بقلم - سليمان جودة
رغم أنى ألححت، طويلاً، على أهمية أن يكون قانون الاستثمار الجديد فى أيدينا أولاً، وأن تكون الدعوة منا لأى مستثمر بالمجىء، خطوة لاحقة لصدوره، لا سابقة عليه، فإنى أعود لأعترف بأن القانون المرتقب ليس هو كل شىء.. إنه شىء ضرورى لا جدال.. ولكن من الممكن أن تخرج نصوصه إلى النور، وأن يكون متاحاً لكل من يطلبه، وأن تكون لائحته التنفيذية موجودة، ثم لا يتغير الحال!
القصة تظل دائماً فى مناخ عام يستقبل المستثمر الوطنى، ثم الأجنبى، بما يجعل كل واحد منهما يشعر بأنه بمجرد أن يفكر فى العمل يجد أمامه ما يشده شداً إلى استثمار أمواله فى مصر، دون غيرها من البلاد المجاورة!
وإذا كان لى أن أقترح شيئاً على الدكتورة سحر نصر، باعتبارها مسؤولة هذا الملف فى الحكومة، فإننى أطالبها بأن تعيد إحياء فكرة كان الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار قبل 25 يناير، قد انتبه لها، وعمل بها على الفور!
الفكرة كانت فى قراره، وقتها، إصدار عشرة كتب عن رواد الاستثمار فى البلد، خلال فترة الحكم الليبرالى، فيما قبل يوليو 1952!
وقد كانت الكتب للأستاذ مصطفى بيومى، وكانت عن الأسماء التالية بالترتيب: فرغلى باشا، عبود باشا، فاطمة اليوسف، عبداللطيف أبورجيلة، سيد جلال، آسيا داغر، طلعت حرب، محمد فوزى، سيد ياسين، أنطون سيدهم.
الفكرة لم تكن مجرد كلام عن أسماء ثقيلة فى عالم الأعمال، مثل سيد ياسين، أو طلعت حرب، أو فرغلى باشا، ولا كانت مجرد حديث عن سيدات مناضلات بالمعنى الحقيقى للكلمة، مثل روزاليوسف، أو آسيا داغر.. ولا حتى كانت تسلية للوقت، بكتاب عن فنان رفيع المكانة، مثل محمد فوزى، ولكنها كانت، كفكرة، إحياءً للقيم التى لا استثمار على المستوى الذى نريده، ونحتاجه، إلا إذا كان الراغب فيه على يقين فى داخله، بها، وبأنها لا بديل عن أن تحكم المستثمر فى حركته، وفى مجيئه، وفى ذهابه!
الفكرة كانت أن هؤلاء عشرة من رواد الاستثمار فى بلدنا، وأنهم نجحوا ليس لأنهم فقط كانوا يملكون المال الكثير، وإنما لأنهم بالأساس آمنوا بقيم محددة، وعملوا بها، فكان استثمارهم إضافة للبلد، من كل زاوية، لا من الزاوية الاقتصادية وحدها!
إتاحة الكتب العشرة للقراء من جديد مهم، والتفكير فى إضافة عشرة أخرى إليها أهم، لأن ذلك كله يخلق بيئة مغرية لصاحب المال، أكثر ربما مما يجذبه القانون الجديد!
الاستثمار ثقافة عامة يتنفسها البلد، قبل أن يكون قانوناً مكتمل الأركان بنصوصه، وكل كتاب من الكتب العشرة يقول هذا المعنى ويؤكده.. فأعيدوا نشرها، وأتيحوا مضمونها فى كل وسيلة إعلام ليكون هواء يتنفسه مجتمع الأعمال، وغير مجتمع الأعمال!.