بقلم-سليمان جودة
فى العاشر من هذا الشهر سوف تبدأ القاهرة رئاستها للاتحاد الأفريقى، وسوف تكون هذه بداية لمرحلة من العمل المختلف على مستوى دول القارة السمراء، وسوف نلاحظ أن أفريقيا تشهد منذ فترة تواجداً صينياً قوياً، أدى إلى هرولة أمريكية وراءه تحاول أن تتوازى مع الوجود الصينى وتسبقه!
وليس سراً أن الصين هى أولى دول العالم الكبيرة التى استطاعت أن ترى فى هذه القارة ما عجزت دول كبيرة سواها عن رؤيته، وقد فعلت هى ذلك فى وقت مبكر، وبمهارة عالية، وعندما تنبهت الولايات المتحدة الأمريكية فإنها جاءت متأخرة، ولكنها تصرفت بمنطق أن الإنسان يأتى متأخراً أفضل من ألا يأتى.. وكذلك الدول.. تأتى خلف الصين خير من أن تتخلف عن المجىء!
ولذلك، بدا غريباً جداً أن تقرر واشنطن فى نهايات 2019 وضع استراتيجية متكاملة لمواجهة المد الصينى فى دول القارة، وهى استراتيجية أعلن عنها جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، الذى لا يجاهر بشىء قدر جهره بكراهيته العرب والمسلمين! وليس سراً أيضاً أن قصر الرئاسة السودانية الأنيق، الذى يقيم فيه الرئيس عمر البشير، بناه الصينيون وقدموه هدية جاهزة للحكومة فى الخرطوم!
وعندما يكون الأمر على هذا النحو فى السودان، فلابد أن الأمر لا يمثل حالة فريدة من نوعها فى هذا الاتجاه، ولابد أن نتوقع أن ما بادرت به الحكومة الصينية فى علاقتها مع الخرطوم قد بادرت به وبما هو أكثر منه فى تعاملاتها مع باقى العواصم الأفريقية.. فليس أغنى من أفريقيا فى الموارد الطبيعية بالذات، وليس أبرع من بكين فى اكتشاف هذه الموارد، وفى التنقيب عنها إلى آخر الطريق!
ومن صورة الاجتماع، الذى دعا إليه الرئيس السيسى، صباح السبت، يتبين أن الدولة المصرية ترى لنفسها حركة أفريقية مغايرة هذه المرة.. وأنت تستطيع أن تقرأ هذا وتستنتجه، من خلال استطلاع أسماء المسؤولين الذين دعاهم الرئيس إلى اللقاء!
فالعادة قد جرت على أن تكون «الخارجية» موجودة عند بدء كل خطوة أفريقية.. فهذا هو عملها، وتلك هى مهمة من بين مهماتها.. وحين دعت وزارة الاستثمار إلى مؤتمر «أفريقيا 2018» فى شرم الشيخ، أول ديسمبر الماضى، بحضور عدد من الرؤساء الأفارقة، كان المؤتمر يحمل إشارة إلى أن خطواتنا فى القارة لم تعد سياسية وفقط، وأنها خطوات قد بدأت فى الجمع بين السياسة والاقتصاد والمال!
ولكن الشىء اللافت أن وزراء التعليم العالى، والثقافة، والصحة، والأوقاف، كانوا مدعوين إلى الاجتماع الرئاسى.. وكان المعنى أن الثقافة، مثلاً، على موعد مع دور أفريقى، وكذلك الصحة، ومعها «التعليم العالى» و«الأوقاف»!
وهذا يدل على أننا ندخل إلى القارة هذه المرة بوعى من نوع آخر.. وهذا مما يبعث على الأمل!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع