بقلم : أسامة الرنتيسي
لا يمكن لأحد أن يفسر الهجوم الحكومي الشرس على لقمة عيش المواطن، وقرارات يوم الاثنين الأسود، إلا أن الحكومة تعرف جيدا أنها على وشك الإقالة، بمعنى الانتحار السياسي، فأقدمت على سلسلة من رفع الأسعار والضرائب، لا يمكن أن تقدم عليها حكومة عاقلة.
قرارات الحكومة وما سمته البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي لعام 2018، وأشكال الجداول التي نشرتها مع القرارات، والنصيحة من عبقري السوشيال ميديا للحكومة بوضع هاشتاج #الاردن_يتقدم، يكشف عن حجم الخواء في بطن الحكومة التي لم تجد واحدا يدافع عن قراراتها، ويظهر أنه هاضم القرارات جيدا، بل حزنت جدا على حال مدير الضريبة عندما استضافته قناة رؤيا في نبض البلد، حيث ظهر كأنه غائب طوشة.
القرارات لا يمكن أن تمر هكذا، وسيكون لها تداعيات في الأقل نفسانية في حالة الاطمئنان التي يعيشها الأردنيون، ومنذ لحظة إصدارها لم يتجرأ مسؤول الخروج الى الإعلام وتوضيح القرار، ولا حتى إعلان قائمة السلع المشمولة بالضرائب الجديدة، حتى أن معظم المسؤولين أغلقوا هواتفهم، ورفضوا الإجابة عن اتصالات الصحافيين.
نعرف أن الجانب الاقتصادي، عقدة المنشار الرئيسية في البلاد، ونصطدم يوميا بأخبار الحالة المالية للموازنة، وبإشاعات صعوبة تأمين الرواتب، ودعم المواد الأساسية، وزيادة المديونية، لكن ما يصدمنا اكثر أن يدفع المواطن الغلبان فاتورة المالية العامة، والسادة الوزراء لا يزالون في حالة البذخ التي يعيشونها.
النائب المحامي صالح العرموطي ليس مراهقا ولا متبليا، فقد وجه اسئلة مباشرة للحكومة:
هل صحيح أن مبلغا كبيرا من المال يودع تحت تصرف رؤساء الحكومات عند استلامهم منصب الرئاسة. فما مقدار هذا المبلغ إن وجد وكيف يتم صرفه؟ .
هل صحيح أن كل وزير يتقاضى خمسة آلاف دينار زيادة على راتبه، كل شهر او ثلاثة أشهر او أقل او أكثر ؟.
طبعا؛ وللتذكير، فإن سؤال ومعلومة الـ 5 آلاف دينار لكل وزير شهريا غير راتبه ليست جديدة، فقد كشف عنها النائب السابق محمود الخرابشة خلال سبتمر 2014 ولم يتم الرد عليه.
لتكف الحكومة عن خطاب “توصيل الدعم لمستحقيه”، وأن 90 % من الأردنيين سيصلهم الدعم فيه من السذاجة السياسية التي لا يمكن أن تنطلي على أحد في فترات الارتياح الشعبي، فكيف الحال في ظل اليقظة الشعبية لكل شيء، وكيف إذا كان في أهم المتطلبات المعيشية، وفي ظل الأوضاع الضنك التي يعيشها المواطنون، ولا تخفى ملامحها على أحد.
الآن رحيل الحكومة بعد قرار رفع الأسعار والضرائب لن يكون مفرحا للمواطن الذي أكل “خازوق.. رفع الأسعار والضرائب”. المطلوب العودة عن القرارات، والبحث عن وسائل أخرى لدعم الخزينة، ليس من بينها جيب المواطن وقوت عياله.
خوفي؛ أن تستعين الحكومة بعبقري اللجنة المالية أحمد الصفدي لكي يخرجها من الأجواء المشحونة بعدما أخرجها من أزمة الموازنة، والخوف الأكبر أن يتذاكى الصفدي ويتبرأ من فعلته ويبدأ دفاعه عن لقمة عيش المواطن، وأنه لم يتفق على مصائب بهذا الحجم مع الحكومة.
الدايم الله…
نقلًا عن جريدة الأول