صـــفــقــــة الــعـــــدو
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

صـــفــقــــة الــعـــــدو

 فلسطين اليوم -

صـــفــقــــة الــعـــــدو

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

الآن، وقد أعلن البيت الأبيض الأميركي خطته لتسوية الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، ذلك الإعلان الذي جاء تتويجاً لسلسلة من الإجراءات التي أظهرت إدارة دونالد ترامب كطرف منحاز، بل حتى كشريك للاحتلال الإسرائيلي، فيما يخص ملف صراع إسرائيل مع فلسطين، يفترض بأن يكون دوره قد انتهى، ليس كوسيط، ولا كراع للمفاوضات المتوقفة على أي حال بين الطرفين منذ عام 2014، ولكن أيضاً فيما يخص "مبادرته" السياسية هذه، حيث علمتنا التجربة، خاصة تجربة هذا الصراع، الذي لم يكن يثير اهتمام ترامب ولا طاقمه قبل سنوات قليلة - حيث كان مهتماً بسوق العقارات والمصارعة الحرة - بأنه ليس المهم الكلام ولا القرارات ولا الإعلانات ولا المواقف، بل على الأرض ماذا يجري، ثم والأهم هو أن هذا الملف معقد لدرجة لا يمكن حلها هكذا - بفهلوة - أو بجرة قلم ترامبي حتى لو كان محشواً بماء الذهب، وليس بملح البارود.
أولاً وقبل كل شيء، ليست نصوص "الصفقة" وحسب هي التي تشير إلى انحياز البيت الأبيض إلى جانب أحد طرفي الصراع، بل إن كواليس إعدادها، كذلك اللقاءات التي جرت قبل إعلانها، ومجمل حصيلة السنوات الثلاث السابقة بين ترامب ومن يحيط به من رجال تقول بأن البيت الأبيض كان ولا يزال على علاقة منحازة مع اليمين الإسرائيلي، فيما علاقته مقطوعة تماماً مع الجانب الفلسطيني، وهو - أي البيت الأبيض - سبق له وأن اتخذ جملة من القرارات العدائية تجاه القيادة الفلسطينية، وتجاه القضية الفلسطينية والعربية، والإطار العام للمسار السياسي الذي اتبعه ترامب منذ دخل البيت الأبيض، إنما هو عدائي تجاه فلسطين والعرب والمسلمين، ومنحاز تماماً للصهيونية وللاحتلال الإسرائيلي، بل وظهر كما لو كان عضواً في اليمين الاستيطاني المتطرف.
خلاصة القول، هي أن الصفقة ما هي إلا عرض من العدو على الجانب الفلسطيني، لذا فإنه من الطبيعي أن يقبل أو يرفض، فلو قبل، يدخل الطرفان في التفاصيل، أي تنشأ على اثر ذلك مفاوضات، وإن رفض، فما على ترامب وطاقمه، إلا أن يقوما بجمع أوراق العرض وحرقها أو الاحتفاظ بها للتاريخ، أو أن يفعلوا بها ما شاؤوا، فذلك شأنهم ولا علاقة للشعب الفلسطيني به.
ولأن ترامب وطاقمه أغرار سياسيون، بل إنهم لم يقرؤوا كثيراً في تاريخ هذا الصراع، فهم ربما لم يسمعوا من قبل أن أميركا بالذات سبق لها وتقدمت بمبادرات وعروض سياسية لا حصر لها، بدءاً من مبادرة وليام روجرز عام 1970 لوقف النار مدة تسعين يوماً ومن ثم دخول مصر وإسرائيل في مفاوضات لتنفيذ القرار الأممي 242، وصولاً إلى اتفاقية كامب ديفيد بين السادات وبيغين عام 1978، وكلها لم تمر، لأن الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي الوحيد لم يكونا طرفاً بها.
كذلك لا بد من القول، إن "الصفقة" تظل عرضاً، وهي أدنى بكثير مستوى من الاتفاق، مثل اتفاق إعلان المبادئ الذي قبل به الطرفان، بل صنعاه معاً ووقعا عليه في حديقة البيت الأبيض برعاية رئيس أميركي سابق، أكثر نضجاً ومهابة من هذا الرئيس الحالي، لذا فان أبسط رد على العرض الأميركي السياسي، والرد المهذب حتى هو القول له: شكراً، فقط كشفك العرض كمنحاز تام للجانب الآخر، لكن عرضك غير مقبول، هناك ما هو أهم وأقوى وأعلى شأناً ومكانة من العرض الأميركي وهو الاتفاق بين الجانبين، والقرارات الدولية، فأميركا أولاً وأخيراً ليست هي الأمم المتحدة، ولا يمكنها أن تفرض عرضها بالقوة على الجانب الفلسطيني خاصة.
هنا لا بد من لحظ مواقف أركان المجتمع الدولي، ومن الضروري هنا أن لا يفاجأ الشعب الفلسطيني بالتوافق التام بين إسرائيل وأميركا، فالعرض الأميركي إنما هو عرض إسرائيلي، لذا فهو عرض عدو وليس عرض وسيط أو طرف محايد، فالأطراف الدولية الفاعلة والرئيسية، استندت في مواقفها على اعتبار أن العرض الأميركي يلزمه موافقة الطرفين، وان التوصل إلى حل يلزمه مفاوضات ثنائية، وان العرض الأميركي في أحسن أحواله، إنما هو واحدة من المبادرات السياسية الكثيرة المعروضة على طاولة الصراع المركزي في الشرق الأوسط.
الاتحاد الأوروبي أكد التزامه بحل الدولتين القابل للتطبيق عن طريق التفاوض. الخارجية الروسية اعتبرت المقترح الأميركي واحدة من المبادرات، وتابعت بأن واشنطن ليست من يتخذ قرار التسوية، فيما تمسكت الأمم المتحدة بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الثنائية حول إقامة دولتي إسرائيل وفلسطين، أما على المستوى الإقليمي فقد رفضت كل من تركيا وإيران العرض الأميركي بشكل حاد وواضح وصريح.
هذا يعني بأن العرض فعلاً ولد ميتاً، ولا أهمية لكل الصخب الذي أراده نتنياهو لتوظيفه في حربه الانتخابية الداخلية، وترامب الذي تخلو جعبته بعد ثلاث سنوات في البيت الأبيض من أي إنجاز سياسي مهم، ومن ثم الطاقم الذي اشتغل كل هذا الوقت على "كلام فارغ"، وظن أنه قد أنجز شيئاً لم يسبق لأحد إنجازه!، لكن العرض في حقيقة الأمر يعني بأن هناك إقراراً من غلاة العدو بحقوق فلسطينية، وان كل أيديولوجيا العام 48 وما قبله قد ذهبت أدراج الرياح، وان الشعب الفلسطيني عنصر مهم في معادلة الشرق الأوسط، تجري محاولة "قضم حقوقه" نعم، بل ومحاولة الالتفاف على دولته الغائبة من خلال إفراغها من مضمونها، لكن حتى حديث مناحيم بيغن عن أن الحد الأعلى الذي يمكن أن يوافق عليه هو الحكم الذاتي قد تم تجاوزه أيضا، وهذا كله جرى بشكل متراكم وحثيث بفعل كفاحات الشعب الفلسطيني المتواصلة، لكن أيضاً، بقدر ما ظهر الشعب الفلسطيني غير قابل للاستسلام، فان غلاة العدو ظهروا غير قابلين بعد بالحل الوسط، على حدود 67، لذا لا بد من فصل كفاحي آخر متعدد الأشكال، ولا يقتصر على الكفاح السياسي والدبلوماسي، يتوحد فيه الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، ليس لإفشال صفقة ترامب، فهذا أمر مفروغ منه، بل لفرض الحل المقبول على إسرائيل التي بعد مصرع رابين لم يعد فيها شريك للسلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صـــفــقــــة الــعـــــدو صـــفــقــــة الــعـــــدو



GMT 14:24 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 17:48 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

GMT 17:48 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

وهذه معرة النعمان

GMT 17:46 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 15:32 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

أخبار مهمة من حول العالم

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday