لا شيء يمضي في اتجاه واحد
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

لا شيء يمضي في اتجاه واحد

 فلسطين اليوم -

لا شيء يمضي في اتجاه واحد

بقلم : رجب أبو سرية

يمكن القول بكثير من الارتياح بأن محطة انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني قد مرت على خير ما يرام على الواقع الفلسطيني، فقد ظهرت قرارات المجلس بشكل هادئ وعقلاني ومتزن جداً، كان من شأنها أن تبقي على باب إنهاء الانقسام الداخلي مفتوحاً، وحتى أنها لم تضع السكين على رقبة "حماس" ولم تدفع الداخل الشعبي للاحتقان، كما توقع البعض أو ظن، فهي لم تفكر بأية "عقوبة" تمس الخدمات العامة، بالمقابل فقد أظهرت عيناً حمراء وأظهرت الجدية في

وضع الحد للمرحلة الانتقالية بكل إشكالاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية.
لقد أظهرت جلسة "المركزي" باختصار نضجاً سياسياً، كان مهماً ومطلوباً في هذه اللحظة السياسية الصعبة، وعلى عادة العقلاء من بني السياسة، لم تهتم القيادة الفلسطينية بالصخب السياسي، وهي تخوض معركة متعددة الجبهات بصبر وأناة وثقة بالنصر، ورغم انه لم يصدر نص صريح عن المجلس يقول مثلاً بحل المجلس التشريعي أو بإلغاء الاعتراف بإسرائيل واشتراط العودة إليه بالاعتراف المتبادل، أو بإعلان صريح بإلغاء "أوسلو" بكل بروتوكولاتها الأمنية والاقتصادية، إلا أنها حين وضعت التفويض بيد لجنة العشرين، قد منحت القرار للجنة لتقوم باستخدامه في أية لحظة، أو في اللحظة المناسبة، إن اقتضى الأمر.
أي أن المجلس المركزي قد أبقى لفرصة أخيرة على شعرة معاوية، وفي الحقيقة فانه بقدر ما منعت المقاطعة الفصائلية المجلس من "التطرف" خاصة في الملف الداخلي، فإنها بذلك قد طوقت "حماس" بالمقابل، لتمنعها لاحقاً من التوغل كثيراً في ملف التهدئة وفق مسار تجاوز السلطة المركزية، وهذا يمنح أيضاً الراعي المصري لملف المصالحة الفرصة ويسهل عليه من اجل مواصلة جهده المبارك، حيث تابع الوفد المصري في اليوم التالي متابعته، وحيث لم تجد "حماس" بداً من الإعلان فوراً عن استعدادها لتنفيذ اتفاقيتي المصالحة 2011 و 2017 .

لم ينقطع الحبل إذاً حتى في العلاقة مع الحل السياسي، وإذا كانت إسرائيل حققت نجاحاً في ملف التطبيع مع بعض الدول الخليجية، إلا أنها ستواجه لحظة تالية تكون فيها قوة الدفع الأميركية قد تراجعت، كذلك لحظة أن تضطر دول الخليج نفسها أن تدفع ثمن تطبيعها المجاني، لاحتواء الحنق الشعبي العربي وموازنة الموقف بتقديم الدعم السياسي للحقوق الفلسطينية.

المحطة التالية بتقديرنا هي انتظار نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي بعد أسبوع من الآن، حيث سيكون البيت الأبيض في وضع داخلي أصعب، يكبل يدي ترامب الى حد ما، لذا فإن محطة باريس بعد ذلك بأيام وتحديداً في الحادي عشر من تشرين الثاني الحالي، ستكون مهمة جداً، من حيث أنها ستضع على الطاولة بديل صفقة ترامب، وتفتح الطريق مجدداً للحل السياسي.

فعلى هامش احتفالات باريس بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث تنوي باريس استثمار المناسبة، للبحث في ما وصفته القناة العاشرة الإسرائيلية بصفقة قرن فرنسية.
بالطبع باريس هي محل ثقة الجانب الفلسطيني، كذلك لا يمكن لإسرائيل أن ترفض المبادرة الفرنسية، وهي لا تنظر لباريس كما هو حال موسكو أو بكين، وإذا ما احتوت المبادرة الفرنسية جوهر الصفقة الأميركية مع التعديل الجوهري الذي يمكن للجانب الفلسطيني القبول به، كذلك أخذاً بعين الاعتبار انسداد الطريق أمام صفقة ترامب، فانه يمكن القول إن حلاً يمكن أن يظهر في الأفق، أو على اقل تقدير مفاوضات سياسية، لكن ذلك منوط بنجاح باريس في جمع الأطراف المذكورة، حيث يمكن في ظل الموقف الفلسطيني برفض الحوار الثنائي مع واشنطن وتل أبيب، لاجتماع خماسي أن يحل المشكلة، ونقصد أن باريس إن نجحت في عقد اجتماع خماسي يحضره عباس وبوتين، ترامب ونتنياهو، إضافة للرئيس الفرنسي الذي سيكون مضيفاً وراعياً للاجتماع، مانويل ماكرون، فانه يمكن القول إن عربة التفاوض قد انطلقت حينها.

في حالة "التوازن" الدقيق القائمة، وبعد الهجوم الأميركي/الإسرائيلي متعدد الأشكال على القيادة والشعب والحقوق الفلسطينية، وفي ظل استمرار الانقسام الداخلي، فان الصمود وعدم الانكسار يعتبر نصراً وثباتاً، حيث إن عدم ظهور أي بوادر توتر سياسي، كما اشرنا في اجتماع المجلس المركزي، يعني بان الأمور لم تفلت من بين يدي القيادة الفلسطينية، وان زهو نتنياهو بعد زيارته لمسقط، لم يطير العقل الفلسطيني من مكانه، وما هو إلا صبر ساعة، وتتراجع قوة الدفع الأميركية التي ضخت "الدماء" في عروق التطرف الإسرائيلي، كذلك فانه من غير المستبعد أن يشمل الأمر الداخل الإسرائيلي، من حيث أن تشهد الأيام القادمة، تراجعا في اندفاعة التطرف السياسي والميداني، خاصة وان الشارع الفلسطيني بدوره ما زال يقاوم، وبشكل متعقل، وثابت أيضا، حيث لم يفقد احد عقله، ليذهب على طريق ممارسة المقاومة بشكل ثأري أو كرد فعل انفعالي.

فما زال رغم القتل الإسرائيلي المباشر والمجنون الحراك الشعبي في غزة سلمياً، كذلك فان هناك تململاً واضحاً ومتصاعداً للتحرك الشعبي في الضفة الغربية، وحتى نقل السفارة الأميركية للقدس لم يحدث فعل "الدومينو" من حيث الدفع بدول أخرى للسير على الطريق الأميركي، بل تم تقليل الخسائر من خلال دبلوماسية فلسطينية هادئة.

في الحقيقة فإن الشعب الفلسطيني ينتقل الآن من شكل كفاحي لآخر، فهو بصعوبة قد حول مسار البوصلة من طريق الكفاح المسلح، للكفاح الشعبي السلمي، حتى أن "حماس" نفسها التي حاولت خلال عقدين مضيا أن تبقي على إستراتيجية الكفاح المسلح والعنيف، ها هي تقر منذ نصف عام على الأقل بالتحول الاستراتيجي، الذي لن ينتهي إلا بالنصر، ففلسطين تقاتل اليوم على طريقة جنوب أفريقيا/مانديلا، هند المهاتما غاندي، وأبو مازن لا يبدو تشي جيفارا أو كاسترو، لكنه يبدو مثل لوثر كينج والحبيب بورقيبة، يسعى من أجل تحرير بلاده ومن أجل نيل حقوق شعبه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا شيء يمضي في اتجاه واحد لا شيء يمضي في اتجاه واحد



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday