بقلم - أسامة الرنتيسي
يوم اردني مُشبع بالفوضى والفاجعة، لا يتخيل عقل ان تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، نتمنى ألّا تنتهي تداعياته بلجان تحقيق وتقارير توضع على الرف، لأن بداية الفوضى والخراب تبدأ بممارسة الطبطبة على كل شيء، والمراهنة على أن أكبر قصة في الأردن تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي على مدى يومين وتنتهي.
تخريب مدرسة الفيصلية في مادبا، لم يأت وليد اللحظة، بل تم بتحريض ما من أشخاص لهم مصالح في انهيار سمعة المدارس والتربية والتعليم في بلادنا، من أجل مصالح شخصية، ففي أي فيلم رعب يتتلمذ الطلاب على تكسير محتويات مدرستهم احتجاجًا على نقل مدير مدرستهم.
مديرة ومعلمات مدرسة تابعة لمديرية تربية الزرقاء يتعرضن لاعتداء من قبل أولياء أمور الطالبات بألفاظ بذيئة على مديرة وتكسير وتخريب في المدرسة وتحطيم محتويات الإدارة وإخراج الطالبات من الصفوف ورمي المقاعد الدراسية بسبب امتحان الاكمال.
في جامعة آل البيت، وقعت الكارثة الكبرى عندما قام موظفون بالتهجم على رئيس الجامعة وطرده من مكتبه بطريقة استفزت مشاعر كل من شاهد الفيديو، مهما كانت الأسباب.
هناك طرق كثيرة للاحتجاج، من المفترض ان يتعلم المجتمع من قبل مؤسسات التعليم العالي أسس الاحتجاج والحوار، لا أن يتعلم كيفية اخذ القانون باليد والبلطجة.
رئيس الجامعة شارك في الكارثة، إذ خضع للضغوطات ويرفض تقديم شكوى إلى الجهات الأمنية، واكتفى بلجنة تحقيق داخلية، معروف من الآن نتائج تقريرها ونهاية القصة، فنجان قهوة ومصالحة.
في إربد، فضيحة من نوع مختلف — لا والله مش مختلف في منها كثير — رئيس بلدية يقيم “اليوم الثلاثاء” حفلة بمناسبة تخرّج ابنه في الجامعة لتتسرب من البلدية صورة عن كتاب تعيينه في ملاك البلدية بوظيفة خازن من شهر شباط (فبراير) الماضي.
هناك حالة من خراب الأنفس في البلاد، تدفع إلى اليأس والإحباط والشعور بعدم جدوى كل شيء، فلا أمل في الاصلاح، ولا أمل في تحسين الواقع الذي يسير من سيّئ إلى أسوأ.
خراب في منظومة الأخلاق العامة، فلا تربية ولا تعليم، ولا سلوكًا قويمًا في الشارع، حتى مع الذات.
قضايا ليست شبهات، بل هي الفساد بعينه، تتدحرج منذ أسابيع في يوميات الأردنيين المضغوطة أصلا ولا حس ولا خبر من حكومة الشفافية بل بموافقتها وتوقيع رئيسها، بدءا من زيادة راتب مستشارة في أمانة عمان 1000 دينار، إلى تعيين نائب سابق مستشارا زراعيا لوزير العمل براتب 2500 دينار، إلى تعيين شقيق نائب مستشارا في وزارة الاتصالات، إلى تعيين مستشار جديد في وزارة العمل، إلى قضية طبلت ومئات الألوف من الدنانير في الديوان، يضاف إلى الوجع الأردني هذا كله قضية دخان مطيع الذي ينفث سمّه في عروقنا منذ سنوات وكأنه يلبس طاقية الإخفاء.