موسم انطلاق الفصائل
آخر تحديث GMT 18:41:05
 فلسطين اليوم -

موسم انطلاق الفصائل

 فلسطين اليوم -

موسم انطلاق الفصائل

بقلم-رجب أبو سرية

الديماغوجيا خطاب سياسي مضلل، وهو خطاب داخلي في منتهى السوء؛ لأنه يضلل الشعب ولا يفعل الشيء ذاته تجاه العدو الذي يعتمد في إدارة شؤونه على المؤسسة التي تعرف جيداً وبدقة وبموضوعية ما لديها وما لدى عدوها. لذا فإن ما يتخلل الخطاب السياسي للفصائل الفلسطينية من ديماغوجيا لا تضلل سوى الشعب الفلسطيني، فيما العدو الإسرائيلي يعرف جيداً ما لديها وما هو ليس لديها، وهكذا فإن «الادعاءات» الفارغة بامتلاك مصادر القوة غير المعنوية، أي من السلاح والعتاد والجنود المدربين وما إلى ذلك، ما هو إلا لغو كلام، يضر كثيراً ولا ينفعنا بشيء.
ولعل خير مثال على ديماغوجيا الفصائل حالياً حركة «حماس»، التي يتسابق قادتها، كما لو كانوا في لعبة أطفال مع العدو، بادعاء ما لدى «قسامهم» من قوة وعتاد، ومنذ ثلاثة عقود، وأبواق هذه الحركة المراهقة سياسياً، رغم تجاوزها العقد الثالث من عمرها، لا تكف عن الادعاء بتهديد العدو الإسرائيلي بما يزلزل الأرض من صواريخ وأنفاق وسلاح مدرعات وسلاح جو، ولا يفكر أحد هذه الأبواق قيد أنملة أو للحظة فقط، بأنه إزاء دولة نووية، هي واحدة من تسع دول في العالم فقط، التي تمتلك السلاح النووي، حيث إن إسرائيل لديها ثمانون رأساً حربياً نووياً، كفيلة في حال إطلاقها بتدمير الكرة الأرضية، ورغم ذلك فإن دعاية العدو حين تخاطب العالم الخارجي، تدعي بأنها دولة مسكينة ومهددة وجودياً من محيط معادٍ.
وبعد أن عرفنا الكيفية التي اعتادت بها فصائل العمل الوطني على الاحتفاء بالذكرى السنوية لانطلاقاتها، منذ عقود، خرجت علينا حركة «حماس» بما هو مختلف، وهي التي ليس لها يوم محدد يعتبر إعلاناً لانطلاقتها، سوى ما اعتبر كذلك من إعلان منفرد لمجموعتها العسكرية التي شاركت بالانتفاضة الأولى عام 1987، والمختلف هو أن تحتفي في قطاع غزة، كما تحتفي «الدول» عادة بتسيير ما يسمى العرض العسكري، والذي هدفه الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية التي ما زالت تأمل بأن تنهي «حماس» الانقسام بالتراضي، والقول: إنها إنما تحكم بالقوة، والتخويف.
و»حماس» وبعد توالي السنين في حكمها قطاع غزة، وبعد استمرار علاقتها الخاصة والمنفردة وخارج إطار السلطة وم.ت.ف مع بعض دول، يمكن القول الآن: إنها ليست عدوة لإسرائيل، وهي لا تختلف كثيراً عن السلطة في الضفة الغربية، ذلك أن اتفاقيات وتفاهمات التهدئة، ما هي إلا تنسيق أمني بشكل آخر مع إسرائيل، ولو أن هناك تهديداً سياسياً أو أمنياً يخرج من جيب أحد قياداتها التي تظهر ليل نهار علناً في غزة، لقامت إسرائيل دون أي تردد باغتيالها، خاصة أن  الحركة هذه الأيام لا تشهد حتى التعاطف الشعبي في المحيط العربي، الذي كانت تتمتع به الحركة من قبل؛ نظراً لأن غزة لا تتمتع بسيادة سياسية، أي أن اختراقها الأمني لا يستدعي أي رد فعل دبلوماسي كما كانت حال اغتيالات إسرائيل لقادة فلسطينيين في دول عربية أو أجنبية.
الغريب الذي يؤكد أن السياسة الإسرائيلية أبعد من أنف «حماس»، هو أنه كما حدث خلال ما قامت به حركة «حماس» من عمليات عسكرية في العمق الإسرائيلي في أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت ترد إسرائيل باستهداف قوات الأمن الوطني الفلسطيني ومقرات أمن السلطة، لأنها مشروع دولة فلسطينية، فإن «حماس» التي تعتمد على المجموعات العصابية لإظهار «قوتها» التي هي أكبر من حجمها الشعبي بما لا يقاس في الضفة الغربية، ورغم أنها تعلن بوضوح مسؤوليتها عن الخلايا التي تقوم بتلك العمليات، فإن رد الفعل الإسرائيلي يطالب برأس الرئيس محمود عباس ونائبه الأخ محمود العالول!
إسرائيل تعرف جيداً مَن هو عدوها الحقيقي إذاً، وتعلم علم اليقين أن ثمن «حماس» إنما هو ثمن بخس، فهي تقوم بتقليم أظافر مسيرة العودة مقابل خمسة عشر مليون دولار قطري، وهي تقبل بدولة غزة، وما شعار كسر الحصار إلا مطالبة نهائية بإعلان دولتها في غزة والاعتراف بها رسمياً بهذه الصفة، وما إشارة أحمد بحر، أحد قيادات «حماس» الهامشية، حين قال: إن «حماس» في ذكرى انطلاقتها الحادية والثلاثين، قد تحولت إلى العالمية، في إشارة إلى جولة وفدها «البرلماني» لكل من جنوب إفريقيا وتركيا، وأيضاً للدعوة الروسية لإسماعيل هنية، إلا خير دليل على ذلك.
وفي غزة، لا ضير من السماح للفصائل خفيفة الوزن أن تحتفي بذكرى انطلاقتها، باستثناء «فتح»، لأن الآخرين يقبلون موقع التابع لـ»حماس»، الذي يعزز حكمها، والذي يقوم بدور «المبيض» أو المظهر لمكانتها ودورها، إلا «فتح» بالطبع، حيث إننا شاهدنا كل عام بمناسبتي ذكرى رحيل ياسر عرفات وذكرى انطلاقة «فتح» التي تعتبر ذكرى لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، فإن «حماس» تمنع ذلك الاحتفاء، لأن «فتح» هي الفصيل الوحيد الذي ما زال يقف عقبة في طريق إجهاض المشروع الوطني المتمثل بإقامة الدولة على حدود 67 مع حق العودة والقدس عاصمة، واستبداله بدولة غزة، مع هدنة، كما فعلت الدول العربية مع إسرائيل عام 1948.
أن تظل «حماس» بذلك بمثابة حصان طروادة في الواقع الفلسطيني، ما هو إلا نتيجة تراكم الترهل السياسي داخل الحالة الفلسطينية وعدم المزاوجة بين الكفاح الداخلي والخارجي، وما هو إلا تراكم لليأس والإحباط، فكل أفعال «حماس» حتى في مواجهة الاحتلال ما هي إلا ردود فعل، وما هي إلا بحساباتها الخاصة، التي تتوافق مع الإرث الإخواني، ومع مشروع إقامة الدولة/الإمارة، ذات الطبيعة الأيديولوجية والخارجة عن الإطار الوطني الفلسطيني، فـ»حماس» تعرّف نفسها على أنها حركة إسلامية أكثر منها حركة وطنية، وهي لا تؤمن، بل ولم تمارس العمل الجبهوي ولا بأي شكل أو درجة، لا في الانتفاضة الأولى ولا في الحكم، لا في المقاومة ولا في السياسة.

 

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم انطلاق الفصائل موسم انطلاق الفصائل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday