إسـرائـيــل الـحـمـقــاء
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

إسـرائـيــل الـحـمـقــاء

 فلسطين اليوم -

إسـرائـيــل الـحـمـقــاء

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

ربما كان من سوء حظ إسرائيل، وليس من سوء حظ، أو جهل أو قلة خبرة بيني غانتس، أنه لم ينجح في وضع حد لحكم بنيامين نتنياهو المستمر منذ أكثر من عقد مضى من السنين، والذي هو في طريقه ليسجل رقما قياسيا، ببقائه عقدا ونصف العقد كرئيس للحكومة، حيث لم يسبقه أحد إلى ذلك في إسرائيل، لا ديفيد بن غوريون، ولا حتى مناحيم بيغن، ذلك أن استمرار نتنياهو المتهم في قضايا الفساد، والذي كرّس التطرف كسياسة رسمية لحكوماته المتعاقبة، هو أفضل وصفة لتعميق الشرخ الداخلي، كذلك لمزيد من العزلة الخارجية، ولا يغرنك ما يدعيه الرجل من فتوحات على صعيد التطبيع مع بعض الأنظمة العربية.

ماذا يعني أن يبقى نتنياهو رئيسا للوزراء في إسرائيل؟ هذا هو السؤال المهم، بعد الاتفاق الذي جرى الأسبوع الماضي بينه وبين غانتس، على تشكيل الحكومة من حزبيهما، مع مشاركة بعض الأحزاب الأخرى، هنا طبعا مهم الإشارة إلى أن غانتس يشارك في الحكومة، برئاسة نتنياهو أولا، وليس معه سوى حزب العمل، من حلفائه المفترضين، أما نتنياهو فمؤكد مشاركة الحريديم، وليس مؤكدا مشاركة حزب «يمينا»، وإن كان مرجحا، المهم، أن رئاسة نتنياهو أولا للحكومة تعني استمرار الخطوط العامة الأساسية لحكوماته السابقة المستمرة منذ العام 2009، والأهم من ذلك مواجهة تهم الفساد الموجهة ضده، وهو بهذه الصفة، بحيث إن تشكيل الحكومة بهذا الشكل يعتبر ضربة موجهة للقضاء الإسرائيلي، وإذا ما أضيف إلى ذلك أن وجود نتنياهو كل هذا الوقت كرئيس للحكومة، كان من شأنه تقليص الديمقراطية داخل حزب «الليكود» وداخل الساحة السياسية لإسرائيل، فإن هذا يعني ضررا فادحا قد تعرضت له «الدولة»، لصالح الشخص الذي يتحول هكذا إلى ما يشبه رئيس الدولة في واحدة من دول العالم الثالث.

حتى اليمين الإسرائيلي، أو بعضه قد ضاق ذرعا، بتعزيز حالة التدين من خلال مكانة الحريديم في حكومات نتنياهو المتعاقبة، وهذا كان أصلا أساس الأزمة التي نشأت مع نهاية العام 2018، حين استقال أفيغدور ليبرمان، اليميني الليبرالي من منصبه كوزير للدفاع، وخرج من الائتلاف الحكومي، داعيا إلى فض الشراكة مع اليمين ومع الحريديم، لمنع تدهور الدولة باتجاه أن تتحول إلى دولة دينية، وكان هذا سببا في ذهاب إسرائيل إلى ثلاث جولات انتخابية خلال عام واحد، دون أن تنجح في حسم المسألة، لصالح أحد الطرفين، وخلال هذه الجولات الانتخابية، يمكن لكل من يرغب في التعرف على حقيقة الوضع الداخلي الإسرائيلي، أن يقرأ تفاصيلها بعمق حتى يعرف بأن إسرائيل، إنما تعيش مثل المريض في العناية المركزة، وذلك باعتمادها الكلي، خاصة في مواجهة العالم في الأمم المتحدة، على أميركا/ ترامب، والذي هو بدوره، يواجه حاليا، بعد ثلاثة أعوام من وجوده في البيت الأبيض تحديا جديا، فيما يخص فوزه بالولاية الثانية.

إن بقاء نتنياهو كرئيس للحكومة الإسرائيلية، يقدم صورة قبيحة لإسرائيل، التي تبدو كدولة حمقاء في اختياره، وأضلاع هذه الصورة مكونة من التالي: أولا يظهر كزعيم دولة من دول العالم الثالث المستبدة، بجلوسه كل هذا الوقت على مقعد الحكم، حيث قام بقمع كل من رفع رأسه لمنافسته على زعامة «الليكود»، وفعل كل ما يمكنه فعله من كذب واحتيال، حتى يمنع سقوطه في الانتخابات، ومارس كل حيلة ممكنة، بل واضطر إلى تضخيم الحكومة حتى وصلت إلى 36 وزيرا، من أجل اصطياد غانتس وحزبه «الحصانة لإسرائيل». وبذلك ظهرت الديمقراطية الإسرائيلية كنكتة، خاصة مع خيانة قادة الأحزاب لناخبيهم وشعاراتهم الانتخابية.

ثانيا ـــ نتنياهو رئيس للوزراء مع تشكيل لجنة قضائية وفق هواه، يعني تحصينه في مواجهة القضاء، ومعروف بأن حياد القضاء شرط أساسي لدولة المؤسسات الديمقراطية.
ثالثا ـــ استمرار نتنياهو في الاعتماد على الحريديم والمستوطنين، يعني بأن إسرائيل، قد تحولت إلى دولة متشددة، بل ومتطرفة، وهذا عنصر طارد ومحبط للدولة المدنية، ووصفة انتحار للدولة بالمعنى البعيد، لأنه يقطع الطريق على التعايش الداخلي ويعزز من نزعة العنصرية.
رابعا ــــ الاعتماد على دونالد ترامب، فيما يخص السياسة الخارجية، خاصة تجاه ملف الصراع مع الجانب الفلسطيني، وترامب رئيس إشكالي، يحارب طواحين الهواء، وليس هناك محبون كثر له، لا داخل أميركا ولا خارجها.

إن إسقاط نتنياهو كان مصلحة لمستقبل إسرائيل، وكان يمكنه أن يخلصها مما علقت فيه، من تشدد وتطرف، الذي لا يدخل فيروس التآكل الداخلي وحسب، بل ويضع الدولة كلها داخل شرنقة محكمة من العزلة، وفيما يخص الجانب الفلسطيني، فإن قطع الطريق على التوصل إلى حل معه، اليوم، يعني تأجيل المسألة وتعقيدها، وترحيلها إلى المستقبل، والمستقبل غير معروفة ملامحه أو أنها غير مرئية من قبل المتطرفين، أما العقلاء، فيقولون، إن عالم الغد لن يكون هو عالم اليوم، وإسرائيل مع توجهاتها إلى ضم الضفة الغربية، تواجه كل العالم باستثناء أميركا/ ترامب، فماذا حين يخرج ترامب من البيت الأبيض؟

إن أفضل سلاح اليوم، تواجه به الأنظمة المستبدة لإسقاطها هو عزلها وحصارها، ولعمري ليست هناك دولة في العالم تعاني من عزلة خارجية، ومن شقاق داخلي كما هو حال إسرائيل، التي تحتج خارجيتها على مسلسل «النهاية» المصري بعد أكثر من 40 سنة على اتفاق كامب ديفيد، والتي وقفت مرعوبة من تحقيق القائمة العربية لخمسة عشر مقعدا في الكنيست، والتي ارتعدت فرائصها في مواجهة انتفاضة أطفال الحجارة العام 87، والتي لا تكف عن إبداء القلق من إيران، وربما تركيا، وصولا إلى اندونيسيا وماليزيا.

إسرائيل الحمقاء التي تستمر في السير على طريق التشدد والتطرف والتنكر لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على ارض 67، تقوم عمليا بشق طريق نهايتها بيدها، لأنه بدل ذلك عليها أن تتعايش وتتأقلم مع المحيط العربي والإسلامي والعالمي، والمدخل الإجباري لهذا أن تتعايش مع الجار الفلسطيني، الذي في حال أغلقت عليه باب الدولة المستقلة، سيعرف كيف يقلق راحتها، بكفاح طويل ومرير، أما إسرائيل الحمقاء، فإنها لا تكتفي بقمع طموحات الشعب الفلسطيني، بل تلجأ أيضا إلى تجويعه بمصادرة أمواله، وهذه وصفة للانفجار الكبير، فلم يقم نظام قام بقمع وتجويع الشعب معا، إلا واجه ثورة عارمة، إن لم يكن غدا، فبعد غد.  

قد يهمك أيضا :  

  أميركا تخسر في مواجهة الصين

حول معركة التشكيل الحكومي الإسرائيلي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسـرائـيــل الـحـمـقــاء إسـرائـيــل الـحـمـقــاء



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday