فلسطين تواجه اللحظة الأصعب
آخر تحديث GMT 18:50:45
 فلسطين اليوم -

فلسطين تواجه اللحظة الأصعب

 فلسطين اليوم -

فلسطين تواجه اللحظة الأصعب

بقلم : رجب أبو سرية

اللحظة التالية لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، هي اللحظة التي فكّر فيها الأميركيون جيداً، وعملوا لها ألف حساب، لذا فقد طلبوا من الإسرائيليين أولاً ألا يظهروا الكثير من البهجة، ولا الكثير من ردود الفعل الصاخبة، وفي الوقت نفسه، قاموا بإعداد خطة تفصيلية لاحتواء ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية، وعلى المستويين الرسمي والشعبي.

ولعل واشنطن ظنت أن الإعلان بشكل مقتضب يمكن أن يقلل من ردود الفعل الغاضبة، أو أن يجعله يمر مرور الكرام، كذلك فكرت واشنطن بخبث، باصطياد الموقف الفلسطيني، الذي هو بمثابة حجر الزاوية في الرد على الإعلان الأميركي، وذلك أولاً من خلال إقدام الرئيس الأميركي على إبلاغ الرئيس محمود عباس قبل يوم من الإعلان بمضمونه، ومن ثم دعوته لزيارة واشنطن بعد الإعلان، ثم بإعلان زيارة نائب ترامب مايك بنس، الرجل الذي ظهر وراءه وهو يعلن قراره المذكور، والذي يقال: إنه كان مع السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان_ الرجل الذي بمجرد اختياره سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل، كان أعلن نيته الانتقال بمسكنه للقدس، والذي لم يتوقف منذ ذلك الوقت عن إظهار كل ما يمكن أن يشير إلى تعاطفه مع المستوطنين والاحتلال الإسرائيلي، وليس مع إسرائيل وحسب_ مع القرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مقابل معارضة كل من وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس.

من الواضح أن الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي، قد جاء منضبطاً، وذلك لامتصاص الصدمة، والتقليل من الخسائر الناجمة عنها، كذلك من أجل عدم مضاعفة الغضب الشعبي، والذي كان يمكن له أن يتسبب في سقوط عشرات الضحايا من الشبان الفلسطينيين، خاصة أن إعلان ترامب قد جاء يوم الأربعاء الماضي أي قبل أقل من يومين على يوم الجمعة، حيث يتجمع عشرات الآلاف للصلاة في المسجد الأقصى.

والأهم هو أن من يفهم بالسياسة يعلم أن الإعلان قد صدر، وأنه صدر عن واحدة من أهم وأقوى دول العالم، التي لا مصلحة للفلسطينيين في تحطيم كل جسور العلاقة معها، خاصة في ظل أفراد متصهينيين، بل إنهم يظهرون كما لو كانوا يمينيين متشددين وحتى متطرفين إسرائيليين/يهود في الإدارة الأميركية، يحاولون أن يدفعوا البيت الأبيض لسحق السلطة الفلسطينية سياسياً، والدليل على ذلك هو جملة القرارات التي يقوم باتخاذها الكونغرس والخارجية إضافة للبيت الأبيض، ضد السلطة، إن كان تلك المتعلقة بحجب المساعدات المالية، أو إغلاق مكتب م.ت.ف.
أي أن إعلان ترامب الذي جاء بعد مائة عام من وعد بلفور، قد فتح الباب لصراع سياسي محموم، طرفه الأول، الجانب الفلسطيني، والثاني ليس إسرائيل فقط، بل ومعها أميركا، التي لم تقترب من دائرة الوسيط المحايد، بعد أن كانت وسيطاً غير محايد منذ العام 1993، لكنها قد غادرت مربع الوسيط السياسي، الذي رعى المفاوضات خلال العقدين الماضيين.

ولمزيد من ذر الرماد في العيون، أعلنت واشنطن أن إعلانها يعزز فرص السلام في الشرق الأوسط، وهي تقصد بذلك، السلام الذي يريده نتنياهو، والذي يرفضه عباس، أي أن أحد جوانب أو أهداف الإعلان هو فرض الاستسلام على الجانب الفلسطيني، ليقبل بما تريده إسرائيل الآن من تجاوز لحل الدولتين، والقبول بحل أعلى سقف فيه هو دولة صغيرة في غزة، وإغلاق ملف اللاجئين، وضم القدس لإسرائيل، وبقاء قواتها العسكرية في غور الأردن، وضم المستوطنات، ولا دولة فلسطينية في الضفة، بل حكم ذاتي، أو قطاع جغرافي يتم ضمه لاحقاً مع دولة غزة، ضمن تبادل ثلاثي للأرض، وكل ذلك ضمن الصفقة الإقليمية، التي تجعل من صراع العرب مع إيران هو الصراع المركزي في المنطقة.

والأخطر هو أن تختار بنس الذي لم يقف فقط وراء ترامب لحظة إعلانه المشؤوم، بل هو الذي كان يقف بقوة وكان الرجل المؤيد للإعلان في البيت الأبيض، ليقوم بمهمة احتواء الموقف الفلسطيني، حتى يمر الإعلان مرور الكرام كما أسلفنا.

ما كان يمكن للرئيس عباس أن يقبل الذهاب لواشنطن، ليقوم بمهمة ورقة التوت لستر عورة ترامب الذي ظهر ضد كل العالم، لدرجة أن تيريزا ماي لم تستطع إلا أن تنتقد الإعلان، طبعاً إضافة إلى البابا وفرنسا وكل دول الدنيا، لسبب بسيط وهو أن العالم كله يعتبر القدس مدينة محتلة، وحتى إسرائيل التي وقعت إعلان المبادئ في حديقة البيت الأبيض في أيلول 1993وافقت على أن تكون القدس ضمن ملفات الحل النهائي، أي أن مستقبلها مرهون بمفاوضات الحل بين إسرائيل وفلسطين

مع أن الموقف الرسمي الفلسطيني، قد وضع أول حجر لصد انهيارات سياسية ممكنة ناجمة عن إعلان ترامب، إلا أن معركة سياسية ضروس قد بدأت، ذلك أنه على الجانب الفلسطيني أن يمنع أو أن يقف في طريق إقدام دول أخرى (أكثر من 160 دولة تعترف بإسرائيل، سفاراتها في تل أبيب) على أن تحذو حذو الولايات المتحدة، كذلك فإن انتقال السفارة الأميركية نفسه يحتاج 3_4 سنوات حتى يتم تنفيذه على أرض الواقع، أي أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان أخطر من صمت البيت الأبيض والاكتفاء بعدم تعطيل قرار الكونغرس الخاص بنقل السفارة، في الموعد المحدد نصف السنوي.

لكن الموقف الرسمي الفلسطيني بحاجة إلى إسناد عربي/إسلامي، بممارسة كل أشكال الضغط من أجل أن يبقى الإعلان الأميركي منفرداً، وبحاجة إلى استمرار الغضب الشعبي، لإغلاق الطريق أمام صفقة القرن، وإقناع أميركا بأن إعلانها ستنجم عنه خسائر سياسية واقتصادية لها، وكأن الحرب قد عادت للمربع الأول الذي كانت عليه منذ مئة عام، لذا فإنه لا بد من رص الصفوف أولاً، ومن بث الحيوية في قادة وكوادر الفعل الميداني، وإطلاق المقاومة في كل الاتجاهات والمستويات، وعدم الاكتفاء بالشعار وإعلان الموقف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين تواجه اللحظة الأصعب فلسطين تواجه اللحظة الأصعب



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday