كبح جماح ترامب
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

كبح جماح ترامب

 فلسطين اليوم -

كبح جماح ترامب

بقلم : رجب أبو سرية

كما لو كان ثوراً هائجاً، بدا دونالد ترامب، منذ دخوله البيت الأبيض قبل عامين، فما أن أعلن عن فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية حتى بدأ "ينطح" كل من بالجوار، وبدأ يصدر المراسيم التي تحد من الهجرة، والمعادية للمسلمين، ثم واصل سياسته اليمينية المتشددة، في حقل التجارة الخارجية، والأسوأ كانت مواقفه وقراراته الخاصة بملف الصراع متعدد الفصول والبنود في الشرق الأوسط .  

وكان واضحاً بأن عهد ترامب يمثل "انقلاباً" على ثوابت السياسة الأميركية إن كان على الصعيد الخارجي، خاصة فيما يخص الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، حيث انقلب على موقف البيت الأبيض الثابت تجاه القدس، وأخرج بلاده من موقف الراعي لعملية السلام، وعلى الصعيد الخارجي، بدأ في تصعيد الموقف إلى مستوى التهديد بالحرب مع كوريا الشمالية، ومن ثم إيران، وفتح أبواب حروب التجارة مع الجارة كندا، ومع الحليف الأوروبي، ومع الخصم العنيد الصين.

بدا ترامب كما لو كان دون كيشوت القرن الحادي والعشرين، يحارب طواحين الهواء، بهدف إعادة الزمن والعصر البشري إلى عهد الامبريالية، وحيث انه كان محكوما بعقدة خاصة تجاه سلفه الديمقراطي باراك اوباما، فانه أراد أن يلغي كل ما أصدره سلفه من مراسيم رئاسية خاصة بالتأمين الصحي ورعاية كبار السن، لذا فقد اتسعت دائرة خصومته السياسية، وفتحت عليه أبواب التشكيك في قدرته أو أهليته الرئاسية، إن كانت تلك المتعلقة بالتدخل الروسي في تحديد خيارات الناخبين لصالحه، أو فيما يخص أخلاقه ومشاكله مع "ممثلات الإباحية" وعلاقته النسوية السابقة .

اعتمد ترامب أولاً على طاقم متصهين في البيت الأبيض، ومن ثم على بنيامين نتنياهو من أجل تأمين بقائه في البيت الأبيض، كذلك على ما قام بسلبه كقاطع طريق أو كفتوة عالمي من أموال دول الخليج العربي، لكن كان عليه بعد عامين من دخوله البيت الأبيض، أن يواجه أول اختبار متمثل في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي.

بدت تلك الانتخابات هذا العام كما لو كانت "ملحقا" لانتخابات الرئاسة السابقة، أو كما لو كانت "بروفة لانتخابات الرئاسة القادمة، حيث قاد الفريق الديمقراطي الرئيس السابق باراك اوباما، وقاد الفريق الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب، وكانت النتيجة هي فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب، واحتفاظ الجمهوريين بأغلبية مجلس الشيوخ .

ورغم أن الأغلبية في الكونغرس السابق كانت للجمهوريين، إلا أن ترامب نفسه عدّ النتيجة أو اعتبرها نجاحا هائلا، بالنظر إلى انه كان يتوقع هزيمة ماحقة لحزبه، أي خسارة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، لكن رد فعل الرجل لا يعبر عن حقيقة الأمر، فالأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، ستكون بمثابة كابح لجماح ترامب وعائق أمام استمراره في سياسته الانقلابية على ثوابت السياسة الأميركية الداخلية أولا والخارجية ثانياً.

وفي قراءة عاجلة لنتيجة انتخابات الكونغرس، يمكن القول بان الأقليات انحازت للديمقراطيين، وبعد أن كان السود واليهود يصوتون تلقائيا قبل عقود للحزب الديمقراطي، أصبح اليوم المسلمون والهنود الحمر، إضافة إلى السود بالطبع، وربما معظم الأميركيين من أصول غير أوروبية بمن فيهم الآسيويون مصوتين للحزب الديمقراطي، والسبب هو ما أظهره ترامب من عداء للمهاجرين ولكل الأقليات والأصول العرقية غير البيضاء، والدليل هو حصول _لأول مرة_ امرأتين مسلمتين واحدة من أصل صومالي والأخرى من أصل فلسطيني على عضوية الكونغرس، وكذلك امرأة ثالثة من سكان البلاد الأصليين.

هذا أول الغيث الديمقراطي بتقديرنا، فقد نجح خصوم ترامب بعد عامين فقط، أولا في إعادة التوازن للنظام الرئاسي الأميركي، حيث أن البرلمان لا يشكل الحكومة التي تبقى حكومة الرئيس، لكنه يمكنه أن يعطل كثيراً من مراسيم وقرارات الرئيس، وثانياً في إعادة الروح للحزب الذي سيواجه ترامب في معركة الرئاسة بعد عامين، فان نجح في "شل" حركته خلالهما، فانه سينجح في إخراجه من البيت الأبيض بعد عامين من الآن.

ولعل قدر ترامب المحافظ أن يواجه روح التجديد والتحديث الأميركية، فبعد أن واجه احتمال انتخاب أول سيدة كرئيسة في الدورة السابقة، سيواجه زعيمة الأغلبية الديمقراطية السيدة نانسي بيلاسي، التي توعدته بفرض الضوابط  والمحاسبة على إدارته التي نص عليها الدستور.

بقي أن يجد ترامب الكابح الخارجي، وهذا قد يظهر بعد أيام في باريس، إذا ما نجح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في "فرض" خطة بديلة لخطته التي أطلق عليها اسم صفقة القرن، وإذا ما استمر الحضور الإقليمي القوي لروسيا في الشرق الأوسط، فيما استمرت المتاعب لحلفاء ترامب في المنطقة، نظراً لتعدد الخصوم على الصعيد الكوني لرجل ربما كان ظهوره في البيت الأبيض يمثل آخر ظهور امبريالي للولايات المتحدة.

المهم هو أن شوكة الرجل قد انكسرت، وان الشعب الأميركي قد قال كلمته بتوبيخ الرجل، وانه قد وجه تحذيرا شديد اللهجة، إن لم يكن كافياً لتراجعه عن سياساته الحمقاء في كل الاتجاهات، فانه سيقوم بكسر رقبته بعد عامين من الآن، في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يمكن إن بقي دون إحداث أول سابقة في تاريخ الولايات المتحدة متمثلة بإقالة الرئيس، فانه سيحدث سابقة لم تحدث منذ نحو ثلاثين عاماً، وهي أن لا يتم التجديد للرئيس بولاية ثانية، الأمر الذي لم يحدث بعد منذ ولاية جورج بوش الأب، أي خلال ولايات بيل كلينتون، جورج بوش الابن وباراك أوباما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كبح جماح ترامب كبح جماح ترامب



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday