ماذا يريد أردوغان من بوتين
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

ماذا يريد أردوغان من بوتين؟

 فلسطين اليوم -

ماذا يريد أردوغان من بوتين

بقلم: هاني عوكل

قبل يومين، طار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين والتباحث في معالجة ملفات "دسمة" بسلّة النزاع السوري الذي يشهد تطورات دراماتيكية تنذر بنهاية هذه الأزمة.
أردوغان الذي اقترح على الرئيس الأميركي دونالد ترامب فكرة إقامة حزام أمني على الحدود السورية- التركية، التقى بوتين للبحث في إمكانية نقل هذا المقترح إلى واقع، ذلك أن القيادة التركية تسابق الزمن لإنشاء المنطقة الآمنة قبل أو خلال الانسحاب الأميركي من سورية.
في القمة، بدا أن أردوغان منحاز للحديث مفصلاً ومطولاً عن المنطقة الآمنة، وبدا أيضاً لنظيره بوتين أن الحديث ينبغي أن يركز على ملف محافظة إدلب الذي ترى فيه موسكو موضوع الساعة والأولوية التي تسبق أولوية "منطقة تركيا" الآمنة.
بوتين في مقترح المنطقة الآمنة لم يدخل كثيراً في التفاصيل، ولم يقدم معالجات سريعة، وإنما اكتفى بالقول: إن استقرار المنطقة منوط بفتح حوار بين الحكومة السورية وممثلين عن الأكراد، ويبدو أن الروس منحازون لمسألة أن حل المشكلة الكردية ينبغي أن يكون من الداخل السوري.
في الحقيقة، يجوز القول: إن هذه الرؤية منطقية، لأنه بالحوار الداخلي بين سورية الأسد والأكراد قد يعني ذلك علامة جيدة في دفتر المصالحات الداخلية، وعلامة مقبولة في مسألة طمأنة جيران سورية من العقدة الكردية.
مع ذلك، لا تبدو هذه الرؤية الروسية بنظر أردوغان مقبولة، حيث يريد الأخير إقامة منطقة آمنة خالية من الأكراد وتقع صلاحياتها في عهدة الأتراك، بينما يرى بوتين أن الحل الذي يمكن الوصول إليه في المنطقة الآمنة هو أن تكون تحت عهدة الجيش السوري.
بوتين لم يجب عن كل أسئلة أردوغان القلقة بشأن المنطقة الآمنة، واستبدل هذا الحديث بالبحث في موضوعات كثيرة من بينها التنسيق والتعاون بين البلدين خلال وبعد الانسحاب الأميركي من سورية، فضلاً عن البحث في مصير محافظة إدلب.
في موضوع الانسحاب الأميركي، اتفق الرئيسان على التعاون لمنع حدوث أي فراغ يتزامن مع هذا الانسحاب ويفضي إلى سيطرة التنظيمات الإرهابية على مواقع الأميركان. أردوغان يقصد هنا الأكراد وهو لا يريد بأي شكل من الأشكال أن يستلموا المواقع الأميركية.
الروس في المقابل يبحثون في أولوية أن يسيطر الجيش السوري على المواقع التي سيخليها الأميركان، ولذلك قد تدفع موسكو لجهة فتح حوار بين الحكومة السورية والأكراد حول هذا الموضوع ومسألة ما بعد الانسحاب الأميركي من سورية.
أما فيما يتعلق بملف إدلب، يمكن القول: إن الروس أبدوا انزعاجهم من التدهور الحاصل في منطقة خفض التصعيد هناك، ذلك أن تنظيم جبهة النصرة المتطرف يسيطر على مناطق واسعة في هذه المحافظة التي تحظى هي الأخرى بسيطرة المعارضة السورية المعتدلة.
بوتين دعا أردوغان إلى اتخاذ إجراءات صارمة لإنهاء ملف إدلب، بحيث يتم استئصال التنظيمات الإرهابية والبحث في مصير المعارضة المعتدلة، غير أن أنقرة لا تريد الاستعجال في تسوية ملف إدلب قبل أن تنهي ملف الأكراد.
ويبدو أن الرئيس الروسي الذي دعا إلى عقد قمة ثلاثية تجمعه إلى جانب تركيا وإيران، يرغب في وضع حد لملف إدلب عبر مسار أستانا على اعتقاد أن خضوع إدلب تحت سيطرة الجيش السوري سيقود إلى تعجيل إنهاء الأزمة السورية.
وقد يضطر أردوغان للمساومة في ملف إدلب مقابل قبول روسيا بترتيبات المنطقة الآمنة التي تريدها تركيا، من ذلك مثلاً أن تنسق أنقرة مع موسكو لضرب التنظيمات الإرهابية في إدلب والقضاء التام عليها، ومن ثم الضغط التركي على المعارضة المعتدلة للقبول بسيطرة الجيش السوري على كامل المحافظة.
ومن جانبها، قد توافق موسكو على إقامة منطقة آمنة شمال سورية، بشرط أن تخضع للجيش السوري أو أن يكون هناك تنسيق بين الأخير ونظيره التركي لتأمين الحدود، وهنا نسمع تصريحات حديثة عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يقول فيها: إن بلاده تجري اتصالاً غير مباشر مع الحكومة السورية.
تدرك تركيا جيداً أنها إذا أرادت إخضاع الأكراد إلى منطق الأقلية التي تبحث الستر والسلام، فإن عليها التنسيق مع الحكومة السورية بهذا الشأن، لأنه من غير المنطقي أن تواجه أنقرة أكراد سورية في بلد مجاور ودون أن تنسق مع السلطة القائمة على الأرض.
ولذلك قد تدفع روسيا نحو خيار الربط بين الثلاثي: تركيا وسورية والأكراد، سواء من حيث تقليم أظافر الأكراد ودفعهم للعيش الآمن تحت مظلة الدولة السورية، والقبول بترك السلاح وترك كل الأفكار التي تدعو إلى إقامة حزام كردي في الشمال السوري. أو سيكون الخيار الآخر متعلقاً بتشكيل منطقة آمنة يكون فيها للجيش السوري دور كبير لضبط الحدود في الشمال، وهذا الموضوع مفتوح للنقاش بين روسيا وتركيا.
وقد تضطر تركيا إلى التخلي عن المعارضة السورية المعتدلة لإنهاء العقدة الكردية، إذا ما حشرت في الزاوية وخيّرت بين إنهاء ملف إدلب وتسوية الملف الكردي، حينذاك فإنها ترى في نهاية الأزمة الكردية قضية قومية تركية وأمّ الأولويات.
واضح من قمة بوتين وأردوغان أنها تأتي في إطار اللعب على وتر المصالح، ولذلك قد نسمع عن قمم ثنائية تجمعهما في المستقبل القريب جداً، وقد تتوسع إلى قمم تجمع أكثر من طرف في إطار حلحلة الأزمة السورية التي تشهد بداية النهاية السعيدة لصالح سورية الأسد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يريد أردوغان من بوتين ماذا يريد أردوغان من بوتين



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday