بقلم : سليمان جودة
كأن الأرض قد انشقت عن عناصر حماس بمجرد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 19 من هذا الشهر.
ففى اليوم نفسه امتلأ ميدان السرايا فى مدينة غزة بالغزاويين يحتفلون بوقف الحرب، ولكن القصة لم تكن فى أن الميدان امتلأ بهم، ولا فى أن الغزاويين ملأوه عن آخره، وإنما القصة كانت فى أن عناصر حماس ظهروا بأعداد كبيرة يحيطون بالناس من كل اتجاه، وهُم فى كامل الزى العسكرى والسلاح!.
يومها كان الإسرائيليون يتسلمون ثلاث محتجزات، وكانت حماس تتولى تسل يم المحتجزات الثلاث، وكانت كل محتجزة تحمل هدية من الحركة، وكانت الهدية عبارة عن حقيبة صغيرة عليها عَلَم فلسطين وبداخلها أمر الإفراج!.
وتساءل كثيرون: كيف جرى إعداد الهدية بالشياكة التى ظهرت عليها فى يد كل محتجزة؟ وأين جرى إخفاء المحتجزات الثلاث لمدة ٤٧١ يومًا تحولت خلالها غزة إلى كوم تراب؟.. والسؤال الأهم: إذا كانت إسرائيل لم تترك طوبة فى غزة فى مكانها، فمن أين جاءت عناصر حماس بهذه الأعداد الكبيرة فى ميدان السرايا؟ وأين كانوا يختبئون لمدة تصل إلى أكثر من السنة؟.. تساؤلات وأسئلة بلا عدد، وكلها كانت تقف عاجزة أمام مشهد عناصر الحمساوية فى كامل الزى والسلاح!.
وبالطبع فإن البعض تطوع بتقديم إجابات، وكان التفسير الذى التقت عليه كل الإجابات أن حماس قصدت أن يكون المشهد على الصورة التى تابعناها فى الميدان.. قصدت ذلك لتقول شيئين: إنها لا تزال قائمة وموجودة ومتماسكة، وإنها لا بد أن تكون مشاركة فى تفاصيل «اليوم التالى» فى غزة!.
ومنذ أيام كانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد قالت إن فى حماس سنوار آخر، وإن اسمه محمد السنوار، وإنه شقيق يحيى السنوار الذى سقط فى الحرب، وإن السنوار الشقيق يعيد بناء حماس من جديد.. والحقيقة أن ما قالته الصحيفة يجيب فى جانب منه على التساؤلات والأسئلة التى طرحها مشهد عناصر الحركة بكامل الزى والسلاح.
وإذا كان بنيامين نتنياهو قد راح يردد فى بدء الحرب أن هدفها القضاء على حماس، فلقد كان جادًا فيما قال إلا قليلا.. كان جادًا بمقدار وبنسبة محددة، لأن بقاء حماس فى قطاع غزة مصلحة إسرائيلية، ولأن فى بقائها شقًا للصف الفلسطينى.. ولكن هذا ما لا يريد الحمساويون أن ينتبهوا إليه، وإذا انتبهوا فسرعان ما يقفزون فوق الموضوع عن قصد أو عن غير قصد، لا فرق، لأن النتيجة واحدة.