بقلم : أسامة الرنتيسي
في القرى الأردنية التي يعيش فيها المسخمون الذين أنت لا تعرفهم يا دولة الرئيس، تبيع مخابز ماحص وعنجرة ومخيم إربد وبصيرا ودبة الكرم وأم نعام الشرقية ووادي الحدادة وماعين وذيبان الخبز بالدين لآخر الشهر، موعد استلام الرواتب التي لم يطرأ عليها أية زيادة منذ سنوات.
في قرى المسخمين يا دولة الرئيس وفي المدن الكبيرة، وحسب ما رواه لي شخصيا أصحاب مخابز، عالج الأردنيون مضاعفة أسعار الخبز على حساب بطونهم ومعد أولادهم، فالذي كان يشتري خبزا بنصف دينار، لا يزال يشتري بالنصف دينار، الذي تغير كمية الخبز، ليس قناعة بوقف الهدر كما تزعم الحكومة، ولكن لضغط الحاجة وتوفر السيولة.
في مخابز عمان الكبرى يا دولة الملقي، وضعت أرفف قبل زيادة أسعار الخبز، يحصل من خلالها الفقراء على الخبز بالمجان.
الارتياح الزائد عن اللزوم الذي تظهره الحكومة ورجالاتها في تقويمهم للحراك الشعبي غير مطمئن، ويشي بعقلية غير مرنة واهمة مثلما كان غيرها واهما بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندهم.
لا يجوز اختلاف تقويم حجم وقوة الحراك الشعبي ومن يقف وراءه بحيث ينعكس ذلك كردة فعل باردة متجاوزة درجات الاطمئنان التي ترى أن الحراك الشعبي دائما تحت السيطرة، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو تجمع أو مسيرة.
حجم الضغط والتململ في صدور الأردنيين كبير وكبير جدا، وهو أخطر بكثير من التجمهر في الشارع، والشعور بأن الغد صعب وبائس يدفع كثيرين الى الفرح بالسطو على البنوك نكاية في القرارات الحكومية.
الجمعة الماضي وقف أهالي ونشطاء ذيبان لحظة لإحياء حراك ذيبان وتحدث خطباء بوجع وغضب وألم وشعور بخطورة الأوضاع، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات كثيرة بعضها بسقف عال ورسائل الى صناع القرار، بأن الأوضاع لا يمكن ان تستقيم بهذا الشكل البشع والهجوم غير المبرر على لقمة عيش الأردنيين.
في الأيام المقبلة دعوات كثيرة لبدء حراك في البلاد، ومسميات جديدة لأحرار المدن الأردنية ومحافظاتها، وهناك دعوات من أحزاب وتيارات لمسيرات وسط العاصمة الجمعة، وهناك فيديوهات لمتقاعدين سيطرت على السوشيال ميديا يتحدثون بوجع شديد عن الأحوال التي يمرون بها، ويحذرون من الأيام المقبلة، ورفعوا شعارات واضحة بأننا لا نريد أن نشتبك ونتواجه مع إخوتنا وأبنائنا في الدرك.
خطاب عاقل جدا في الشارع، لا يوازيه خطاب هادئ من الحكومة، واللجوء الى الحلول الأمنية كهدم خيمة اعتصام المزارعين أمام مجلس النواب والاعتداء على المعتصمين، او اعتبار الاعتصام على الدوار الرابع خطا أحمر، إجراءات تستفز المواطنين ولا ترهبهم.
الدايم الله….
نقلًا عن جريدة الأول