمليه عليه حاجتها. الشيء الوحيد الذي تفعله "حماس" الآن هو إدارة قطاع غزة، وأما بخصوص المقاومة فإنها خاضعة لترتيبات معينة، ترتيبات تتصل بالفعل الإسرائيلي وتساهيل الرد عليه أو بظروف داخلية صعبة وحاجة إلى الخروج من عنق الزجاجة. لقد أخطأت الحركة الحمساوية حين دخلت الانتخابات التشريعية

وأخطأت أيضاً في علاقاتها الخارجية بمحيطها العربي، غير أنها لا تدفع الثمن بقدر ما يدفعه الشعب الفلسطيني، وبقدر ما يعتبر ذلك جائزة مجانية للاحتلال الإسرائيلي الذي استراح من عناء المفاوضات والضغوط الخارجية عليه وجدوى الحديث عن تنازلات للفلسطينيين. أيضاً "فتح" ليست ملاكا وهي و"حماس" أخطأتا بحق الشعب الفلسطيني، والنتيجة وجود حكمين في منطقتين جغرافيتين متباعدتين منفصلتين، والنتيجة أيضاً اتخاذ قرارات صعبة تؤثر على الشعب الفلسطيني جملةً وتفصيلاً وتضعف من عوامل صموده أمام الاحتلال. يحدث الآن في فلسطين أن لا توجد مقاومة سلمية أو مسلحة بالمعنى الجمعي التوافقي، ويحدث أيضاً أن السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية معطلة، والمقصود هنا سلطات على كامل التراب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. يحدث أيضاً أن إسرائيل تستأسد على الفلسطينيين وتمارس سياساتها العنصرية التعسفية بحقهم، ويحدث أن الضفة بما فيها القدس الشرقية تخضع للتهويد المنهجي، ويحدث أن إسرائيل تتوسع شرقاً وغرباً في علاقاتها، وتفعل المستحيل من أجل وقف التحركات الدولية التي تسعى إلى مقاطعتها.

يحدث أن المواطن الفلسطيني المغلوب على أمره، يتطلع إلى الخروج من وطنه للبحث عن لقمة العيش وحياة آمنة تقيه من شر الانقسام ولعنة الجلطات والأمراض التي تتسلل إلى قطاع غزة بسبب الظروف المعيشية، ويحدث أن معبر رفح مغلق أغلب الوقت، في حين يعيش الناس في زنزانة كبيرة. ربما بات أولى على الفلسطينيين أن يعلنوا انتفاضة داخلية على كل مظاهر وأشكال الانقسام الداخلي، ويلزموا فصائل الانقسام العودة السريعة عنه، خصوصاً وأن عدم التحرك في هذه الظروف الحالية هو بمثابة انتحار بطيء. ينبغي أن تكون الأولوية القصوى موجهة نحو رفض الانقسام

إما بإمهال "حماس" و"فتح" وقتاً زمنياً محدداً لفتح حوار صريح وشامل ينهي مظاهر الافتراق، وإما أن على الشعب أن يتحرك بقوة لفرض المصالحة عليهما بالباع والذراع. ثمة حاجة في هذا الإطار لوجود قطب ثالث مرن وواعي تجاه حساسية اللحظة الراهنة، بمعنى قطب قادر على المناورة السياسية، يمتلك كاريزما ومقومات التأثير على الرأي العام، والأهم أنه قطب قادر على تحمل المسؤوليات الوطنية ويمتلك مرونة القيادة بتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الشخصية.

وجود مثل هذا القطب هو أمر ضروري وملح في ظل حالة الاستقطاب التي يعيشها الفلسطينيون بين تنظيمين تغلب عليهما المصالح الشخصية، إن لم يكن قطباً يمارس العمل السياسي، فعلى الأقل قطب يمارس سياسة اللوبيات الضاغطة على أمل تصويب الانقسام وإنهاء هذه المحطة. لقد تحمل الفلسطينيون عشرة أعوام من عمرهم، لكن الله أعلم إذا كانوا ما يزالوا مستعدين لتقديم التضحيات وتحمل هذا الانقسام البغيض، لأن الأزمة الداخلية إذا طالت إلى أكثر من ذلك، فيحنها علينا أن نقول السلام على القضية الفلسطينية ومستقبلها ومستقبل من فيها.  -

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل حان وقت العودة هل حان وقت العودة



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday