بقلم : أسامة الرنتيسي
اضطر قبل يومين النائب محمود النعيمات أن يرفع صوته في وجه وزير المالية عمر ملحس طالبا منه ضرورة “احترام مجلس النواب”.
النعيمات انتقد أسلوب الوزير ملحس قائلا: (انت تقصد الاساءة لمجلس النواب ولا يجوز لك إجابة النواب “بهذا الجواب اللي عندي”)، وختم حديثه “يستر على الحكومة اللي عملت لبعض الناس قيمة وجعلتهم يتكبرون”.
هجوم النعيمات على الوزير ملحس جاء بعد أن طفح الكيل من تكرار حديث ملحس في أكثر من مناسبة أنه خسر كثيرا من المال عندما وافق أن يأتي وزيرا للمالية، حتى أنه غضب كثيرا عندما نشرت مواقع إلكترونية تهربه من دفع ضريبة على مكافأة نهاية الخدمة من بنك الإسكان التي تجاوزت المليون دينار.
غضب ملحس لا مبرر له، وتسببه بحبس الزميلين عمر محارمة وشادي الزيناتي ليلتين في الجويدة يسجل عليه وعلى الحكومة التي تقبل بحبس الصحافيين، مع أن حديث جلالة الملك “انتهى عهد حبس الصحافيين” يسانده قانون المطبوعات الذي لا يسمح بحبس الصحافيين.
كان بإمكان ملحس بكل بساطة أن يظهر كشفا بالضريبة التي دفعها، ويضع المواقع التي نشرت الخبر في خانة عدم المصداقية.
أما قصة الخسارة المالية من قبوله العمل الوزاري، فهي تفتح الذاكرة والحكايات على زمن الوزراء الكبار، وتحديدا وزير المالية الأسبق المرحوم فريد السعد (أبو شركات الدخان في الأردن وفلسطين) الذي عمل وزيرا مشترطا التبرع بجميع رواتبه للطلبة المحتاجين في الجامعة الأردنية، وأسس (هبة فريد السعد للعلوم التطبيقية ) في الأردن عام 1962 لمساعدة الطلاب المتفوقين في العلوم والهندسة لإكمال دراستهم الجامعية .
في ذاكرة الأردنيين الكثير من الحكايات والروايات عن رجالات الدولة الذين كانوا يترفعون عن التكسب المالي من الدولة، ويقبلون الوظيفة العامة لدوافع وطنية بعيدا عن أية عملية ربح وخسارة.
طبعا؛ الخسارة المالية التي تلقاها ملحس من قبوله العمل الوزاري وخسارته لوظيفته في البنك، لا تعادل بالحساب المالي قبول شخص من وزن رجل الأعمال الكبير سعيد دروزة (أبو الدواء في الأردن والعالم العربي)، ليكون وزيرا للصحة، ولم ينقل عنه يوما أنه حمّل البلاد والعباد “جميلة” أنه ترك شركاته وملايينه ليكون في خدمة الوطن.
بالمناسبة؛ لم يبدع كثيرا الوزير ملحس في عمله وزيرا للمالية، وهو لا يتعدى مختصا ماليا يحمل كلكليتر (آلة حاسبة) يجمع ويطرح، ولا يقدم سياسات مالية تحمي المالية العامة للدولة، ويمارس سياسة الجباية وتقديم التوصيات للحكومة بزيادة الضرائب على السلع التي يستفيد منها كثيرا.
الفوضى الواقعة في الأسواق من جراء قرارات رفع الأسعار ونسب الضريبة يتحمل الوزير ملحس مسؤوليتها بشكل مباشر، والتبرير الساذج قبل يومين أن الحكومة لم تفرض ضريبة عامة بنسبة 16% على مركبات الهايبرد وأن ما ورد في الكشوف كان خطأ مطبعيا من قبل مدخل البيانات على الكشوف يكشف عن مدى العبقرية التي يتمتع بها الوزير وفريقه.
الدايم الله……
نقلًا عن جريد الأول