عن شروط واشنطن لتسوية الأزمة السورية
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

عن شروط واشنطن لتسوية الأزمة السورية

 فلسطين اليوم -

عن شروط واشنطن لتسوية الأزمة السورية

بقلم :هاني عوكل

طرحت الإدارة الأميركية مؤخراً موقفها من النزاع السوري الذي اشترطت لتسويته تحقيق ثلاثة شروط يمكن البناء عليها لإنهاء هذه الأزمة الصعبة التي تتقاطع فيها مصالح قوى إقليمية ودولية لا يهمها سوى السيطرة على مقدرات هذا البلد.

وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قال للصحافيين: إنه لا يحبذ أن يكون هناك عداء مع دولة قوية نووية مثل روسيا، وأنه سيسعى إلى تحسين العلاقات مع موسكو على الرغم من توترها حديثاً.

تيلرسون حدد ثلاثة شروط لتحقيق الاستقرار في سورية، الأولى تتعلق بضرورة انسحاب القوات الإيرانية من الأراضي السورية، وثانياً صياغة دستور يلبّي تطلعات البلاد، وثالثاً إجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.

هذه هي الشروط التي حددها وزير الخارجية الأميركي دون أن يدخل في تفاصيلها، إذ عدا عن الوضوح في الشرط الأول، فإن الشرطين الثاني والثالث فضفاضين كثيراً ويحتملان الخلاف، خصوصاً وأن النغمة الأميركية عادت للحديث عن أن مستقبل سورية ينبغي أن يصاغ بعيداً عن أي دور للرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

صياغة دستور بالنسبة للولايات المتحدة يستلزم وفق رؤيتها ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المكونات السياسية والدينية في المعادلة السورية، وهذا يشمل تحديداً الأكراد الذين تدعمهم واشنطن من أجل كسب معركة قوية ومحتدمة مع تنظيم «داعش» الإرهابي في كل من الرقة ودير الزور.

أما إجراء انتخابات ديمقراطية في سورية فإن الولايات المتحدة تفترض فيها رحيل الأسد عن السلطة، وهذا الشرط الذي كان يتبدل بين الحين والآخر خاضع لحسابات المصالح الدولية في هذه المنطقة، ذلك أن استدعاءه بالنسبة للأميركان نوع من أنواع الضغط على روسيا للحصول على ثمن في المقابل، ليس بالضرورة أن يكون في سورية.

لماذا تشترط واشنطن الآن رحيل القوات الإيرانية عن سورية من أجل تسوية الأزمة السورية؟ وما الذي يدفعها للتركيز على موضوع الأسد بعدما كانت أولوية الرئيس الأميركي ترامب هي محاربة تنظيم «داعش» وترك مصير الأسد للسوريين؟

الموضوع بطبيعة الحال مرتبط إلى حد كبير بطبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وله علاقة أيضاً بالعقوبات الجديدة ضد روسيا، فضلاً عن طرد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مئات من الدبلوماسيين الأميركيين.

تيلرسون اعترف بعظمة لسانه أن هذا التوتر بين البلدين سيصعّب الوضع ويجعله أكثر تعقيداً، وهو بالفعل سينعكس سلباً على ما يجري في سورية، لأن واشنطن في الأساس لا تريد حليفاً قوياً مثل روسيا يدعم النظام السوري، كون أن مثل هذا الحلف سيعني صموده وهو كذلك.

بالمختصر المفيد لن تستسلم واشنطن لروسيا في سورية، ووجود قواعد عسكرية أميركية في الشمال السوري وواحدة في جنوب شرق سورية، تؤكد أن الإدارة الأميركية تتجه إلى توسيع حضورها في المشهد السوري، وهذا يتأكد حينما تدعم هذه الإدارة قوات سورية الديمقراطية هناك.

لقد راهنت واشنطن كثيراً على الجيش السوري الحر للصمود في وجه القوات الحكومية السورية، وقدمت مختلف أنواع الدعم لهذا التنظيم العسكري، غير أن ضعفه وعدم قدرته على أن يكون نداً قوياً، جعل من الإدارة الأميركية تفكر في دعم قوة عسكرية محلية أخرى.

الآن تولي واشنطن كل العناية والدعم والإسناد لقوات سورية الديمقراطية، التي ترى في وجودها رأس حربة في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي والقوات الحكومية السورية، لكن أكثر ما يهم الأميركان في هذه اللحظة هو كسب الحرب ضد تنظيم «داعش».

تبحث الإدارة الأميركية عن نصر ضد «داعش» في الرقة ودير الزور، ومثل هذا النصر يخدم الحكومة الأميركية ويقدمها على أن وجودها في سورية ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار، وهي نقطة تحسب لها في مناورتها السياسية مع روسيا.

أيضاً تنظر روسيا بأهمية بالغة إلى تنظيم «داعش»، وتدعم القوات الحكومية السورية من أجل استعادة كل من الرقة ودير الزور من معاقل هذا التنظيم المتطرف، وترى في بسط السيطرة على هاتين المحافظتين نصر يُعجّل من كسب النزاع في سورية.

في كل الأحوال تمتلئ سورية بالقوات المحلية والأجنبية، وهذا الوجود العسكري يستلزم بالتوازي مع المسارات السياسية أستانة وجنيف، يحتاج إلى تفاهمات من نوع آخر بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا تحديداً.

الموضوع يتعلق بالهيمنة والاستحواذ، ذلك أن تجربة سورية في النزاع هي تجربة قديمة حصلت سابقاً في أكثر من دولة، إذ أن مسألة تدويل النزاع يصعب الفكاك منها والحديث عن خاسر ومنتصر، خصوصاً إذا ما كانت مصابة بحمى تعدد وتنوع الأطراف الدولية.

سورية أصابتها هذه العدوى، وأي انسحاب روسي أو أميركي أو إيراني أو تركي، يحتاج إلى تفاهمات وصياغات من حيث المساومة بين تلك الأطراف للتخلي عن دورها في سورية، وتحقيق هذا ليس بالأمر السهل.

لا أحد من هؤلاء قلبه مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، المهم بنظرهم هو تحقيق أكبر مصلحة ممكنة في سورية، وعدم تركها لقمة سائغة للغريم الآخر، لأن ذلك سيعني بالضرورة صعوداً لقوى تملأ الفراغ مقابل أخرى.

لن تقبل روسيا بهذه الشروط الأميركية، ولا إيران سترضى بالخروج من سورية تحت قناعة أنها جاءت بطلب من النظام السوري، أضف إلى ذلك أن التوتر بين واشنطن وموسكو وطهران على خلفية فرض عقوبات من جانب الأولى على الأخيرتين سيؤدي إلى احتدام الخلاف والنزاع في المربع السوري.

ثمة مثل يقول «كثرة الطباخين تفسد الطبخة».. هذا بالفعل ينطبق على سورية التي دخلتها الدول الكبرى ووجدت أن دخول هذا البلد ليس مثل الخروج منه، الجميع يريد أن يحصل على ثمن هذا الوجود، حتى لو كان على حساب الشعب السوري ووحدة الأرض السورية.  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن شروط واشنطن لتسوية الأزمة السورية عن شروط واشنطن لتسوية الأزمة السورية



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday