أميركا تنسحب لصالح الشرق
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

أميركا تنسحب لصالح الشرق

 فلسطين اليوم -

أميركا تنسحب لصالح الشرق

بقلم : رجب أبو سرية

حسب القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، فإن ملامح ما يسمى صفقة العصر، بدأت تتحدد، وهي تبدو أولا على شكل خطة حل إقليمي، تستهدف تطبيع العلاقات بين كل الدول العربية وإسرائيل، ثم ثانيا، إن الحل الإقليمي الذي تسعى لتحقيقه مختلف تماما عن كل الخطط التي طرحت سابقا، أي أن الإطار العام للصفقة متحرر من كل محاولات الحل السابقة أو من إرث التفاوض، وحتى من الاتفاقيات التي عقدت ـــ أوسلو وربما وادي عربة وكامب ديفيد ـــ ثم إن اقتراح الحل ليس نهائيا، بل قابلا للتفاوض، أي أن الأمر ليس مضمونا معه التوصل لاتفاق سلام شامل، بل إنه يمكن القول، إن الرئيس الأميركي الخامس والأربعين، رغم حماسه للحل، إلا أنه لم يتقدم به قيد أنملة، خلال عامه الأول في البيت الأبيض.

وللتدليل على ذلك، نقول إن طرح الإطار العام للحل، أو للرؤية الأميركية حول الحل، كان مقدرا له أن يتم مطلع آب الماضي، وها نحن بعد نحو ثلاثة أشهر، ليس هناك سوى "التسريبات" الإعلامية، الإسرائيلية خاصة، والتي يبدو أن الهدف منها، هو الضغط على حلفاء بنيامين نتنياهو في الحكومة، حتى يكون بمقدوره "مسايرة" الرئيس الأميركي، وحتى لا يبدو بشكل صريح وفاضح، بأنه هو المعطل للتفاوض، وهو الذي يقف في طريق واشنطن، لإحكام السيطرة على الشرق الأوسط، بإعادة ترتيبه وفق ما تراه مناسبا لها ولمصالحها.

وبالنظر إلى أن ترامب قد ظهر في سباق انتخابات الرئاسة الأميركية، صقري الوجهة السياسية، وكما لو كان سيعيد هيبة أميركية، رفعه شعر "أميركا أولا"، التي من الواضح أنها تتلاشى بالتدريج، منذ أكثر من عقد ونصف العقد، أي منذ بدأت تواجه القاعدة، وبعد أن احتلت العراق، حيث بدت كما لو كانت فيلا يلاحق ذبابة، "بقلة عقل" وقلة صبر، وحين لا يحقق المراد بالسرعة اللازمة، تقل هيبته، فيبدو فيلا من قطن، فان ترامب يبدو الآن، بعد مضي نحو عام على دخوله البيت الأبيض، مرتبكا، لا يعرف ماذا يفعل، ولا من يواجه، بل وحتى أنه يبدو فاقد البوصلة، أو لا يعرف ما هي أولوياته.

على الصعيد الداخلي، ما زال يتخذ القرارات ضد الهجرة، فيواجه تحدي القضاة، كذلك فإن الإعلام ما زال يلاحقه، في قصة الدعم الروسي له في الانتخابات، والأهم هو انه لا يعرف أين يركز في سياسته الخارجية، على كوريا، أم إيران، أم العراق وسورية,، أم ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ولعل هذا الارتباك، الذي احدث فراغا سياسيا، خاصة في الشرق الأوسط، بعد أن بدت واشنطن ليست هي صاحبة اليد العليا، هو ما يفسر اندفاع أكثر من طرف إقليمي للبحث عن مصالحه خارج العباءة الأميركية، فبعد قمم الرياض، وجدت السعودية انه لا مناص لها من الذهاب لموسكو، فذهب الملك سلمان شخصيا، بعد جولته الآسيوية لموسكو ليعقد صفقة ـــ سورية مقابل اليمن ـــ. والعراق الذي يعتبر منذ العام 2003 بمثابة قاعدة أميركا السياسية في المنطقة، يبحث في الرياض عمن يعيد إعماره ووحدته، وحتى يوازن العلاقة مع إيران، وحتى لا يخرج من الإطار العربي، بعد أن اتضح أن واشنطن تحتضن الأكراد، وتأخذ بيدهم إلى أبعد مما يمكن لبغداد احتماله، والأهم انه اتضح أن واشنطن بدت لاعبا مهزوما أو خاسرا في سورية، وبالكاد "لحقت حالها" في معركة الرقة معتمدة على أكراد سورية، فيما يوصف بأنه قوات سورية الديمقراطية، مقابل ما حققته روسيا من مكاسب إستراتيجية، ستظهر في قادم الأيام، بأن موسكو صارت أكثر نفوذا في الشرق الأوسط من واشنطن.

حتى إسرائيل حين تريد أن تخرج من مولد سورية بحمص الجنوب ــــ محيط درعا، فإنها تضطر إلى أن تذهب لموسكو لتنسيق الأمر، كما سبق وفعلت تركيا، التي وصلت قواتها إلى إدلب لتؤمن مصالحها في شمال غربي سورية، خاصة فيما يخص درء حزب العمال الكردستاني ولعل تصريح ترامب نفسه قبل أيام قليلة من انه يجد في الرئيس الصيني رجلا طيبا، ومن أن الصين تواجه التحدي النووي الكوري بكثير من الإيجابية، بل وصل به الأمر إلى الإعلان عن إن أميركا تعتمد على الصين في حل المسألة الكورية، خاصة وأن كوريا الشمالية تستورد 93% من احتياجاتها من الصين.

إذا كانت واشنطن تعتمد على الصين في معالجة مشاكلها مع الشرق الأقصى، وإذا كانت تواجه تنافسا جديا من قبل روسيا في الشرق الأوسط، بما في ذلك الملف الإيراني الذي يقوم ترامب بإعادة فتحه مجددا، ليظهر أن واشنطن قد "هزمت" في مواجهة هذا الملف سابقا، أي في عهد باراك اوباما، ولم يبق سوى أن تسلم واشنطن ملف الصراع الفلسطينيـ ــــ الإسرائيلي إلى مصر أو إلى أطراف أخرى، لتبدو كما كان حال بريطانيا العظمى، بعد الحرب العالمية الثانية!

يبدو جليا وبشكل واضح بأن لحظة ما بعد انتهاء الحرب الباردة قد مضى عليها أكثر من عقد ونصف العقد، تغيرت فيها الحياة السياسية الدولية، وسارت مياه كثيرة في نهر السياسة العالمية، وما هي إلا سنوات قليلة، قد لا تتعدى ولاية ثانية لدونالد ترامب، حتى تصبح الولايات المتحدة الأميركية التي تدير العالم بكثير من أساليب وأدوات العصور الماضية، وتتورط في الوقوف في وجه مسار التاريخ، حتى تصبح دولة من الدرجة الثانية، أو على الأقل ليست هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم، بل إن العالم نفسه، لن يكون بحاجة إلى دول عظمى، ولا إلى القنابل النووية أو الأسلحة الفتاكة لتحقيق السيطرة، بل إن كل ما تحقق من "تغوّل" رأسمالي خلال عقد ونصف عقد مضت، قد جعلت من العالم بأسره على حافة الانفجار، حيث صار برميل بارود، أو قنبلة موقوتة، بسبب الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء، وكل ما تحقق من بلاء يعم مليارات البشر، بسبب سيطرة واشنطن على العالم، لابد أن يجد من يقف في وجهه، بل ومن يضع له حدا، قبل أن تجيء لحظة فناء البشرية، بسبب هذا الجنون الأميركي الذي وصل ذروته برئيس أميركي لا يعدو كونه مصارع ثيران، غير متزن، ولا يصلح لرئاسة فريق كرة قدم من الدرجة العاشرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تنسحب لصالح الشرق أميركا تنسحب لصالح الشرق



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday