بقلم-سليمان جودة
وجوه الشبه بين ما حدث عندنا فى 25 يناير 2011 وما بعدها، وبين ما يجرى هذه الأيام فى الجزائر، تبدو مثيرة للتأمل فعلاً!.
فالرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة عاد، الإثنين الماضى، من رحلة علاج فى سويسرا دامت أياماً، وبمجرد العودة اتخذ قرارات مفاجئة، كان من بينها أنه أعلن تأجيل انتخابات الرئاسة، التى كان من المقرر إجراؤها 18 إبريل المقبل، وقرر سحب اسمه من السباق الرئاسى، بعد أن كان قد تقدم بأوراقه، ودعا إلى عقد مؤتمر حوار وطنى يشمل الجزائريين جميعاً، على أن يعقبه وضع دستور جديد للبلاد، يحقق فكرة العدالة الاجتماعية بين المواطنين كما يجب، ويقود خلال سنة إلى سباق رئاسى لن يكون هو بين المرشحين فيه!.
وما إن أعلن ذلك حتى خرج الجزائريون بالآلاف فى الشارع يحتفلون، بعد أن كانوا خلال رحلة علاجه قد نظموا مظاهرات ضخمة ترفض ترشحه، وتدعوه إلى الانسحاب فوراً!.
وقد بدا تأثير قراراته هذه على الشارع شبيهاً إلى حد بعيد بخطاب حسنى مبارك، الذى ألقاه فى أول فبراير 2011، وأدى وقتها كما يذكر الجميع إلى ارتياح فى الشارع، ثم إلى هدوء ورغبة فى الكفّ عن التظاهر، بل أدى إلى قدر ملحوظ من التعاطف مع مبارك بين قطاعات المتظاهرين!.
ولكن.. ما كادت ساعات تمضى حتى كانت معركة الجمل الشهيرة قد وقعت، وحتى كانت قد حولت التعاطف إلى رفض من جديد، وحتى كانت قد أثارت الشارع عليه من جديد أيضاً!.
وكان «بوتفليقة» على موعد مع شىء مشابه.. فما كاد الشارع الجزائرى يهدأ بفعل قراراته، وما كاد الجزائريون يحتفلون، وما كادوا يهنئون بعضهم البعض على استجابة الرئيس لمطالبهم، وما كادوا يرفعون الأعلام وشارات النصر، حتى كان الشارع نفسه قد انقلب بقدرة قادر فى اليوم التالى مباشرةً.. تماماً كما جرى هنا.. فصارت لهم مطالب أخرى، وصار للمطالب سقف آخر، يصل إلى التمسك برحيل جميع رموز النظام الحاكم، الذى يجلس الرئيس «بوتفليقة» على القمة فيه!.
فمَن أثار الشارع فى الجزائر بهذه السرعة، وما الهدف؟!.. ليس هناك جواب واضح.. بالضبط كما لا يعرف أحد إلى الآن مَنْ على وجه التحديد الذى اخترع معركة الجمل، بما أدى إلى إفراغ خطاب مبارك من مضمونه، وإخلاء الشارع من التعاطف الذى كان قد انتشر فيه!.
غير أن الأهم فى هذه اللحظة ألا يكرر الأشقاء فى الجزائر أخطاء «الربيع العربى» وخطاياه.. إن عاماً مُضافاً تحت حكم «بوتفليقة»، تنتقل خلاله السلطة بهدوء، أفضل مهما كانت مرارته من عواقب قفز تيار بعينه على الكرسى، لو جرى إسقاط الرئيس الجزائرى غداً بتسخين الشارع عليه!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع