بقلم-سليمان جودة
الزيارة التى أنهاها وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو إلى المنطقة قبل أسبوع تبدو غريبة على كل مستوى، سواء مستوى ما قيل على لسانه فيها، أو مستوى ما قيل على لسان المتحدثة باسم وزارته، أو مستوى إنهاء زيارته فجأة بمبرر لا ينطلى على أى عقل سليم!.
ففى البداية قيل إن الزيارة ستشمل ثمانى دول: مصر، العراق، الأردن، السعودية، البحرين، الإمارات، قطر، الكويت!.. ولكن.. ما كاد الوزير مايك يصل إلى محطته قبل الأخيرة فى الرياض، حتى انتقل منها إلى سلطنة عُمان، رغم الإعلان مسبقاً عن أنها ليست على جدول الزيارة، ثم لم ينتقل إلى الكويت رغم الإعلان مسبقاً عن أنها المحطة الأخيرة فى الدول الثمانى!.
ولم يذكر الوزير شيئاً عن سبب زيارته المفاجئة إلى السلطنة، ولا قال شيئاً عن سبب عدم زيارة الكويت.. وفى الحقيقة قيل إن السبب وراء عدم زيارة الكويت هو رغبة بومبيو فى العودة سريعاً إلى بلاده من أجل اللحاق بجنازة عائلية!.. وهو سبب كما ترى ليس مقنعاً فى مثل هذا السياق!.
وما كاد هو يعود إلى بلاده حتى كانت إريكا تشوسانو، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تقول فى تصريح نقلته عنها بوابة جريدة الأخبار، إن بلادها تتطلع إلى انضمام مصر عضواً فى مجلس التعاون الخليجى، ومعها الأردن، وأن ذلك سوف يجعل المجلس أكثر قوة!.
ولابد أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ليست معنية بقوة مجلس التعاون الخليجى إلى هذا الحد، ولكنها معنية بالتأكيد بما جاء مايك من أجل الترويج له بين عواصم الزيارة، خصوصاً رغبة بلاده فى مواجهة نفوذ إيران فى المنطقة!.
والكلام عن رغبة أمريكية فى انضمام القاهرة وعمّان، ليس سببه أن يكون المجلس فى حد ذاته أقوى، ولكن سببه أن الأمريكيين يريدون تحالفاً من مصر والأردن ومعهما دول المجلس الست، فى مواجهة السياسة الإيرانية المُخربة فى منطقتنا.. فكأن واشنطن ترغب مرة فى هزيمة تنظيم داعش الإرهابى، دون أن تتكلف أى شىء فى مواجهته، وكأنها ترغب مرةً ثانية فى مواجهة مع حكومة الملالى فى طهران، دون أن تكلفها مواجهة كهذه أى شىء من جيبها أيضاً!.
ولابد أن الحديث عن انضمامنا إلى مجلس التعاون الخليجى أمر يعيد تذكيرنا بمجلس التعاون العربى الذى قام بيننا أيام مبارك، وبين العراق واليمن والأردن،، ثم انتهى ولم يصمد أمام شىء، لأنه قام على غير أساس.. وكذلك بالضبط الحديث عن وجودنا عضواً فى التعاون الخليجى!.
دول المنطقة قادرة وحدها على التعامل مع الملف الإيرانى، إذا توافرت لها الرؤية ومعها الإرادة، وليست فى حاجة إلى مايسترو أمريكى يرغب فى عزف لحن، ولا يريد دفع شىء فى ثمنه.. أى شىء!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع