ترامب يعيد العالم إلى الحرب الباردة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

ترامب يعيد العالم إلى الحرب الباردة

 فلسطين اليوم -

ترامب يعيد العالم إلى الحرب الباردة

بقلم- رجب أبو سرية

تبدو أركان السياسة الأميركية في عهد رئيسها الخامس والأربعين الجمهوري اليميني والمحافظ المتشدد دونالد ترامب، متكاملة الأركان، إن كان على صعيد السياسة الداخلية المتزمتة خاصة تجاه المهاجرين من العرقيات الشرقية، أو السياسة الخارجية تجاه الجيران والشركاء، والتي تصل إلى حدود إثارة أجواء العداء والكراهية تجاه الخصوم الدوليين.
وإدارة ترامب لا تتبع سياسة معادية تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحسب، والتي تجلت خلال أول عامين مضيا من حكم هذا الرجل، الذي أطاح خلالهما بكل من وزير دفاعه ووزير خارجيته، وعدد من موظفي البيت الأبيض نفسه، ليستبد بالحكم وفق منطقه المتشدد، من خلال خروجه عن شريعة الأمم المتحدة وقراراتها باعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وتدخل إدارته في أدق تفاصيل الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي بشكل منحاز كما لو كانت شريكا في ائتلاف الحكومة اليمينية الإسرائيلية الحالية، بل إنها باتت تتدخل في شؤون العديد من الدول، إن كان من زاوية الانحياز لإسرائيل، كما هو حال سياستها تجاه إيران المنشقة والمتراجعة عن الموقف الذي جمعها مع الأوروبيين، أو تجاه كوريا، أو من خلال التدخل الصريح والفج في الشؤون الداخلية للدول المستقلة التي "ترفع رأسها" وترفض بيت الطاعة الأميركية كما هو حال فنزويلا .
كل مشكلة فنزويلا مع الولايات المتحدة، هي أنها أخلصت لإرث التحرر العالمي في عهد رئيسها الراحل هوغو سانشيز الذي ناصر قضايا التحرر العالمي ومنها القضية الفلسطينية، وحين رحل، احتضن الشعب الفنزويلي العظيم إرثه وسار على نهجه حين اختار وريثه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، حيث لم تتوقف واشنطن لحظة عن التحريض ضد الحكم الشرعي لفنزويلا .
وحيث إن فنزويلا بلد أميركي لاتيني تعتبر الديمقراطية فيه وليدة العهد، فانه بنتيجة الانتخابات البرلمانية فازت المعارضة بالأغلبية، وهكذا باتت البلاد محكومة بما يمكن وصفه بنظام الرأسين، وهي حالة تشبه إلى حد ما، ما حدث في فلسطين منذ العام 2006، الأمر الذي سمح للأصابع الأميركية بمحاولة العبث بالداخل الفنزويلي، حيث تعتبر فنزويلا إضافة إلى إرادتها التحررية واحدة من أغنى دول أميركا اللاتينية باحتوائها آبار النفط، التي تغري واشنطن إلى البحث عن سبل السيطرة على ثروتها الوطنية.
بعد محاولة انقلاب عسكري فاشلة يبدو أنه تم ترتيبها مع المخابرات المركزية الأميركية، سعت بعض القطاعات العسكرية للعبث بالعاصمة كاراكاس وضواحيها، لكن المحاولة فشلت حيث تدخل الجيش لاحتوائها، لذا سارع البرلمان الفنزويلي إلى إعلان رئيسه لنفسه رئيسا للبلاد !
ما أن أعلن خوان غواديو نفسه رئيسا بالوكالة حتى سارع ترامب شخصيا إلى الاعتراف به، وتهديد الرئيس الشرعي مادورو فيما طالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الرئيس مادورو بالتنحي.
فنزويلا ردت على التدخل الأميركي الفج في شؤونها الداخلية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة الامبريالية، وهكذا فإن حالة من التوتر بدأت بين الدولتين، ولا أحد يعرف إلى ما ستؤول إليه، وهل ستبقى حدود النار محصورة هناك في النطاق الإقليمي، حيث إن حلفاء واشنطن الجدد من أمثال رئيس البرازيل الجديد الذي سار على هدي واشنطن باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، أطلقوا أبواقهم معترفين بعنوان الانقلاب الفنزويلي، أم أنها ستعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة التي بلغت ذروتها في ستينيات القرن الماضي، حين سارعت واشنطن إلى إعلان الحرب على ثورة فيديل كاسترو التي كانت أطاحت العام 1958 بنظام حكم فولغنسيو باتيستا العميل الكوبي لواشنطن الذي كان جعل من كوبا ماخورا لقوات المارينز الأميركية والبلاد قاعدة عسكرية للولايات المتحدة.
فقد جاء أول رد فعل من موسكو على لسان رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف، الذي اعتبر كل السياسات الأميركية بما في ذلك، تصريحات ترامب الأخيرة، التي اعترف فيها بإعلان رئيس البرلمان رئيسا بالوكالة، تدخلا سافرا وفظا في شؤون فنزويلا الداخلية.
في حقيقة الأمر، أن وجود الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي كان يمثل رادعا للتغول الامبريالي الأميركي وسطوها على العالم الثالث تحديدا، فيما انهيار ذلك المعسكر أطلق يدها مجددا، وبعد عقود من محاولة السيطرة على العالم بهدوء، ضاق أخيرا "الصبر الأميركي" بحيث أن ترامب يسعى للسطو على كل ثورات الكون بسرعة، وما ظهور المليارديرات واتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء، بل تكدس الثروة في العالم بيد أفراد وعدد قليل من الدول إلا نتيجة لتفرد واشنطن بقيادة العالم.
لذا فإن نجاح واشنطن في تكرار ما سبق لها وفعلته خلال عقود مضت، حين دعمت الانقلاب العسكري ضد رئيس تشيلي التحرري سلفادور أليندي، في نجاح الانقلاب العسكري/المدني في فنزويلا يعتمد أولا على صمود الشعب الفنزويلي وشجاعة قيادته التحررية من جهة، وعلى وقوف العالم الحر إلى جانبه، كذلك على الموقف الروسي والصيني وحتى الأوروبي.
المسؤول الروسي كوساتشوف أشار لنتائج التدخل الأميركي في ليبيا والعراق الكارثي، مشيرا إلى أن النتيجة ذاتها كانت تنتظر أن تصل إليها سورية، بالطبع لولا التدخل الروسي، وحيث إنه قال إن فنزويلا في صف واحد معها، فقد تكون تلك إشارة إلى أن بلاده تفكر في اتخاذ موقف مشابه لما فعلته في سورية. لكن بالطبع الأمر ليس بهذه السهولة، ففنزويلا دولة لاتينية، أي على مقربة من الولايات المتحدة، فيما روسيا تقطن هنا بالشرق، لكن يمكن طرح الملف كله على الأمم المتحدة مثلا، فلجم واشنطن عن التدخل في شؤون دولة عضو في الأمم المتحدة كفيل بأن يترك الشأن الداخلي الفنزويلي لشعب فنزويلا، وأيا كان قراره فإن شعبا يتمتع بالحرية الداخلية، لا يمكنه أن يخضع لإرادة المستعمر الامبريالي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يعيد العالم إلى الحرب الباردة ترامب يعيد العالم إلى الحرب الباردة



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday