الخان الأحمر والعين الحمراء
أخر الأخبار

الخان الأحمر والعين الحمراء !

 فلسطين اليوم -

الخان الأحمر والعين الحمراء

بقلم : رجب أبو سرية

رغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن صراحة إلغاء قرارها بهدم بيوت قرية الخان الأحمر، إلا أن قرارها الذي اتخذته قبل أيام بوقف قرار الهدم، يعتبر مؤشرا على أن حكومة إسرائيل إذا ما رأت «العين الحمراء» فإنها تتراجع، وإنها ليست مطلقة القوة أو إنه لا حدود لقدرتها على اتخاذ القرارات وتنفيذها، رغم وجود إدارة منحازة جداً وتماماً لها في البيت الأبيض بواشنطن.

«والعين الحمراء» التي نقصدها هنا، كانت عبارة عن توحد عدة عوامل مقاومة وصمود، وقفت في وجه جرافات الهدم الإسرائيلية ومنعتها من تنفيذ قرارها الإجرامي، كان في مقدمتها، صمود مواطني الخان الأحمر الباسلة والمتطوعين، كذلك دعم الأجهزة الأمنية وفي مقدمتها الأمن الوطني الفلسطيني، ثم الموقف الدولي، الأوروبي خاصة، كما أشار الوزير وليد عساف.

وبالإشارة إلى الموقف الأوروبي كان لافتا تحذير المدعي الرئيس لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي السيدة فاتو بنسودا من أن التدمير الشامل للممتلكات دون ضرورة عسكرية وتهجير السكان عنوة في أراضٍ محتلة يعتبر جرائم حرب، ما يعني أنه كان يمكن في حال التنفيذ «جر» قادة إسرائيل إلى المحكمة الدولية بهذه التهمة.

هذا من الجانب الجنائي أو القضائي، أما من الجانب السياسي، فإن دعوة رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي إسرائيل إلى عدم هدم القرية لأن ذلك لا يساعد في حل الدولتين، كان مهما أيضاً، فمعروف أن إزالة القرية كان من شأنه أن يشطر الضفة الغربية إلى نصفين، شمالي وجنوبي، بما يعني قطع الطريق تماما على الحل السياسي.

والموقف البريطاني في حقيقة الأمر مختلف تماما عن المواقف الأوروبية الأخرى، ونعني الموقفين الفرنسي والألماني مثلا، وهو يؤثر كثيرا على الموقف الأميركي ويؤخذ كثيرا بعين الاعتبار لدى الحكومة الإسرائيلية.

المهم أن تأخير تنفيذ قرار الهدم في الوقت الذي لا يعتبر فيه نهاية للمعركة، يعتبر انتصارا للإرادة الفلسطينية حين يتم التركيز على قضية محددة فيها كل عوامل النصر، ويتم فيها اعتماد المقاومة الشعبية التي بدأت تظهر منذ وقت وفي أكثر من مناسبة، لتحدد معالم إستراتيجية الكفاح الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال في الفترة القادمة.

مجموعة من الانتصارات المتتابعة يمكنها أن تراكم نقاط القوة لدى الشعب الفلسطيني، بدءا من إجبار إسرائيل قبل نحو عام ونصف العام على التراجع عن إقامة الحواجز الالكترونية حول المسجد الأقصى لاختزال عدد المصلين بالحرم القدسي الشريف، مرورا بالكفاح ضد قانون «يهودية الدولة» العنصري، وصولا إلى مسيرة العودة على حدود قطاع غزة، كذلك الانتصارات السابقة لمعارك الأمعاء الخاوية من قبل الحركة الوطنية الأسيرة، كل ذلك يمثل البوصلة للقوى السياسية المتحكمة بالفعل المقاوم الفلسطيني، وتشكل دليلا إضافيا مفاده أن الوحدة الوطنية والمقاومة الشعبية يمكنهما ليس فقط أن تفرضا التراجع على حكومة اليمين الإسرائيلي، بل وكذلك على الإدارة الأميركية.

ورغم الحالة العامة الصعبة جدا بسبب الانقسام الداخلي، إلا أن الصمود السياسي الرسمي، وما يبديه الشعب من مقاومة سلمية في نقاط مواجهة محددة، يظهر المدى الذي يمكن أن يصل إليه الشعب الفلسطيني، رغم كل ما هو قائم على الصعيدين الإقليمي والدولي، من قوة يمكنها أن تفرض على إسرائيل الانسحاب من ارض دولة فلسطين، والتسليم بإقامة الدولة المستقلة في نهاية المطاف.

وفي الحقيقة، فإن الدوران في دهاليز الحوارات الداخلية والخارجية، والتنقل ما بين طرقات الفنادق والصالات المغلقة، ما هو إلا مضيعة للوقت، فالوحدة تتحقق في الشارع وفي ميدان مقارعة العدو، وليس من خلال القدرة على تنميق الكلام، أو رفع الشعارات أو الحديث عن صراع البرامج والمقولات وما إلى ذلك، ولا بد أن يكون معيار الجدارة بالقيادة هو الاستعداد ومن ثم القدرة على التضحية، كذلك تلازم التفاوض مع العدو بفعل مقاوم ميداني، فكما أن إسرائيل لا تتوقف عن متابعة الاستيطان والاستمرار في كل الإجراءات الاحتلالية، حتى وهي تفاوض، فلا بد أن يواصل الشعب الفلسطيني مقاومته للاحتلال، حتى وهو يفاوض.

ولابد عند الحديث عن الشراكة السياسية من أن يكون المقصود ليس الشراكة الثنائية بين «فتح» و»حماس» ولا حتى بين مجموع الفصائل، ولكن أن يكون المقصود هو أن الشراكة تتحقق أولا في الشارع ومع الناس، وثانيا، على المستوى الشعبي وليس في إطار النخب التي «تحترف» العمل السياسي وكأنه صار مهنة ولم يعد عملا وطنيا، يدفع صاحبه في سبيله الغالي والرخيص.

في المدى المنظور، يقول درس الخان الأحمر، إن المعركة مع الاحتلال لم تنته بعد، وإن البيت الأبيض ومن ورائه الحكومة الإسرائيلية لا يقرران مصير الصراع وحدهما، ولا يحددان مستقبل القضية والشعب الفلسطينيين، بل انه يظهر أن حل الدولتين لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد، كما يحاول العدو أن يروج، ليفت من عضد القيادة والشعب الفلسطينيين، ويدفعهما إلى فعل انتحاري أو إلى رفع الراية البيضاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخان الأحمر والعين الحمراء الخان الأحمر والعين الحمراء



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 08:37 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

ماجد المصري يكشف تفاصيل لقائه مع راغب علامة
 فلسطين اليوم - ماجد المصري يكشف تفاصيل لقائه مع راغب علامة

GMT 14:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:05 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الجمهور يتغزل في إطلالة كارول سماحة الكلاسيكية السوداء

GMT 22:28 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

فوائد البامية

GMT 04:13 2016 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نبيل شعث يعلن أن برنامج "فتح" يواجه الاحتلال

GMT 21:14 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الإعلان عن قميص مبابي في باريس سان جيرمان

GMT 23:51 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

سعد المجرد الأول في قائمة يوتيوب و دنيا سميرغانم في العاشرة

GMT 17:35 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل رائد الفضاء هزاع المنصوري

GMT 03:41 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مخلوقات تسكن وجه معظم البالغين مِن البشر

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday