كبح جماح ترامب
آخر تحديث GMT 18:50:45
 فلسطين اليوم -

كبح جماح ترامب

 فلسطين اليوم -

كبح جماح ترامب

بقلم : رجب أبو سرية

كما لو كان ثوراً هائجاً، بدا دونالد ترامب، منذ دخوله البيت الأبيض قبل عامين، فما أن أعلن عن فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية حتى بدأ "ينطح" كل من بالجوار، وبدأ يصدر المراسيم التي تحد من الهجرة، والمعادية للمسلمين، ثم واصل سياسته اليمينية المتشددة، في حقل التجارة الخارجية، والأسوأ كانت مواقفه وقراراته الخاصة بملف الصراع متعدد الفصول والبنود في الشرق الأوسط .  

وكان واضحاً بأن عهد ترامب يمثل "انقلاباً" على ثوابت السياسة الأميركية إن كان على الصعيد الخارجي، خاصة فيما يخص الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، حيث انقلب على موقف البيت الأبيض الثابت تجاه القدس، وأخرج بلاده من موقف الراعي لعملية السلام، وعلى الصعيد الخارجي، بدأ في تصعيد الموقف إلى مستوى التهديد بالحرب مع كوريا الشمالية، ومن ثم إيران، وفتح أبواب حروب التجارة مع الجارة كندا، ومع الحليف الأوروبي، ومع الخصم العنيد الصين.

بدا ترامب كما لو كان دون كيشوت القرن الحادي والعشرين، يحارب طواحين الهواء، بهدف إعادة الزمن والعصر البشري إلى عهد الامبريالية، وحيث انه كان محكوما بعقدة خاصة تجاه سلفه الديمقراطي باراك اوباما، فانه أراد أن يلغي كل ما أصدره سلفه من مراسيم رئاسية خاصة بالتأمين الصحي ورعاية كبار السن، لذا فقد اتسعت دائرة خصومته السياسية، وفتحت عليه أبواب التشكيك في قدرته أو أهليته الرئاسية، إن كانت تلك المتعلقة بالتدخل الروسي في تحديد خيارات الناخبين لصالحه، أو فيما يخص أخلاقه ومشاكله مع "ممثلات الإباحية" وعلاقته النسوية السابقة .

اعتمد ترامب أولاً على طاقم متصهين في البيت الأبيض، ومن ثم على بنيامين نتنياهو من أجل تأمين بقائه في البيت الأبيض، كذلك على ما قام بسلبه كقاطع طريق أو كفتوة عالمي من أموال دول الخليج العربي، لكن كان عليه بعد عامين من دخوله البيت الأبيض، أن يواجه أول اختبار متمثل في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي.

بدت تلك الانتخابات هذا العام كما لو كانت "ملحقا" لانتخابات الرئاسة السابقة، أو كما لو كانت "بروفة لانتخابات الرئاسة القادمة، حيث قاد الفريق الديمقراطي الرئيس السابق باراك اوباما، وقاد الفريق الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب، وكانت النتيجة هي فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب، واحتفاظ الجمهوريين بأغلبية مجلس الشيوخ .

ورغم أن الأغلبية في الكونغرس السابق كانت للجمهوريين، إلا أن ترامب نفسه عدّ النتيجة أو اعتبرها نجاحا هائلا، بالنظر إلى انه كان يتوقع هزيمة ماحقة لحزبه، أي خسارة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، لكن رد فعل الرجل لا يعبر عن حقيقة الأمر، فالأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، ستكون بمثابة كابح لجماح ترامب وعائق أمام استمراره في سياسته الانقلابية على ثوابت السياسة الأميركية الداخلية أولا والخارجية ثانياً.

وفي قراءة عاجلة لنتيجة انتخابات الكونغرس، يمكن القول بان الأقليات انحازت للديمقراطيين، وبعد أن كان السود واليهود يصوتون تلقائيا قبل عقود للحزب الديمقراطي، أصبح اليوم المسلمون والهنود الحمر، إضافة إلى السود بالطبع، وربما معظم الأميركيين من أصول غير أوروبية بمن فيهم الآسيويون مصوتين للحزب الديمقراطي، والسبب هو ما أظهره ترامب من عداء للمهاجرين ولكل الأقليات والأصول العرقية غير البيضاء، والدليل هو حصول _لأول مرة_ امرأتين مسلمتين واحدة من أصل صومالي والأخرى من أصل فلسطيني على عضوية الكونغرس، وكذلك امرأة ثالثة من سكان البلاد الأصليين.

هذا أول الغيث الديمقراطي بتقديرنا، فقد نجح خصوم ترامب بعد عامين فقط، أولا في إعادة التوازن للنظام الرئاسي الأميركي، حيث أن البرلمان لا يشكل الحكومة التي تبقى حكومة الرئيس، لكنه يمكنه أن يعطل كثيراً من مراسيم وقرارات الرئيس، وثانياً في إعادة الروح للحزب الذي سيواجه ترامب في معركة الرئاسة بعد عامين، فان نجح في "شل" حركته خلالهما، فانه سينجح في إخراجه من البيت الأبيض بعد عامين من الآن.

ولعل قدر ترامب المحافظ أن يواجه روح التجديد والتحديث الأميركية، فبعد أن واجه احتمال انتخاب أول سيدة كرئيسة في الدورة السابقة، سيواجه زعيمة الأغلبية الديمقراطية السيدة نانسي بيلاسي، التي توعدته بفرض الضوابط  والمحاسبة على إدارته التي نص عليها الدستور.

بقي أن يجد ترامب الكابح الخارجي، وهذا قد يظهر بعد أيام في باريس، إذا ما نجح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في "فرض" خطة بديلة لخطته التي أطلق عليها اسم صفقة القرن، وإذا ما استمر الحضور الإقليمي القوي لروسيا في الشرق الأوسط، فيما استمرت المتاعب لحلفاء ترامب في المنطقة، نظراً لتعدد الخصوم على الصعيد الكوني لرجل ربما كان ظهوره في البيت الأبيض يمثل آخر ظهور امبريالي للولايات المتحدة.

المهم هو أن شوكة الرجل قد انكسرت، وان الشعب الأميركي قد قال كلمته بتوبيخ الرجل، وانه قد وجه تحذيرا شديد اللهجة، إن لم يكن كافياً لتراجعه عن سياساته الحمقاء في كل الاتجاهات، فانه سيقوم بكسر رقبته بعد عامين من الآن، في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يمكن إن بقي دون إحداث أول سابقة في تاريخ الولايات المتحدة متمثلة بإقالة الرئيس، فانه سيحدث سابقة لم تحدث منذ نحو ثلاثين عاماً، وهي أن لا يتم التجديد للرئيس بولاية ثانية، الأمر الذي لم يحدث بعد منذ ولاية جورج بوش الأب، أي خلال ولايات بيل كلينتون، جورج بوش الابن وباراك أوباما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كبح جماح ترامب كبح جماح ترامب



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday