بقلم-سليمان جودة
حكاية وطن.. كان هذا هو عنوان الحلقة التى أعدها قطاع الأخبار فى التليفزيون، وأذاعتها القناة الأولى والفضائية المصرية فى الثامنة من مساء أمس الأول، وكان الهدف أن يقال للمصريين من فوق الشاشة الأولى فى ماسبيرو، إنهم إذا كانوا يرفعون شارة الوداع لعام مضى، ويتهيأون لاستقبال عام آخر سوف يجىء، فالعام الذى انقضى عرف أعمالاً وطنية كبيرة يجب أن توضع أمامهم فى برواز!
أما التى قامت بهذه المهمة فهى الأستاذة هناء سمرى، وأما الذى كان يتحرك مع الكاميرا فى كل مكان، مشيراً للمشاهدين هنا وهناك فى همّة لا تغادره، فهو اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة.. فالرجل عليه أن يمسك الخشب فى كل لحظة، خشية من عين حسودة من الوارد أن تظل تتابعه!
كانت رحلة فى الحلقة دامت ساعة كاملة، وكان اللواء كامل حاضراً فى كل مشهد، ومعه المذيعة سمرى تلاحقه وتسأله، وكانت الكاميرا تسبقهما، وكانت بداية الرحلة فى بحيرة المنزلة، ونهايتها عند أنفاق بورسعيد، وكان الوعد من الرجل بأنه ملتزم أمام الرئيس بأن يتم الإنجاز فى موعده، وبأن الخامس والعشرين من أبريل المقبل.. ذكرى عودة سيناء كاملة.. سوف لا يأتى، إلا وأنفاق الإسماعيلية وبورسعيد الأربعة تعمل معاً، فتربط أرض الفيروز بالوطن الأم، ويتحرك المصريون من سيناء وإليها عبر أنفاق ممتدة الى ثلاثة كيلو مترات فى بورسعيد، وستة كيلومترات فى الإسماعيلية!
وربما تكون هذه من المرات النادرة التى نعمل فيها من أجل سيناء، بدلاً من مجرد الكلام عنها والغناء لها، فلقد تكلمنا عنها، وعن مساحتها، وعن ثرواتها، بما يكفى ويزيد، وغنينا لها الكثير منذ تحررت على يد البطل أنور السادات، والجيش المصرى العظيم، ولابد أن الأوان قد جاء لننتقل من مربع الغناء والكلام عنها، الى خانة العمل فى سبيلها، وقد كان حديث رئيس الهيئة الهندسية من موقع العمل ذاته إشارة كافية فى هذا الاتجاه!
وعندما تحركت الكاميرات من موقع المنزلة، حيث الكراكات الضخمة تتولى أعمال التطهير، إلى موقع بورسعيد حيث الحفارات الأضخم تشق بطن الأرض نفقين، راحت المذيعة سمرى تلتقط أنفاسها، وهى تشير إلى طول المشوار بين الموقعين، ولكن اللواء كامل كان يرد فيقول إن المشوار الطويل ليس هو الواقع بين المنزلة وبورسعيد، ولكنه المشوار الذى يصل إلى تحقيق أحلام مُستحقة لأبناء هذا البلد!
وكان الرجل على حق.. فما أكبر الأحلام فى داخلنا.. وما أطول المشوار أمامنا!
فمن بين الأحلام لدى آحاد الناس، مثلاً، أن تعود المنزلة إلى سابق عهدها، ومعها ١١ بحيرة متناثرة على امتداد البلد، وأن تنتج من الأسماك ما يجعل كل مواطن قادراً على الحصول عليها بالمجان، أو بما يقترب من المجان، فليس من المقبول أن تكون هذه هى شواطئنا الممتدة لألف كيلو متر على البحر المتوسط، ومثلها على الأحمر، وكذلك على جانبى النيل من أسوان إلى الإسكندرية، ثم نستورد أسماكاً من فيتنام بالدولار!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع