«حماس» في الأمم المتحدة
آخر تحديث GMT 12:33:33
 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

بقلم-رجب أبو سرية

مشروع القرار الأميركي الذي جرى التصويت عليه بعد أن كان مقررا ذلك يوم الاثنين الماضي، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لا يعكس مدى الانحياز الذي هي عليه إدارة الرئيس الجمهوري الأميركي دونالد ترامب للجانب الإسرائيلي، ولا يظهر أنها باتت «ملكية أكثر من الملك» فيما يخص إسرائيل وحسب، ولكنه يظهر مستوى السخف الذي هي عليه هذه الإدارة التي أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها لا تظهر كدولة عظمى مسؤولة عن النظام العالمي، ولا حتى كدولة متزنة، وإنما كما لو كانت محكومة من «عصابة» أو من مجموعة هواة في العمل السياسي.
فأميركا تتقدم بمشروع القرار لتمنحه قوة دفع ما كان بمقدوره أن يحوز عليها، لو أن إسرائيل هي التي تقدمت به، كذلك ان تتقدم به واشنطن للجمعية العامة وليس لمجلس الأمن يعني أشياء كثيرة منها، أن مشروع القرار حتى لو حاز على الأغلبية الكاسحة، فإنه ليس ملزما، بما يعني بأن الهدف الرئيسي منه، أنما هو الدعاية والإعلان، ومحاولة ترويج «ثقافة» سياسية جديدة فيما يخص الملف الفلسطيني، الذي يحظى بتعاطف المجتمع الدولي ممثلا بالجمعية العامة، على عكس ما يحدث في مجلس الأمن.

تحاول واشنطن التي دائما ما تجد نفسها معزولة في زاوية نائية بالجمعية العامة مع إسرائيل وعدة دولة صغيرة ونائية ولا تعتبر أكثر من «محميات بشرية» دولية لواشنطن، أن تجد لها مكانا في الجمعية العامة، عبر بوابة «حماس»، وهي وبالنيابة عن إسرائيل تريد اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد.

هي أولا تريد أن تجبر المجتمع الدولي على إدانة «المقاومة» بشكل عام، بما في ذلك بالطبع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأرض وللشعب الفلسطيني، وذلك عكس القانون الدولي المجاز في الأمم المتحدة والذي يشرع مقاومة الاحتلال بكل الأشكال والوسائل والأدوات الممكنة بما في ذلك الكفاح المسلح، وتمرير ذلك لا يكون بشكل صريح، وإنما عبر المواربة كما ينص مشروع القرار الأميركي.

وثانيا، هي تريد أن تفصل بين السلطة الفلسطينية و»م ت ف» وبين «حماس»، فهذه أول مرة يحدث فيها أن يتم تقديم مشروع قرار ضد حركة أو حزب أو تنظيم سياسي، حتى يكون ذلك ترسيخا للانقسام في الذهن العالمي، وكذلك مقدمة للمساس بحالة التضامن الدولي مع فلسطين وشعبها من خلال زرع فاصل أو حاجز بين جزء من الشعب الفلسطيني وبين كل فلسطين.

وثالثا، تريد أن تمنح غطاء عاما ودائما لأي عدوان إسرائيلي محتمل في المستقبل ضد غزة، بل وحتى ضد أي مكان توجد فيه مقاومة، وتحاول أن توسع إطار اتهام «حماس» بالإرهاب ومنحه الصفة الدولية، فحتى لو نجحت «حماس» لاحقا في كسر الحصار عن غزة، ستظل مشلولة اليد وستبقى تحت سيف تل أبيب وواشنطن الترهيبي.

المفارقة تكمن بالطبع ـــ كما هو معتاد من المنطق الأميركي/ الإسرائيلي ــــ في التمييز بين السلوك الذي يقوم به طرف عن السلوك المماثل أو المشابه الذي يقوم به الطرف الآخر، حيث يتضمن نص مشروع القرار الأميركي إدانة لـ»حماس» بسبب إطلاق الصواريخ والتحريض على العنف، ما يعرض المدنيين للخطر!

كيف يستوي منطق التعاطف مع مدنيين إسرائيليين قد يتعرضون للخطر، مقابل عدم الاهتمام بمقتل المدنيين الفلسطينيين حقا وفعلا على يد القوات الإسرائيلية، وكيف يمكن لدولة عظمى يفترض ان تتحلى بالاتزان والنضج السياسي ألا تشير في مشروع قرارها للاحتلال ولما يقوم به فعلا من مجازر يومية بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا إذا كان صاحب مشروع القرار مسكونا بالعقلية العنصرية التي تميز بين بشر وبشر، بين إنسان وآخر وبين مدنيين هنا ومدنيين هناك.

أي لو أن مشروع القرار الأميركي تحلى بقدر من التوازن ونص على إدانة عامة لتعريض حياة المدنيين على الجانبين للخطر، ولو أنه طالب بقوات فصل دولية بين الجانبين أو بقوات حماية دولية للمدنيين، لكان منطق واشنطن أكثر مصداقية.
أما لماذا تتوغل بهذا الشكل إدارة ترامب في الظهور بمظهر الملكية أكثر من الملك، فربما لأنها تحاول أن تظهر كما لو أنها تحقق إنجازات سياسية على الصعيد الدولي على عكس ما هو حاصل في الواقع، أي أنها تدخل من البوابة الفلسطينية لتخفف عن نفسها وطأة الإخفاقات في السياسة الدولية الخارجية وهزائمها المتعددة في كل مكان.

كذلك تبدو المفارقة بالغة حين تتقدم واشنطن بورقة مشروع القرار ضد «حماس»، فيما إسرائيل نفسها تصمت، بل تدير من تحت الطاولة تفاهمات وحوارات على أكثر من صعيد مع الحركة السياسية الفلسطينية التي تسيطر بتشجيع من إسرائيل نفسها على قطاع غزة وخارج إطار الشرعية الفلسطينية منذ أكثر من أحد عشر عاما.

وحتى أن الضغط على بعض الدول العربية من أجل تأييد مشروع القرار يقوم به غيسون غرينبلات المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وليس أي شخصية إسرائيلية، لكن الحكومة الإسرائيلية التي تجد من ينوب عنها في الساحة الدولية، تتفرغ هي بدورها لمواجهة التحديات على الأرض، ولربما كانت واشنطن بما تظهره هكذا من اهتمام مبالغ فيه بالدولة العبرية، تشعر بأن إسرائيل تكاد «تطير» من بين يديها، إن كان بسبب أنها قد بلغت سن الرشد العسكري والاقتصادي، أو بسبب ظهور منافسين أقوى من واشنطن على الساحة الدولية وخاصة في ملعب الشرق الأوسط، بما قد يعني بأن إسرائيل قد تذهب إلى اختيار تعدد العلاقات مع القوى العظمى على الصعيد الكوني، وعدم الاستمرار بالظهور كدولة تابعة أو كدولة حليفة فقط للولايات المتحدة!

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» في الأمم المتحدة «حماس» في الأمم المتحدة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 13:39 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب الأردن للسلة المصغرة يخفق في أولمبياد الشباب

GMT 20:08 2014 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الديكورات الفخاريّة تزيّن المنزل بلمسة تقليديّة

GMT 15:06 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 12:52 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

عبد الحفيظ يكشف موقف الأهلي من بيع وليد أزارو

GMT 21:50 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

سامسونغ تدرج ضمن قائمة فوربس لأفضل 5 شركات آسيوية

GMT 15:13 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

يخت Azimut لقضاء شهر عسل رومانسي وممتع

GMT 14:45 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"ليفربول" يتوصل لاتفاق نهائي مع يورغن كلوب لتدريب الفريق

GMT 20:11 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

الشاعر خالد المريخي يُطلق أحدث قصائده الوطنية

GMT 22:55 2016 الإثنين ,26 أيلول / سبتمبر

حفل ضخم تحضر له جامعة مصر لاستقبال محمد منير

GMT 12:50 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

583 حالة عنف ضد الرجال في إقليم كردستان في عام 2016

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مستوطنون يغرقون أراضي المواطنين شمال نابلس بالمياه العادمة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday