«حماس» في الأمم المتحدة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

بقلم-رجب أبو سرية

مشروع القرار الأميركي الذي جرى التصويت عليه بعد أن كان مقررا ذلك يوم الاثنين الماضي، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لا يعكس مدى الانحياز الذي هي عليه إدارة الرئيس الجمهوري الأميركي دونالد ترامب للجانب الإسرائيلي، ولا يظهر أنها باتت «ملكية أكثر من الملك» فيما يخص إسرائيل وحسب، ولكنه يظهر مستوى السخف الذي هي عليه هذه الإدارة التي أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها لا تظهر كدولة عظمى مسؤولة عن النظام العالمي، ولا حتى كدولة متزنة، وإنما كما لو كانت محكومة من «عصابة» أو من مجموعة هواة في العمل السياسي.
فأميركا تتقدم بمشروع القرار لتمنحه قوة دفع ما كان بمقدوره أن يحوز عليها، لو أن إسرائيل هي التي تقدمت به، كذلك ان تتقدم به واشنطن للجمعية العامة وليس لمجلس الأمن يعني أشياء كثيرة منها، أن مشروع القرار حتى لو حاز على الأغلبية الكاسحة، فإنه ليس ملزما، بما يعني بأن الهدف الرئيسي منه، أنما هو الدعاية والإعلان، ومحاولة ترويج «ثقافة» سياسية جديدة فيما يخص الملف الفلسطيني، الذي يحظى بتعاطف المجتمع الدولي ممثلا بالجمعية العامة، على عكس ما يحدث في مجلس الأمن.

تحاول واشنطن التي دائما ما تجد نفسها معزولة في زاوية نائية بالجمعية العامة مع إسرائيل وعدة دولة صغيرة ونائية ولا تعتبر أكثر من «محميات بشرية» دولية لواشنطن، أن تجد لها مكانا في الجمعية العامة، عبر بوابة «حماس»، وهي وبالنيابة عن إسرائيل تريد اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد.

هي أولا تريد أن تجبر المجتمع الدولي على إدانة «المقاومة» بشكل عام، بما في ذلك بالطبع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأرض وللشعب الفلسطيني، وذلك عكس القانون الدولي المجاز في الأمم المتحدة والذي يشرع مقاومة الاحتلال بكل الأشكال والوسائل والأدوات الممكنة بما في ذلك الكفاح المسلح، وتمرير ذلك لا يكون بشكل صريح، وإنما عبر المواربة كما ينص مشروع القرار الأميركي.

وثانيا، هي تريد أن تفصل بين السلطة الفلسطينية و»م ت ف» وبين «حماس»، فهذه أول مرة يحدث فيها أن يتم تقديم مشروع قرار ضد حركة أو حزب أو تنظيم سياسي، حتى يكون ذلك ترسيخا للانقسام في الذهن العالمي، وكذلك مقدمة للمساس بحالة التضامن الدولي مع فلسطين وشعبها من خلال زرع فاصل أو حاجز بين جزء من الشعب الفلسطيني وبين كل فلسطين.

وثالثا، تريد أن تمنح غطاء عاما ودائما لأي عدوان إسرائيلي محتمل في المستقبل ضد غزة، بل وحتى ضد أي مكان توجد فيه مقاومة، وتحاول أن توسع إطار اتهام «حماس» بالإرهاب ومنحه الصفة الدولية، فحتى لو نجحت «حماس» لاحقا في كسر الحصار عن غزة، ستظل مشلولة اليد وستبقى تحت سيف تل أبيب وواشنطن الترهيبي.

المفارقة تكمن بالطبع ـــ كما هو معتاد من المنطق الأميركي/ الإسرائيلي ــــ في التمييز بين السلوك الذي يقوم به طرف عن السلوك المماثل أو المشابه الذي يقوم به الطرف الآخر، حيث يتضمن نص مشروع القرار الأميركي إدانة لـ»حماس» بسبب إطلاق الصواريخ والتحريض على العنف، ما يعرض المدنيين للخطر!

كيف يستوي منطق التعاطف مع مدنيين إسرائيليين قد يتعرضون للخطر، مقابل عدم الاهتمام بمقتل المدنيين الفلسطينيين حقا وفعلا على يد القوات الإسرائيلية، وكيف يمكن لدولة عظمى يفترض ان تتحلى بالاتزان والنضج السياسي ألا تشير في مشروع قرارها للاحتلال ولما يقوم به فعلا من مجازر يومية بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا إذا كان صاحب مشروع القرار مسكونا بالعقلية العنصرية التي تميز بين بشر وبشر، بين إنسان وآخر وبين مدنيين هنا ومدنيين هناك.

أي لو أن مشروع القرار الأميركي تحلى بقدر من التوازن ونص على إدانة عامة لتعريض حياة المدنيين على الجانبين للخطر، ولو أنه طالب بقوات فصل دولية بين الجانبين أو بقوات حماية دولية للمدنيين، لكان منطق واشنطن أكثر مصداقية.
أما لماذا تتوغل بهذا الشكل إدارة ترامب في الظهور بمظهر الملكية أكثر من الملك، فربما لأنها تحاول أن تظهر كما لو أنها تحقق إنجازات سياسية على الصعيد الدولي على عكس ما هو حاصل في الواقع، أي أنها تدخل من البوابة الفلسطينية لتخفف عن نفسها وطأة الإخفاقات في السياسة الدولية الخارجية وهزائمها المتعددة في كل مكان.

كذلك تبدو المفارقة بالغة حين تتقدم واشنطن بورقة مشروع القرار ضد «حماس»، فيما إسرائيل نفسها تصمت، بل تدير من تحت الطاولة تفاهمات وحوارات على أكثر من صعيد مع الحركة السياسية الفلسطينية التي تسيطر بتشجيع من إسرائيل نفسها على قطاع غزة وخارج إطار الشرعية الفلسطينية منذ أكثر من أحد عشر عاما.

وحتى أن الضغط على بعض الدول العربية من أجل تأييد مشروع القرار يقوم به غيسون غرينبلات المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وليس أي شخصية إسرائيلية، لكن الحكومة الإسرائيلية التي تجد من ينوب عنها في الساحة الدولية، تتفرغ هي بدورها لمواجهة التحديات على الأرض، ولربما كانت واشنطن بما تظهره هكذا من اهتمام مبالغ فيه بالدولة العبرية، تشعر بأن إسرائيل تكاد «تطير» من بين يديها، إن كان بسبب أنها قد بلغت سن الرشد العسكري والاقتصادي، أو بسبب ظهور منافسين أقوى من واشنطن على الساحة الدولية وخاصة في ملعب الشرق الأوسط، بما قد يعني بأن إسرائيل قد تذهب إلى اختيار تعدد العلاقات مع القوى العظمى على الصعيد الكوني، وعدم الاستمرار بالظهور كدولة تابعة أو كدولة حليفة فقط للولايات المتحدة!

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» في الأمم المتحدة «حماس» في الأمم المتحدة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday