بالتدريج أميركا تتحول إلى عدو
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

بالتدريج.. أميركا تتحول إلى عدو

 فلسطين اليوم -

بالتدريج أميركا تتحول إلى عدو

بقلم : رجب أبو سرية

من يتابع السياسة الخارجية الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط، وتحديداً ما يخص ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا يجد أي فارق بينها وبين السياسة الإسرائيلية تجاه نفس الملف، ويتأكد بأن حالة التناغم والتطابق بين سياسة ومواقف البيت الأبيض ومواقف وقرارات الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، غير مسبوقة، لدرجة أنه يمكن القول، وكأن البيت الأبيض أو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باتت جزءاً من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، أو أنها أحد أحزابه المكونة الرئيسية الثلاثة، بحيث باتت إدارة ترامب تشكل الضلع الرابع لحكومة بنيامين نتنياهو الحالية، إلى جانب الليكود، إسرائيل بيتنا والبيت اليهودي.

وإذا كانت إدارة البيت الأبيض قد فعلت ما لم تفعله الإدارات السابقة، على مدار ربع قرن مضى، بتمرير القرار الخاص بنقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، والاعتراف بها كعاصمة لدولة إسرائيل، فإنها لم تكتف بذلك، وهي التي كانت قد هددت دول العالم التي صوتت إلى جانب القرار الذي يدين ذلك الإعلان، فما بالنا بالسلطة الفلسطينية، ومنذ ذلك اليوم، أي منذ أكثر من شهر من الآن، والولايات المتحدة ممثلة باركان إدارتها تشن «حربا» شعواء على السلطة والشعب الفلسطيني.
يشارك في هذه الحرب كل من نائب الرئيس ومستشاريه، كذلك السفير الأميركي في تل أبيب، إضافة إلى الكونغرس، كما كانت شاركت فيها كذلك وزارة الخارجية، وقد مست هذه الحرب المجنونة حتى الأمم المتحدة، وكأن إدارة ترامب تريد أن تفرض «صفقة العصر» سلفاً، حتى قبل إعلان تفاصيلها، والتي من الواضح تماماً، أنها خطة لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، حتى تنغلق أمام إسرائيل كل «مخلفات» اغتصابها لفلسطين أولا، واحتلالها لما تبقى منها وبعض الأراضي العربية ثانياً.
في طريقه إلى مصر والأردن وإسرائيل، قال مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، الذي لا يقوى على إخفاء غيظه من السلطة الفلسطينية التي كانت قد وجهت له، وهو عرّاب إعلان البيت الأبيض عن قراره بنقل السفارة للقدس، على الصفعة التي وجهتها له، برفضها استقباله، حين أعلن عن نيته زيارة المنطقة، آخر الشهر الماضي، في محاولة لإغلاق الباب أمام رد الفعل على القرار العدواني الأميركي الخاص بالقدس، أما برنامج زيارة بنس المقررة في العشرين من الجاري، فيتضمن زيارة حائط البراق، ونصب المحرقة في إسرائيل «ياد فاشيم»، إضافة لنيته القول إنه حان الوقت لإنهاء اضطهاد المسيحيين.

لا يقصد بالطبع السيد بنس المسيحيين الفلسطينيين الذين هم جزء وطني من الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه، والذي يقمع حتى في حقه بممارسة شعائره الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس وبيت لحم وغيرها، ولا هو يقصد الاضطهاد الذي تمارسه إسرائيل بالطبع، بل يحاول أن يفتح بابا طائفيا في بعض الدول العربية، وحتى بين الفلسطينيين!

وبعد قرارات الخارجية الأميركية الخاصة بإغلاق مكتب م ت ف، وقرارات الكونغرس بوقف المساعدات المالية للسلطة، وكذلك القرارات الخاصة بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من أجل طي صفحة حق عودة اللاجئين، كما يريد نتنياهو، ها هو مراقب الدولة الأميركي يعلن بأنه سيقوم بفحص المناهج الدراسية في المدارس التابعة للسلطة الفلسطينية ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي تحتوي_حسب وصفه_ على مواد معادية للسامية أو تشجع على الإرهاب!
لم يقل مراقب الدولة الأميركية بمراجعة نصوص المناهج على الجانبين التي تعرقل السلام، أو التي تحض على الكراهية ونفي الآخر، حتى يمكن أن يكون الأمر على درجة ما من المصداقية أو التوازن، بل إنه على هذا الشكل، يجيء منحازاً بشكل تام، كما لو كان قراراً إسرائيلياً، والأهم انه حين يجمع مناهج السلطة مع مناهج وكالة الغوث، فانه لا يحترم ولا بأي قدر المنظمة الدولية التي هي أكثر وجاهة واحتراما دون شك من الدولة الأميركية.

لم يبق عملياً إلا أن تعلن واشنطن صراحة حالة الحرب على الشعب الفلسطيني وسلطته وقيادته، فهي على عكس كل الملفات الدولية الأخرى، لا تكتفي هنا بالتهديد، بل تتخذ القرارات والمواقف، وكأن فلسطين وشعبها وسلطتها، قوة عظمى، تقف في طريق الهيمنة الأميركية على العالم.

في الحقيقة، فإن فلسطين بتراثها التحرري، ولكونها آخر «دولة تحت الاحتلال» تمثل اليوم ضمير العالم، وتدين بمجرد حضورها الصلف الأميركي، وانعدام الأخلاق الأميركي، ويعتبر استمرار احتلالها وصمة عار في جبين النظام العالمي الذي تقوده أميركا منذ أكثر من ربع قرن، أي منذ انتهاء الحرب الباردة، لذا فإنها تريد بالكثير من التوتر والاستعجال أن تغلق ملفها، وليس لديها إلا ما يقال عن صفقة القرن، والتي تدرك تماما بأن الشعب الفلسطيني وسلطته وقيادته لن يوافقوا عليها، لذا فإنها قد جندت كل إمكانياتها السياسة من اجل فرض الاستسلام السياسي على الشعب الفلسطيني وقيادته حتى تمر هذه الصفقة!
آخر ما كتبه الصحافي الإسرائيلي «بن كسبيت» في «هآرتس» أمس، هو أن نتنياهو كان عام 2014، أي عام توقف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد عرض خطته التي تتمثل في ضم مستوطنات الضفة الغربية لإسرائيل مقابل أراض من شمال سيناء، لكن رفض مصر هو الذي أغلق الباب أمام تلك الخطة التي عرضها نتنياهو خريف عام 2014 أي عقب انهيار مباحثات السلام التي كان يديرها جون كيري وبعد الحرب على غزة ذلك العام.
كل التسريبات تشير إلى أن صفقة القرن، تكاد تكون مطابقة تماما لخطة نتنياهو تلك، لذا فإن الحرب التي تشنها إسرائيل ميدانياً وأميركا سياسياً على الشعب الفلسطيني الآن هدفها تحقيق استسلام فلسطيني، لتمرير تلك الخطة، حيث انه سيكون في حال استسلام فلسطين من الصعب على مصر رفضها، كذلك ستفتح السعودية أبوابها للحل الإقليمي، الذي تجند له مؤخرا زعيم المعارضة الإسرائيلية السابق اسحق هيرتسوغ، في حديثه للصحيفة السعودية الإلكترونية إيلاف قبل أيام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالتدريج أميركا تتحول إلى عدو بالتدريج أميركا تتحول إلى عدو



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday