حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي

 فلسطين اليوم -

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي

بقلم : رجب أبو سرية

بعد استقالة أفيغدور ليبرمان من الحكومة الإسرائيلية، وانسحاب حزبه "إسرائيل بيتنا" من الائتلاف الحاكم، يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام عدة خيارات، ليست سهلة، لكنها لا تضطره بالضرورة إلى تبكير موعد الانتخابات العامة، كما طالب بعض الإسرائيليين خاصة من المعارضة، وكما يتوقع بعض المراقبين الفلسطينيين، ورغم ذلك فإن ما كانت قد شهدته هذه الحكومة من "استقرار سياسي" لم يتمتع به كثير من الحكومات من قبلها، لن يطول كثيرا، وذلك بعد أن تلقت الصفعة الناجمة عن استقالة الرجل وانسحاب حزبه، التي نغّصت عليها نشوتها المتواصلة منذ عام، أي منذ إعلان دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وما تبعها خلال هذا العام من "فتوحات" تطبيعية نتنياهوية لعدد من دول الخليج العربية.

أولا وقبل كل شيء، لا تفقد الحكومة أغلبيتها البرلمانية مع انسحاب حزب ليبرمان، فهي لا تزال تحتفظ بالأغلبية البسيطة، أي بـ61 عضوا من أصل 120، وهي بالمناسبة كانت بدأت حكمها بهذه الأغلبية، حيث إن ليبرمان وحزبه كانا قد انضما للحكومة بعد نحو العام من تشكيلها، كذلك كانت حكومة اسحق رابين التي عقدت اتفاق السلام مع (م ت ف) تتمتع بمثل هذه الأغلبية، التي لم تحل دون أن تقدم على الخطوة التاريخية، بعقد اتفاقات أوسلو.
كذلك لا بد من التذكير بأن بضعة أشهر فقط لا تتعدى الأربعة هي التي تفصلنا عن الموعد الطبيعي لإجراء انتخابات الكنيست الواحد والعشرين في إسرائيل، حيث في آذار القادم تكون قد مرت أربعة أعوام على إجراء الانتخابات السابقة.

كل هذا كان يدركه بنيامين نتنياهو وهو يقوم بشلّ يدي وزير دفاعه، خلال الأشهر الماضية، ويحاصره، ويمنعه من الظهور كوزير دفاع قوي، أو قادر على فرد عضلاته واستعراضها أمام جمهور اليمين الإسرائيلي، خاصة مستوطني ما يسمى غلاف غزة، الذين كانوا يتنمرون عليها، ولا يطيقون رؤية البعوضة وهي تدمي مقلة الأسد، وذلك من خلال ما يحدثه الشباب الفلسطيني من صخب على الجانب الآخر من السياج الشائك الفاصل بين غزة وإسرائيل،

استمر منذ آذار الماضي وحتى الآن، دون أن تنجح إسرائيل بكل جبروتها في وضع حد له ولما يسببه من صداع لها.
لكن لماذا اختار ذلك نتنياهو، فعلى الأغلب لأنه كمسؤول أول يرى المعادلة السياسية من كل جوانبها، فهو لا يريد أن يشوش على "فتوحاته" الخليجية، كذلك هو يدرك أن ترامب صار أضعف قليلا بعد انتخابات الكونغرس النصفية، ولا ينقصه سبب إضافي لتعطيل إعلان صفقة القرن، ثم إنه يعرف ما هي حدود غزة، وأن اندلاع حرب معها، قد يعطل جهده في إخراج إيران من سورية، بل وفي متابعة حصارها ومحاربتها وتقليص نفوذها في الشرق الأوسط، ويدرك تماما بأن غزة بعد أن رفع إسماعيل هنية راية المقاومة السلمية لا تشكل تهديدا أمنيا وجوديا لدولته ولا بأي حال من الأحوال، فلم المبالغة في الرد على البالونات الحارقة، وكل ما تريده غزة هو لقمة خبز وكهرباء واتصال خارجي عبر الوسيط الذي تقبله إسرائيل، إن كان الأمم المتحدة، مصر، تركيا أو قطر، بل وحتى بصيغة اتفاقية كوندوليزا رايس، أي مع مراقبة خفية إسرائيلية على المعبر الخارجي عبر الكاميرات.

ولعل بنيامين نتنياهو قد عبّر في احتفائه بذكرى ديفيد بن غوريون يوم استقالة ليبرمان، وحاول أن يظهر لأول مرة صورته كقائد تاريخي لإسرائيل حين تحدث عن القرارات الإستراتيجية التي قد لا تعجب بعضا من الجمهور لكن صحتها ستظهر لاحقا، وهو يقول هذا بعد أن تولى الحكم بأطول فترة منذ بن غوريون، وبعد أربع حكومات ترأسها، في إشارة تغمز من قناة منافسه على زعامة اليمين الذي كان قد فاز بستة مقاعد فقط في الانتخابات السابقة.

لكن نتنياهو الذي ظفر مع آخر حكومة شكلها باستقرار لم تشهده حكوماته السابقة، لديه مشاكل تتمثل في كونه مضطراً لأن يجد حلا لوزارة الجيش، التي كان يطمح فيها شريكه اليميني الآخر، الطامح أيضا لوراثته كزعيم لليمين ونقصد بالطبع نفتالي بينيت زعيم البيت اليهودي.

فقد كان الرجلان - ليبرمان وبينت - شريكين مناكفين طوال عمر الحكومة الرابعة والثلاثين في تاريخ إسرائيل، ورغم أن البيت اليهودي حاز على ثمانية مقاعد في الكنيست العشرين، إلا أن تكتيك ليبرمان، الذي كان قد تريث في انضمامه للحكومة الحالية، منحه إياها، في حين كان يصعب على الليكود أن يمنح وزارتي الجيش والخارجية للأحزاب الشريكة، لذا فقد احتفظ نتنياهو بالخارجية إلى جانب الصحة والآن بوزارة الأمن، وهذه مشكلة.

كيف يحلها نتنياهو هذا هو مربط الفرس، فبينت بدأ منذ لحظة استقالة ليبرمان بابتزازه مطالبا بها، وإلا فانه سيجبر رئيس الحكومة على الذهاب المبكر للانتخابات، حيث معروف بأن تبكير الانتخابات عادة ما يضر بحظوظ الأغلبية في الانتخابات القادمة.

يمكن القول إذا إن عهد نتنياهو قد بدأ في الأفول، وان معركة وراثته في زعامة اليمين قد انفتحت خاصة بين شريكيه في الحكومة الرابعة والعشرين، أي ليبرمان وبينيت، ذلك أن شخصية نتنياهو القوية قد أضعفت رموز الليكود، بحيث لا يبدو أن هناك واحدا منهم يمكنه أن يقود الليكود في المرحلة التالية، وإذا كان بينيت يعتمد في صعود نجمه على مستوطني الضفة الغربية، فإن ليبرمان قد أضاف إلى جمهور ناخبيه مستوطني غلاف غزة، الذين عارضوا، بل وتظاهروا علنا ضد موافقة الكابينت على وقف النار مع غزة.

لذا بتقديرنا يحتاج نتنياهو إلى وقت حتى يحتوي على نتائج ما حدث، لكن السؤال هو هل يسعفه الوقت، خاصة إذا ما اضطر ترامب لإعلان صفقة القرن قريبا، لذا فالمهم هو أن نتنياهو قد تعرض إلى "خضّة" أو هزة، كما حدث مع حليفه ترامب قبل أسبوع، وكل هذا يغري الجانب الفلسطيني ليعيد ترتيب أوراقه، حتى يفرض واقعا أكثر توازنا في معادلة الصراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday