بقلم-سليمان جودة
كان الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو واحداً من فلاسفة فرنسيين ثلاثة، مهدوا الطريق إلى الثورة على ملك فرنسا لويس السادس عشر، فى نهايات القرن الثامن عشر، وكان كل واحد من الثلاثة صاحب كتاب شهير فى هذا الطريق، وكان كتاب روسو هو كتاب نظرية العقد الاجتماعى!.
ومن بين عبارات كثيرة قيلت على مستوى ساسة فرنسيين مؤخراً، فى مواجهة المظاهرات التى قام بها أصحاب السترات الصفراء، ولايزالون، توقفتُ أمام عبارة قالها وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان، وتوجه بها إلى الرئيس إيمانويل ماكرون!
العبارة تقول إن على ماكرون العودة إلى إبرام عقد اجتماعى جديد مع الفرنسيين، يراعى فيه الأشياء التى تثير قلق المواطنين هناك وتثير شواغلهم بقوة فى الحياه اليومية!.
والعقد الاجتماعى، كما قال به صاحبه روسو، وشاركه فى شرح أبعاده فلاسفة آخرون غير فرنسيين، يقول إن هناك دائماً عقداً غير مكتوب بين الحكومة- أى حكومة- وبين مواطنيها، وإن المواطن بموجب هذا العقد غير المكتوب، يسلّم للحكومة بأحقية وجودها فى مقاعد الحكم، فى مقابل أن توفر له الحماية والأمن فى حياته، وأن تتيح له الخدمات العامة الأساسية بمستويات آدمية تليق به كإنسان!.
وبهذا المنطق، فإن عقداً غير مكتوب يقوم حالياً بين كل مواطن، وبين حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، كما قام من قبل بين المواطن نفسه، وبين حكومة المهندس شريف اسماعيل، وكما سوف يقوم بين ذات المواطن، وبين كل حكومة مقبلة سوف تتشكل فى أى وقت!.
وعندما أتابع المبادرة الرئاسية «١٠٠ مليون صحة»، التى تنفذ وزارة الصحة مرحلتها الثانية هذه الأيام فى ١١ محافظة، فإننى أراها من الموجبات الجادة عندنا للعقد غير المكتوب المشار إليه.. فهى تسعى إلى إعلان مصر خاليةً من مرض فيروس سى فى عام ٢٠٢٠، وهى من أجل هذا الهدف تكشف على المريض، وتحلل نتيجة الكشف، وتقدم العلاج، بالمجان تماماً.. وعندما اكتشفت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، أن المرضى فى مستشفى حميات قليوب دفعوا رسوماً، عنفت إدارة المستشفى، وطلبت رد الرسوم على الفور!.. وأخشى أن يكون ذلك قد حدث فى مستشفيات أخرى، دون أن يصل أمره إلى علم الدكتورة هالة، التى أدعوها إلى إعطاء المزيد من الاهتمام لهذا الموضوع!.
فالخدمة الصحية الجيدة، والمجانية، هى أول بند فى عقد المواطن مع الحكومة، دون أن ينازعه بند آخر، وأما البند الثانى فهو التعليم- بعدهما بالطبع بنود أخرى- ولكنهما البندان الأهم فى المقدمة دون أن ينافسهما فى هذا الترتيب بند ثالث!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع