بقلم-سليمان جودة
خبر اختيار السيدة ريا الحسن وزيرة للداخلية فى لبنان، جاء فى الصفحات الأولى من الجرائد، باعتبارها المرة الأولى التى تتولى فيها امرأة هذا الموقع فى العالم العربى.. ويبدو أن الشيخ سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى، قد وجد فى هذا الاختيار الفريد من نوعه، تعويضاً مناسباً عن تأخر تشكيل الحكومة تسعة أشهر كاملة!.. فالحكومة كان من المفترض أن تخرج إلى النور فى مايو الماضى، ولكن الخلافات بين التيارات السياسية فى البلد، أخرت التشكيل إلى الأول من هذا الشهر!.
ومن ملف الوزيرة ريا تقرأ أنها كانت وزيرة للمالية من عام ٢٠٠٩ إلى عام ٢٠١١، وأنها كانت وزيرة ناجحة فى منصبها السابق، وأن هذا كان سبباً مُضافاً بين أسباب اختيار الشيخ سعد لها.. فهى وزيرة سابقة ناجحة، وذات كفاءة، ثم إنها بارعة فى اختيار مساعديها.. ومما قيل بعد اختيارها أن رئيس الوزراء كان يريد هذه الصفات ليختار صاحبها، ولم يكن يهمه أن يكون صاحبها رجلاً، أو يكون امرأة!.
وإذا كانت لبنان قد سبقت فاختارت امرأة لهذا المنصب الخطير، فالقاهرة كانت قد سبقت ربما بما هو أهم، عندما كان أحمد لطفى السيد، وزيراً للداخلية، فيما قبل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وكان المعنى أن مصر لم تتردد ذات يوم فى أن يكون وزير داخليتها رجلاً اشتهر بأنه مفكر، وأنه أديب، وأنه كاتب، وأنه صاحب مؤلفات.. وقبل ذلك كله كان صاحب رأى وموقف!.
وفى مذكرات الدكتور محمد حسين هيكل باشا، الذى كان وزيراً للمعارف، ورئيساً لمجلس الشيوخ، ورئيساً لحزب الأحرار الدستوريين، ثانى أقوى الأحزاب وقتها بعد الوفد، أنهم عرضوا عليه منصب وزير الداخلية، ولكنه رفض وفضّل المعارف التى أصبح اسمها وزارة التربية والتعليم!.
وسوف تجد أمثلة كثيرة من هذا النوع، على امتداد الفترة الليبرالية التى انتهت بقيام ثورة يوليو، وقد كان المعنى فى كل الأحوال أن الوزير رجل سياسة بالأساس، وأن وزير الزراعة.. مثلاً.. ليس من المهم أن يكون مهندساً زراعياً، ولا من الضرورى أن يكون وزير المالية محاسباً، ولا.. ولا.. إلى آخره.. فوكيل الوزارة الأول فى كل وزارة يقوم بكل هذه الأمور الفنية وأكثر.. أما الوزير فهو رجل سياسات بامتياز!.
ولهذا السبب كان فؤاد باشا سراج الدين وزيراً للداخلية، والمالية، والمواصلات، والزراعة، والشؤون الاجتماعية، وكان ناجحاً فيها كلها بالدرجة نفسها، وكان أداؤه فيها عالياً وكأنه قد درس تخصصاتها جميعاً!.
وفى يوم من الأيام كان الدكتور ولايتى وزيراً لخارجية إيران، وقد كان طبيباً ولم يكن دبلوماسياً على الإطلاق.. والدكتور إبراهيم العساف وزير الخارجية السعودى، رجل اقتصاد فى كل مراحل حياته، ولم يخدم فى الخارجية يوماً واحداً قبل اختياره وزيراً فى آخر تشكيل حكومى سعودى!.
اختيار ريا الحسن عودة لبنانية إلى وضع النقاط فوق حروفها!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع