بقلم:سليمان جودة
مثلما راهنت قبل أيام على جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، فى إنقاذ المواطنين من عواقب الاحتكار الذى يمكن أن تمارسه شركة أوبر فى الأسواق، بعد قرار استحواذها على شركة كريم، فإننى أراهن اليوم على جهاز حماية المستهلك، فى فتح الطريق أمام حصيلة قرارات الرئيس لتصل كاملةً إلى الناس!.فالمؤكد أن الرئيس يعرف أن الغالبية من المصريين تعانى فى حياتها اليومية، ويعرف أن معاناتها زادت بعد قرار تعويم الجنيه، وأن الموظف الذى كان يتقاضى ثلاثة آلاف جنيه، مثلاً، قبل اتخاذ قرار التعويم فى أول نوفمبر ٢٠١٦، قد اكتشف بعدها أن القرار نزل بقيمة هذا المبلغ فى سوق السلع إلى النصف.. أما الباقى فمن السهل أن نتصوّره، لأننا نعيشه مع هذه الغالبية، بدءاً من نوفمبر ١٦ إلى هذه الساعة!.وربما نذكر الآن أن رأس الدولة كان لا يترك فرصة تمر، منذ اتخذ البنك المركزى ذلك القرار، دون أن يشير إلى أن الشعب فى غالبيته، هو البطل فى عملية الإصلاح التى بدأت مع قرار المركزى، ولاتزال، وأن هذه القدرة على التحمل التى أبداها الشعب، تظل محل تقدير لدى الدولة فى مستوياتها العليا!.ولم يكن الرئيس يكشف عن أنه يفكر فى طريقة يعوّض بها هؤلاء الناس، ويخفف عنهم قدراً من المعاناة، إلى أن جاءت زيادات المعاشات والأجور، دليلاً على أنه لم يكن يريد أن يتكلم عن شىء يريد أن يقدمه للذين تحملوا، إلا إذا كان هذا الشىء جاهزاً فى يده!.وإذا كان مجلس الوزراء سوف ينعقد اليوم، ليرى كيف يمكن ترجمة قرارات الرئيس إلى واقع حى على الأرض، ابتداءً من يوليو المقبل، فهذا شىء جيد فى حد ذاته، ولكن ما هو أهم منه، أن يكون جهاز حماية المستهلك شريكاً فاعلاً فى الموضوع، من هنا إلى أول يوليو، ثم إلى ما بعده على طول الطريق!.والهدف هو أن تكون أسعار السلع الأساسية، فيما بعد هذا التاريخ، هى نفسها التى تعرفها الأسواق هذه الأيام، وصولاً إلى الأول من يوليو.. وإلا.. فالتجار الجشعون المحترفون سوف يعرفون كيف يجعلون زيادات الأجور والمعاشات، تصب فى جيوبهم بدلاً من جيوب الملايين من المصريين!.وأخشى ألا ينتظر هذا النوع من التجار إلى أول يوليو، وأن يبدأوا منذ الآن فى تحويل مجرى القرارات، وفى التخطيط للالتفاف عليها بكل وسيلة ممكنة!.اللعبة بين التاجر الجشع والمستهلك المسكين لعبة قديمة، ومعروفة، ومحفوظة، والرهان هذه المرة هو على شل قدرة مثل هذا التاجر على أن يلعبها من جديد.. وعندها.. ستصل حصيلة هذه القرارات الشجاعة إلى مستحقيها، مُسجلة، وبعلم الوصول.