معادلة الاحتلال  المقاومة
آخر تحديث GMT 18:50:45
 فلسطين اليوم -

معادلة الاحتلال / المقاومة

 فلسطين اليوم -

معادلة الاحتلال  المقاومة

بقلم-رجب أبو سرية

بقدر ما كانت "مسيرة العودة" تنطوي على قدر من مواجهة العنف الإسرائيلي، إلا أنها كحراك شعبي، ساهمت إلى حد ما في تفريغ الاحتقان المزمن والمتواصل والمتجذر داخل نفوس المواطنين الفلسطينيين على الاحتلال الإسرائيلي الذي يذيقهم منذ عقود كل أصناف العذاب والقهر والذل، بل ويحرمهم أبسط حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة، وقد ظهر ذلك جلياً حين اندلعت المواجهة العسكرية بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الشهر الماضي، عقب اكتشاف المجموعة الأمنية الإسرائيلية التي دخلت خان يونس لتبديل كاميرات المراقبة، حيث أدى الاشتباك إلى استشهاد سبعة عناصر من "حماس" ومقتل قائد العملية الضابط الإسرائيلي.
كان رد "المقاومة" جماعياً أولاً ومحسوباً ثانياً، وعلى تنسيق تام مع المستوى السياسي، الذي كان بدوره يتابع تطورات المواجهة العسكرية مع الوسيط المصري، الذي نجح قبل مرور 48 ساعة في احتواء الموقف المتوتر ومنع اندلاع حرب رابعة بين غزة وإسرائيل.
لكن الأمر يبدو أنه صار معكوساً في الضفة الغربية، حيث إن الاحتقان متواصل ويتزايد يوماً بعد يوم، في حين أن "تنفيس" هذا الاحتقان عبر الحراك الشعبي مثلاً، أو عبر انتفاضة شعبية، مسيرات واحتجاجات، وما إلى ذلك، على أقل تقدير كما كان يحدث في مواجهة إقامة جدار الفصل العنصري، كل ذلك غير موجود الآن، ورغم أن الإشارات التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية كانت واضحة، إلا أن قصر النظر وانعدام الرؤية لدى الحكومة الإسرائيلية المتطرفة جعلها لا ترى ما هو مكتوب على الجدار كما يقولون، فلم تدق انتفاضة السكاكين قبل نحو أربعة أعوام ناقوس الخطر، كما لم تدفع هبة الصلاة في الحرم القدسي الشريف، قبل عام ونصف العام، إسرائيل إلى تغيير سياستها، بإشاعة الأمل بوجود حل في نهاية المطاف يبقي على سياسة الصبر التي تنتهجها القيادة الفلسطينية مقبولة، خاصة لدى الشباب الفلسطيني المتوثب الطامح للعيش في حياة أفضل.
بل إن الأمر زاد سوءاً مع حماقات إدارة البيت الأبيض الأميركي تجاه القدس وتجاه كل بنود ملف الصراع، كذلك أعمت الاختراقات في جدار الصد العربي الرسمي عيون بنيامين نتنياهو وجعلته يعتقد أن "تظهير الاحتلال" والإبقاء عليه يمكن أن يستمر إلى الأبد، ويضمن أمن إسرائيل بل ويهوديتها وكل مفردات التطرف والتمييز العنصري التي يحتويها قاموسها السياسي.
وخلال أسبوع مضى، وعلى عادة إسرائيل التي تواجه واقع الاحتلال بالمعالجة الأمنية فقط، هجم الجيش الإسرائيلي على ما تبقى من مظاهر، ليس لسيادة السلطة في مناطق ولايتها المحدودة وحسب، بل وعلى رموز وجودها كسلطة، وكأنه يدفعها دفعاً للإعلان عن الإلغاء الرسمي لاتفاقيات أوسلو وقطع التنسيق الأمني تماماً وبالكامل وبكل أشكاله معها. ولم تتدخل الحكومة الإسرائيلية قيد أنملة للجم ما يظهره المستوطنون من مظاهر فاشية، إن كان بحرق منازل الفلسطينيين أو بإطلاق النار المميت عليهم أو حرق سياراتهم، ولا حتى بالتحريض على الرئيس نفسه بالقتل.
الهجوم الإسرائيلي يكاد يقول إن الفصل الأخير ما هو إلا إعادة احتلال تام لكل الضفة الغربية، وإن الحلم الفلسطيني بتحوّل السلطة إلى دولة قد تبدد، وإنه ليس هناك سوى بضعة أشهر على كلمة النهاية متمثلة بإعلان صفقة ترامب، لإغلاق الملف الفلسطيني على واقع الاحتلال.
لا شك أن إزاحة السلطة الفلسطينية بأجهزتها الأمنية من طريق الاحتلال، ليطلق يديه وأرجله في مواجهة وتصفية الشباب الفلسطيني والدخول إلى كل بيت ومنزل وشارع، كما كانت الحال قبل أوسلو، تعني شيئاً واحداً فقط، وهي العودة إلى معادلة: الاحتلال / المقاومة.
كذلك، فأن يقدم الجيش الإسرائيلي في سابقة ليست خطيرة فقط، بل ونوعية وحاسمة، تتمثل في تصفية المقاومين أو من تسميهم منفذي العمليات ميدانياً وإلى هذا الحد من البشاعة، يطلق مشاعر الحقد والاحتقان على مصراعيها ضد الوجود الاحتلالي الإسرائيلي بشقيه العسكري والاستيطاني معاً.
مختصر القول هو: إن الضفة الغربية أولاً وكذلك القدس ومجمل الوطن الفلسطيني، بل كل الفلسطينيين أينما وجدوا، ما هم اليوم إلا برميل ضغط يغلي، لن يتفاجأ أي عاقل حين يراه ينفجر في أي لحظة قادمة، ولا أحد أيضاً يمكنه أن يتكهن على ما سيكون عليه عود الثقاب أو صاعق التفجير، الذي قد يكون إعلان صفقة ترامب أو اغتيال شخصية من الصف الفلسطيني الأول، أو ارتكاب مجزرة ما بحق عائلة فلسطينية، أو حتى عملية دهس أو قتل جماعي كما حدث في مرات عديدة سابقة.
ولعل إسرائيل وهي منشغلة في معالجة جبهتها الشمالية، تظن مخطئة أن خاصرتها الشرقية أو حتى جبهتها الجنوبية باتت آمنة أو مؤمنة، وهي إن فكرت بهذا تكون مخطئة جداً، فليست بضعة ملايين الدولارات قادرة على تأمين جبهتها الجنوبية، فقد كانت حال الناس قبل العام 1987 جيدة على المستوى المعيشي، لكن ذلك لم يمنع من اندلاع الانتفاضة الكبرى المجيدة، وحيث إن إسرائيل ومعها أميركا تقوم بدفع الجانب الفلسطيني حالياً إلى الوراء حتى التصق ظهره بالحائط، فإن شعباً متمرساً بالكفاح الوطني، حين يصل إلى نقطة لا يجد فيها ما يخسره، فإنه سيحرق الأخضر واليابس، وربما ما هي إلا أيام أو أسابيع أو حتى أشهر قليلة، ويندلع الحريق الكبير وفق شعار "علينا وعلى أعدائنا"، لأنه ببساطة لن يظل الشعب الفلسطيني قابلاً بواقع لا يموت فيه إلا الفلسطينيون فقط.

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة الاحتلال  المقاومة معادلة الاحتلال  المقاومة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday