«حماس» في الأمم المتحدة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

بقلم-رجب أبو سرية

مشروع القرار الأميركي الذي جرى التصويت عليه بعد أن كان مقررا ذلك يوم الاثنين الماضي، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لا يعكس مدى الانحياز الذي هي عليه إدارة الرئيس الجمهوري الأميركي دونالد ترامب للجانب الإسرائيلي، ولا يظهر أنها باتت «ملكية أكثر من الملك» فيما يخص إسرائيل وحسب، ولكنه يظهر مستوى السخف الذي هي عليه هذه الإدارة التي أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها لا تظهر كدولة عظمى مسؤولة عن النظام العالمي، ولا حتى كدولة متزنة، وإنما كما لو كانت محكومة من «عصابة» أو من مجموعة هواة في العمل السياسي.
فأميركا تتقدم بمشروع القرار لتمنحه قوة دفع ما كان بمقدوره أن يحوز عليها، لو أن إسرائيل هي التي تقدمت به، كذلك ان تتقدم به واشنطن للجمعية العامة وليس لمجلس الأمن يعني أشياء كثيرة منها، أن مشروع القرار حتى لو حاز على الأغلبية الكاسحة، فإنه ليس ملزما، بما يعني بأن الهدف الرئيسي منه، أنما هو الدعاية والإعلان، ومحاولة ترويج «ثقافة» سياسية جديدة فيما يخص الملف الفلسطيني، الذي يحظى بتعاطف المجتمع الدولي ممثلا بالجمعية العامة، على عكس ما يحدث في مجلس الأمن.

تحاول واشنطن التي دائما ما تجد نفسها معزولة في زاوية نائية بالجمعية العامة مع إسرائيل وعدة دولة صغيرة ونائية ولا تعتبر أكثر من «محميات بشرية» دولية لواشنطن، أن تجد لها مكانا في الجمعية العامة، عبر بوابة «حماس»، وهي وبالنيابة عن إسرائيل تريد اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد.

هي أولا تريد أن تجبر المجتمع الدولي على إدانة «المقاومة» بشكل عام، بما في ذلك بالطبع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأرض وللشعب الفلسطيني، وذلك عكس القانون الدولي المجاز في الأمم المتحدة والذي يشرع مقاومة الاحتلال بكل الأشكال والوسائل والأدوات الممكنة بما في ذلك الكفاح المسلح، وتمرير ذلك لا يكون بشكل صريح، وإنما عبر المواربة كما ينص مشروع القرار الأميركي.

وثانيا، هي تريد أن تفصل بين السلطة الفلسطينية و»م ت ف» وبين «حماس»، فهذه أول مرة يحدث فيها أن يتم تقديم مشروع قرار ضد حركة أو حزب أو تنظيم سياسي، حتى يكون ذلك ترسيخا للانقسام في الذهن العالمي، وكذلك مقدمة للمساس بحالة التضامن الدولي مع فلسطين وشعبها من خلال زرع فاصل أو حاجز بين جزء من الشعب الفلسطيني وبين كل فلسطين.

وثالثا، تريد أن تمنح غطاء عاما ودائما لأي عدوان إسرائيلي محتمل في المستقبل ضد غزة، بل وحتى ضد أي مكان توجد فيه مقاومة، وتحاول أن توسع إطار اتهام «حماس» بالإرهاب ومنحه الصفة الدولية، فحتى لو نجحت «حماس» لاحقا في كسر الحصار عن غزة، ستظل مشلولة اليد وستبقى تحت سيف تل أبيب وواشنطن الترهيبي.

المفارقة تكمن بالطبع ـــ كما هو معتاد من المنطق الأميركي/ الإسرائيلي ــــ في التمييز بين السلوك الذي يقوم به طرف عن السلوك المماثل أو المشابه الذي يقوم به الطرف الآخر، حيث يتضمن نص مشروع القرار الأميركي إدانة لـ»حماس» بسبب إطلاق الصواريخ والتحريض على العنف، ما يعرض المدنيين للخطر!

كيف يستوي منطق التعاطف مع مدنيين إسرائيليين قد يتعرضون للخطر، مقابل عدم الاهتمام بمقتل المدنيين الفلسطينيين حقا وفعلا على يد القوات الإسرائيلية، وكيف يمكن لدولة عظمى يفترض ان تتحلى بالاتزان والنضج السياسي ألا تشير في مشروع قرارها للاحتلال ولما يقوم به فعلا من مجازر يومية بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا إذا كان صاحب مشروع القرار مسكونا بالعقلية العنصرية التي تميز بين بشر وبشر، بين إنسان وآخر وبين مدنيين هنا ومدنيين هناك.

أي لو أن مشروع القرار الأميركي تحلى بقدر من التوازن ونص على إدانة عامة لتعريض حياة المدنيين على الجانبين للخطر، ولو أنه طالب بقوات فصل دولية بين الجانبين أو بقوات حماية دولية للمدنيين، لكان منطق واشنطن أكثر مصداقية.
أما لماذا تتوغل بهذا الشكل إدارة ترامب في الظهور بمظهر الملكية أكثر من الملك، فربما لأنها تحاول أن تظهر كما لو أنها تحقق إنجازات سياسية على الصعيد الدولي على عكس ما هو حاصل في الواقع، أي أنها تدخل من البوابة الفلسطينية لتخفف عن نفسها وطأة الإخفاقات في السياسة الدولية الخارجية وهزائمها المتعددة في كل مكان.

كذلك تبدو المفارقة بالغة حين تتقدم واشنطن بورقة مشروع القرار ضد «حماس»، فيما إسرائيل نفسها تصمت، بل تدير من تحت الطاولة تفاهمات وحوارات على أكثر من صعيد مع الحركة السياسية الفلسطينية التي تسيطر بتشجيع من إسرائيل نفسها على قطاع غزة وخارج إطار الشرعية الفلسطينية منذ أكثر من أحد عشر عاما.

وحتى أن الضغط على بعض الدول العربية من أجل تأييد مشروع القرار يقوم به غيسون غرينبلات المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وليس أي شخصية إسرائيلية، لكن الحكومة الإسرائيلية التي تجد من ينوب عنها في الساحة الدولية، تتفرغ هي بدورها لمواجهة التحديات على الأرض، ولربما كانت واشنطن بما تظهره هكذا من اهتمام مبالغ فيه بالدولة العبرية، تشعر بأن إسرائيل تكاد «تطير» من بين يديها، إن كان بسبب أنها قد بلغت سن الرشد العسكري والاقتصادي، أو بسبب ظهور منافسين أقوى من واشنطن على الساحة الدولية وخاصة في ملعب الشرق الأوسط، بما قد يعني بأن إسرائيل قد تذهب إلى اختيار تعدد العلاقات مع القوى العظمى على الصعيد الكوني، وعدم الاستمرار بالظهور كدولة تابعة أو كدولة حليفة فقط للولايات المتحدة!

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» في الأمم المتحدة «حماس» في الأمم المتحدة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday