بقلم-سليمان جودة
تظل الوزيرة مشيرة خطاب سفيرة فى الأصل، قبل أن تكون وزيرة، فهى ابنة الخارجية المصرية، وتجربتها فى العمل الدبلوماسى عريضة، وبالذات فى جنوب أفريقيا وشرق أوروبا، أما تجربتها فى الترشح لليونسكو فلابد أنها قد جعلتها ترى عن قرب ماذا بالضبط يحرك الدول فى هذا العالم، وماذا يجعل هذه الحكومة أو تلك تنحاز إلى هنا، فى علاقتها مع باقى الحكومات، ولا تذهب إلى هناك فى المقابل؟!
وعلى هذا الأساس فالدكتورة مشيرة يدهشها جداً، فى رسالة جاءتنى منها، أن يتحدث السفير عبدالرؤوف الريدى عن نُبل فى السياسة الأمريكية أيام الرئيس بوش الأب، وعن إشفاق من جانبه مع الدول عموماً، ثم معنا على وجه الخصوص، إلى حد سعيه على أساس من النُبل والإشفاق معاً، إلى إسقاط ديون كانت مستحقة علينا لبلاده، ثم إلى دعم ترشيح الدكتور بطرس غالى أميناً عاماً للأمم المتحدة!
يدهشها هذا للغاية وتتساءل: منذ متى كانت مثل هذه المشاعر تؤثر فى السياسة الأمريكية وتحركها؟!.. إن المصالح الأمريكية المجردة هى المحرك، ولا محرك سواها، والرئيس الأمريكى.. أى رئيس.. لا يصنع سياسة بلاده، ولكن تصنعها أجهزة تقف فى الوراء وتفكر وتحسبها بالورقة والقلم!
وهى تضرب مثالاً بالرئيس «المسلم» باراك أوباما، الذى لما جاء إلى جامعة القاهرة وألقى علينا السلام بعربية مكسرة، ظنناه صار مختلفاً عمن سبقوه فى البيت الأبيض، وأنه سيعرف شيئاً من الموضوعية فى تعامله معنا، فإذا به كما رأيناه وعايشناه، وإذا به لا يختلف عن جونسون الذى كان رئيساً أثناء النكسة فى عام ١٩٦٧، وكان يحرض تل أبيب علينا، ولا عن نيكسون الذى أنشأ جسراً جوياً لإسرائيل ضدنا فى أكتوبر ١٩٧٣، وأرسل إليها الدبابات تنزل فى مطار العريش مزودة بالبنزين والذخيرة!
إن أى متأمل لمسار السياسة الأمريكية فى تقدير السفيرة خطاب، سوف يلاحظ أنها لا تتغير بذهاب رئيس ومجىء آخر، والأمر مع ذلك لا يخلو فى النهاية من هنات صغيرة عابرة!
وأنا أتفق مع السفيرة خطاب فى ذلك، وأعتقد أن الرئيس جيمى كارتر كان من بين الهنات التى تقصدها، عندما مارس ضغوطاً على الجانب الإسرائيلى وصولاً إلى معاهدة السلام، التى استعادت مصر من خلالها كامل سيناء، وربما لم يكن فى مقدور رئيس أمريكى آخر أن يمارس ضغوط كارتر على مناحم بيجين، فى مواجهة تهديدات السادات بالانسحاب من مفاوضات كامب ديفيد!
نظرة واحدة على موقف إدارة أوباما.. الرئيس المسلم.. من ملف طائرات الأباتشى التى كانت ستطارد الإرهاب فى سيناء، تقول إن النُبل لم يكن له محل من الإعراب عنده.. ولا الإشفاق!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع