معادلة الاحتلال  المقاومة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

معادلة الاحتلال / المقاومة

 فلسطين اليوم -

معادلة الاحتلال  المقاومة

بقلم-رجب أبو سرية

بقدر ما كانت "مسيرة العودة" تنطوي على قدر من مواجهة العنف الإسرائيلي، إلا أنها كحراك شعبي، ساهمت إلى حد ما في تفريغ الاحتقان المزمن والمتواصل والمتجذر داخل نفوس المواطنين الفلسطينيين على الاحتلال الإسرائيلي الذي يذيقهم منذ عقود كل أصناف العذاب والقهر والذل، بل ويحرمهم أبسط حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة، وقد ظهر ذلك جلياً حين اندلعت المواجهة العسكرية بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الشهر الماضي، عقب اكتشاف المجموعة الأمنية الإسرائيلية التي دخلت خان يونس لتبديل كاميرات المراقبة، حيث أدى الاشتباك إلى استشهاد سبعة عناصر من "حماس" ومقتل قائد العملية الضابط الإسرائيلي.
كان رد "المقاومة" جماعياً أولاً ومحسوباً ثانياً، وعلى تنسيق تام مع المستوى السياسي، الذي كان بدوره يتابع تطورات المواجهة العسكرية مع الوسيط المصري، الذي نجح قبل مرور 48 ساعة في احتواء الموقف المتوتر ومنع اندلاع حرب رابعة بين غزة وإسرائيل.
لكن الأمر يبدو أنه صار معكوساً في الضفة الغربية، حيث إن الاحتقان متواصل ويتزايد يوماً بعد يوم، في حين أن "تنفيس" هذا الاحتقان عبر الحراك الشعبي مثلاً، أو عبر انتفاضة شعبية، مسيرات واحتجاجات، وما إلى ذلك، على أقل تقدير كما كان يحدث في مواجهة إقامة جدار الفصل العنصري، كل ذلك غير موجود الآن، ورغم أن الإشارات التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية كانت واضحة، إلا أن قصر النظر وانعدام الرؤية لدى الحكومة الإسرائيلية المتطرفة جعلها لا ترى ما هو مكتوب على الجدار كما يقولون، فلم تدق انتفاضة السكاكين قبل نحو أربعة أعوام ناقوس الخطر، كما لم تدفع هبة الصلاة في الحرم القدسي الشريف، قبل عام ونصف العام، إسرائيل إلى تغيير سياستها، بإشاعة الأمل بوجود حل في نهاية المطاف يبقي على سياسة الصبر التي تنتهجها القيادة الفلسطينية مقبولة، خاصة لدى الشباب الفلسطيني المتوثب الطامح للعيش في حياة أفضل.
بل إن الأمر زاد سوءاً مع حماقات إدارة البيت الأبيض الأميركي تجاه القدس وتجاه كل بنود ملف الصراع، كذلك أعمت الاختراقات في جدار الصد العربي الرسمي عيون بنيامين نتنياهو وجعلته يعتقد أن "تظهير الاحتلال" والإبقاء عليه يمكن أن يستمر إلى الأبد، ويضمن أمن إسرائيل بل ويهوديتها وكل مفردات التطرف والتمييز العنصري التي يحتويها قاموسها السياسي.
وخلال أسبوع مضى، وعلى عادة إسرائيل التي تواجه واقع الاحتلال بالمعالجة الأمنية فقط، هجم الجيش الإسرائيلي على ما تبقى من مظاهر، ليس لسيادة السلطة في مناطق ولايتها المحدودة وحسب، بل وعلى رموز وجودها كسلطة، وكأنه يدفعها دفعاً للإعلان عن الإلغاء الرسمي لاتفاقيات أوسلو وقطع التنسيق الأمني تماماً وبالكامل وبكل أشكاله معها. ولم تتدخل الحكومة الإسرائيلية قيد أنملة للجم ما يظهره المستوطنون من مظاهر فاشية، إن كان بحرق منازل الفلسطينيين أو بإطلاق النار المميت عليهم أو حرق سياراتهم، ولا حتى بالتحريض على الرئيس نفسه بالقتل.
الهجوم الإسرائيلي يكاد يقول إن الفصل الأخير ما هو إلا إعادة احتلال تام لكل الضفة الغربية، وإن الحلم الفلسطيني بتحوّل السلطة إلى دولة قد تبدد، وإنه ليس هناك سوى بضعة أشهر على كلمة النهاية متمثلة بإعلان صفقة ترامب، لإغلاق الملف الفلسطيني على واقع الاحتلال.
لا شك أن إزاحة السلطة الفلسطينية بأجهزتها الأمنية من طريق الاحتلال، ليطلق يديه وأرجله في مواجهة وتصفية الشباب الفلسطيني والدخول إلى كل بيت ومنزل وشارع، كما كانت الحال قبل أوسلو، تعني شيئاً واحداً فقط، وهي العودة إلى معادلة: الاحتلال / المقاومة.
كذلك، فأن يقدم الجيش الإسرائيلي في سابقة ليست خطيرة فقط، بل ونوعية وحاسمة، تتمثل في تصفية المقاومين أو من تسميهم منفذي العمليات ميدانياً وإلى هذا الحد من البشاعة، يطلق مشاعر الحقد والاحتقان على مصراعيها ضد الوجود الاحتلالي الإسرائيلي بشقيه العسكري والاستيطاني معاً.
مختصر القول هو: إن الضفة الغربية أولاً وكذلك القدس ومجمل الوطن الفلسطيني، بل كل الفلسطينيين أينما وجدوا، ما هم اليوم إلا برميل ضغط يغلي، لن يتفاجأ أي عاقل حين يراه ينفجر في أي لحظة قادمة، ولا أحد أيضاً يمكنه أن يتكهن على ما سيكون عليه عود الثقاب أو صاعق التفجير، الذي قد يكون إعلان صفقة ترامب أو اغتيال شخصية من الصف الفلسطيني الأول، أو ارتكاب مجزرة ما بحق عائلة فلسطينية، أو حتى عملية دهس أو قتل جماعي كما حدث في مرات عديدة سابقة.
ولعل إسرائيل وهي منشغلة في معالجة جبهتها الشمالية، تظن مخطئة أن خاصرتها الشرقية أو حتى جبهتها الجنوبية باتت آمنة أو مؤمنة، وهي إن فكرت بهذا تكون مخطئة جداً، فليست بضعة ملايين الدولارات قادرة على تأمين جبهتها الجنوبية، فقد كانت حال الناس قبل العام 1987 جيدة على المستوى المعيشي، لكن ذلك لم يمنع من اندلاع الانتفاضة الكبرى المجيدة، وحيث إن إسرائيل ومعها أميركا تقوم بدفع الجانب الفلسطيني حالياً إلى الوراء حتى التصق ظهره بالحائط، فإن شعباً متمرساً بالكفاح الوطني، حين يصل إلى نقطة لا يجد فيها ما يخسره، فإنه سيحرق الأخضر واليابس، وربما ما هي إلا أيام أو أسابيع أو حتى أشهر قليلة، ويندلع الحريق الكبير وفق شعار "علينا وعلى أعدائنا"، لأنه ببساطة لن يظل الشعب الفلسطيني قابلاً بواقع لا يموت فيه إلا الفلسطينيون فقط.

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة الاحتلال  المقاومة معادلة الاحتلال  المقاومة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday